Thursday 15th may,2003 11186العدد الخميس 14 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله
حمد عبدالله القاضي (*)

* لقد احترت كثيراً - بسبب ما غشاني من ألم - وأنا أريد أن أكتب عن أحداث التفجيرات الإرهابية التي استهدفت الإساءة إلى عقيدتنا وبلادنا وأبنائها.. وعلاقتها مع الآخرين!
أجل لقد احترت لأن «هول الأمر» شلَّ فكري، وأصمت قلمي!
إنني عاجز عن أن أتصور أن «مواطناً» يقدم على الإساءة إلى وطنه، وقتل أهله وعشيرته، وإزهاق أرواح دخلت بلادنا بعهد وعقد!
إن هذا ضد تعاليم الإسلام، فقتل النفس من أعظم الجرائم التي يمكن أن يقوم بها الإنسان فالله يقول: {وّمّن يّقًتٍلً مٍؤًمٌنْا مٍَتّعّمٌَدْا فّجّزّاؤٍهٍ جّهّنَّمٍ خّالٌدْا فٌيهّا} ورتب الإسلام أشد العقاب على قتل النفس غير المسلمة، فرسول الإسلام صلى الله عليه وسلم يقول: «من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة»!
أجل من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، هكذا يقول رسول الإسلام، ولكن الإرهابيين الذين يدَّعون الإسلام - مع كل أسى - أجهل الناس بالإسلام.. فكيف يقتلون أنفسهم وغيرهم والله حرّم ذلك في محكم كتابه.
* * *
ماذا يريدون؟
* ترى ماذا يريد هؤلاء «الأشرار الإرهابيون» بنا وببلادنا، ماذا يريدون من قتل «مواطنيهم» وإزهاق أرواح المعاهدين على أرضنا، وتخريب بيوتهم بأيديهم.
إننا براء منهم، كما تبرأ نبي الله نوح من ابنه.. إنهم ليسوا من أهلنا فهم عمل غير صالح ردَّ الله كيدهم في نحورهم.
لقد ساءهم وساء من يقفون وراءهم خارج بلادنا «أمن بلادنا».. هذا الذي سوف يقف بحول الله صخرة في وجه كل حاقد وحاسد، ولن ينال منه عمل إرهابي جبان، بل إنه سوف يقويه ويزيد مناعته ومنعته، فالله - من فوق سبع سماوات - تكفل بأمن هذه البلاد - بلاد الحرمين - {أّوّ لّمً يّرّوًا أّنَّا جّعّلًنّا حّرّمْا آمٌنْا وّيٍتّخّطَّفٍ النَّاسٍ مٌنً حّوًلٌهٌمً} * العنكبوت: 67* .
إن هؤلاء الإرهابيين هم الخاسرون دنيا وأخرى، وسوف يبقى هذا الوطن آمناً، وسيبقى أبناؤه ومن يعيش على أرضه آمنين!
إن هؤلاء المجرمين ومن يقف معهم كلما أوقدوا ناراً للإرهاب سوف يطفئها الله.
* * *
لن يضرونا شيئاً
* إن علينا أن نخذل هؤلاء بفهم إسلامنا بكل ما يحمله من سماحة وسلام، وأن نحرص على بلادنا ونحفظ أمنها ولن يضرنا من خذلنا، ولن يضيرنا من شذ منا وأراد أن يروِّعنا ويروِّع المقيمين في بلادنا «إن الضربة التي لا تقتل - كما يقول المثل - تقوي»!
لقد عانت بلادنا من قبل من أعمال إرهابية قذرة لكن ذلك - بحمد الله - لم يؤثر عليها أو على أمنها، بل تجاوزتها حتى أصبحت أكثر قوة وثباتاً وأمناً، وانقلبت بنعمة الله وفضل {الّذٌينّ قّالّ لّهٍمٍ النّاسٍ قّدً جّمّعٍوا لّكٍمً فّاخًشّوًهٍمً فّزّادّهٍمً إيمّانْا وّقّالٍوا حّسًبٍنّا اللّهٍ وّنٌعًمّ الوكٌيلٍ} * آل عمران: 173* .
وسوف نتجاوز هذه الأحداث بمشيئة الله.
* * *
الإسلام براءٌ منها
إن ما يؤلمني ويؤلم كل مسلم ربطُ هذه الأعمال الإجرامية بالإسلام.
ترى أين الإسلام الحق من هذه الأعمال الإرهابية.
إن الإسلام بريء منها، إن الإسلام لم ينهنا - فقط - عن عدم الإساءة لمن يخالفنا في ديننا، بل أمر بالبر بهم والإحسان إليهم ما داموا لم يحاربونا ويخرجونا من ديارنا «التي نسكن فيها» فالله يقول بنص القرآن {لا يّنًهّاكٍمٍ اللّهٍ عّنٌ الذٌينّ لّمً يٍقّاتٌلٍوكٍمً فٌي الدٌ ين وّلّمً يٍخًرٌجٍوكٍم مٌَن دٌيّارٌكٍمً أّن تّبّرٍَوهٍمً وّتٍقًسٌطٍوا إلّيًهٌمً} * الممتحنة: 8* .
فكيف بالإساءة بقتل وترويع من دخل بلادنا بعهد بيننا وبينه أمرنا الله بإيفائه {$ّأّوًفٍوا بٌالًعّهًدٌ إنَّ پًعّهًدّ كّانّ مّسًئٍولاْ} * الإسراء: 34* ، بل كيف بالإساءة لمن دخل بلادنا مسالماً متعاوناً معنا لما فيه مصلحة بلادنا وأبنائها، بل كيف بالإساءة وقتل إخوتهم في الدين والوطن.
آه من الجهل بالإسلام وتعاليمه!
* * *
رؤى لقطع دابر الأحداث
* بقي أن أتوقف عدة وقفات مهمة على أثر تداعيات هذه الأحداث للتخفيف منها وقطع دابرها:
* الأولى: تماسك الجبهة الداخلية:
* ذلك أن نسعى لتقوي هذه الأحداث الإرهابية الجبانة «في الليل البهيم» جبهتنا الداخلية تماسكاً وقوةً، وأن نكون يداً واحدة متكاتفة مع الدولة للوقاية من هذه الأعمال، واحتواء آثارها على أمننا وتماسكنا، فنحن في «مركب واحد»، وما يضر بهذا الوطن وأمنه يضر بنا جميعاً دولةً ومواطنين.
* * *
* الثانية: تكثيف الخطاب الإسلامي المتعايش مع الآخر
* السعي إلى تقديم الخطاب الإسلامي التسامحي «الرافض للإرهاب» والداعي إلى التعايش مع الآخر، والحاث على السلام، وهذا دور العلماء والخطباء، ورجال الإعلام والقلم والكتَّاب عامة.. بحيث يرتكز هذا الخطاب على بيان سماحة الإسلام وعلى الحوار لمواجهة الفكر المنحرف وتبيان خطئه وآثاره على الدين والوطن والناس.
* * *
* الثالثة: حدودنا ومنشآتنا المستهدفة ودعم حمايتها
* مع اتكالنا على الله لا بد أن نزيد من حماية حدودنا، وأن نكون عوناً للجهات الأمنية على الحدود في منع دخول الأسلحة والإرهابيين، ولعل قوات الأمن وسلاح الحدود تحتاج إلى من يساعدها من القوات الأمنية الأخرى سواء من الجيش أو الحرس، أو قوى أخرى لتحكم قبضتها على المنافذ بحيث لا يهرَّب منها سلاح، أو ينفذ عن طريقها مجرم.. كذلك الشأن في «حراسة بعض المواقع داخل المدن» إنه لا تكفي «الحراسة العادية» على هذه المواقع، لا بد من حراسة مدربة وقوية ومعها عتادها لحراسة وحماية هذه المواقع المستهدفة، والتي نسأل الله أن تكون مثل هذه الأعمال الإرهابية هي آخر أعمال تكدر صفونا، وأمننا.
* * *
* الرابعة: ليكن وطننا هو همنا بعد اليوم:
* علينا دولة ومواطنين ومقيمين أن نجعل «هموم وشؤون هذا الوطن الذي نعيش فيه» هي همنا وشأننا الأول.
فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول»، لقد بذلنا من أجل غيرنا الأموال والدماء والمواقف، بل عرَّضنا علاقتنا مع الدول الأخرى للاهتزاز بسبب مواقفنا وشهامتنا ولكن - مع الأسف - لم يقدر الكثيرون مواقفنا ولا تضحياتنا.. بل إن البعض - ويا للأسى - يتنكر لنا ويشمت بنا عندما يصيبنا أي مكروه «حمى الله بلادنا من كل مكروه»، ولكن - بحول الله - أرضنا وأمننا كما قال الحكيم:
كناطح صخرة يوماً ليوهنها
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
* * *
* الخامسة والأخيرة:
هذا وقت الدعاء لبلادنا قبل غيرها
* إن هذه الأيام هي وقت القنوت والدعاء لهذا الوطن الغالي.. الغالي.. وعلى أئمة مساجدنا كما كانوا يدعون لغيرنا وللبلدان الأخرى أن يدعوا اليوم وكل يوم لبلادنا بأن يحفظها ويحفظ عليها أمنها وإيمانها، وأن يحفظ علينا وعلى إخوتنا المقيمين طمأنينتنا «فلا عيش لخائف».
فيا أبناء وطني، ويا أيها المقيمون على أرضه لندعو الله جميعاً:
اللهم احفظ بلادنا
اللهم أدم عليها أمنها وإيمانها
اللهم رد كيد أعدائها من الأقربين والأبعدين إلى نحورهم
اللهم زدنا إيماناً فلا تضعفنا الأحداث، وزد بلادنا قوة فلا تؤثر عليها الأعمال الجبانة.
اللهم آمنا في أوطاننا، واحفظ عاصمة بلادنا وقرة عين بلادنا «رياضنا الغالية».
لنردد هذه الدعوات في صلاتنا وقنوتنا قائمين وقاعدين.
اللهم احفظ هذا الوطن الغالي وأبناءه والمقيمين على أرضه.
آمين.. آمين.. آمين
فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين.

(*) عضو مجلس الشورى

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved