Thursday 15th may,2003 11186العدد الخميس 14 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

العابثون بأمن أرض الحرمين ودولة التوحيد العابثون بأمن أرض الحرمين ودولة التوحيد
عبدالعزيز بن محمد القنام(*)

انه لمن المؤسف حقا ومن المحزن حقا ان يسمع المسلم بين وقت وآخر ما تهتز له النفوس حزنا وترتجف له القلوب اسفا، وما يتأثر به المسلم حيث كان واينما كان من تلك التفجيرات الآثمة، وتلك الاعتداءات الظالمة، التي يقوم بها قوم ظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم وأجرموا واعتدوا وبغوا وأفسدوا فسادا عظيما ولا حول ولا قوة الا بالله.
إن التفجير الذي وقع يوم الاثنين مساء الموافق 11/3/1424هـ في عاصمة بلادنا الحبيبة مدينة الرياض حرس الله بلاد الحرمين وحفظها، وادام الله عليها الامن والامان، لقد دوى صوت التفجير معلنا عن وجود فئة ضالة مخربة مجرمة لا يروق لها ان تأمن البلاد ويطمئن العباد فامتدت يد آثمة في هزيع الليل بعملية ارهابية انتحارية لتخرب وتدمر وتروع وتفسد في الارض وتهز امن البلاد والعباد وتخوف المقيم والوافد، وفي اي ارض، انها ارض الحرمين في ارض دولة التوحيد بين المسلمين الذين هم مقصد كل الناس في جميع الدنيا ، ينظرون الى بلادهم على انها بلاد امن واطمئنان فإذا يد الغدر الآثمة تبيت الجريمة النكراء والفعلة الشنعاء ومن المستفيد من ذلك الا اعداء الاسلام والمسلمين، انها جريمة بشعة وعمل ارهابي قبيح وفعل دنيء ونتاج فكر خبيث لا يقدم عليه الا مريض قلب وضعيف دين وانسان فيه هوس وفيه حب للشر والفساد والإفساد.
ابدا لا يقدم عليه عاقل يحترم نفسه ولا يقدم عليه خير يخاف الله ويرجوه، ولا يقدم عليه مواطن وفي يحس بأمن الجماعة ويتحرك بما ينفع الناس، ان من أقدم على هذا العمل هو عدو لله وللاسلام والمسلمين والانسانية جمعاء، بل إنه عدو لنفسه اولا ثم عدو لأهله وقومه وجيرانه والمستجيرين به والمستأمنين الذين قدموا ليعملوا وليشيروا ليستفاد من خبرتهم بعهد ووعد وميثاق فإذا هم يغتالون وهم نائمون وتتمزق اجسادهم اشلاء في ديار الاسلام والمسلمين.
إن هذا العمل قبيح وغدر فظيع وجرم مروع نبرأ الى الله من ان يرضى به مسلم في قلبه مثقال ذرة من ايمان ثم ما الفائدة، الفائدة اضرار بأمن البلاد والعباد واضرار باستقرار البلاد واضرار بسمعة الاسلام والمسلمين لا يخدم هذا العمل الا اعداء الاسلام والمسلمين، فلا شك ان الارهاب جريمة عالمية ليست مقصورة على بلد دون بلد والارهاب قد وجد في القديم وفي الحديث، الارهاب هو الفساد في الارض وحب الجريمة وحب الاضرار بالناس، وهذا يوجد حيثما يوجد البشر في القديم وفي الحديث وفي الماضي والحاضر وفي ديار الاسلام وفي غير ديار الاسلام، لقد وجد الارهاب في اول مجتمع على وجه الارض يوم قام قابيل بقتل اخيه هابيل لا لشيء الا لحب الشر عند القاتل وبغض للخير الموجود عند المقتول لماذا، يكون هذا المقتول صالحا ولماذا يكون هذا المقتول متقبلا منه العمل { قّالّ لأّقًتٍلّنَّكّ } لماذا لان هذا موفق للخير وهذا عاجز عن الوصول الى الخير فلم يجد حيلة امامه سوى الانتقام والتخريب والإفساد هذا اول عمل ارهابي وجد على ظهر الارض. وفي المجتمع النبوي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم جاء قوم بهم من الفقر والبأس والحاجة والشدة مما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يدعو المسلمين ان يتصدقوا عليهم وليكسوا عريهم ويشبعوا بطونهم ثم ألحقوا بإبل الصدقة ليشربوا من ألبانها ويستفيدوا منها ويعيشوا مع رعاتها فلما صحت ابدانهم وزانت احوالهم بغوا وطغوا فقتلوا رعاة النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا الابل فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم في اثرهم من جاء بهم من المسلمين فجيء بهم الى المدينة فقتلوا وسمل النبي صلى الله عليه وسلم أعينهم جزاء وفاقا لعملهم الارهابي القائم على التخريب والإفساد في الارض، ومنذ ذلك الحين واحداث الارهاب والتفجير والقتل والتدمير تجتاح الدنيا من شرقها الى غربها، هذا عمل الخوارج الذين هم في الصدر الاول، وفي كل وقت يظهر فيه دعاة التكفير ودعاة الفتن المستبيحون لأعراض المسلمين ودمائهم واموالهم ان الخوارج في كل وقت وحين هم الذين يقدمون على هذه الاعمال الشنيعة والافعال القبيحة لماذا؟ لانهم كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم كلاب اهل النار يقتلون اهل الاسلام ويتركون اهل الاوثان، وقد أثبت التاريخ مصداقية هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم فرأى الناس الخوارج ينتسبون للاسلام ويقتلون المؤمنين ويروعون الآمنين ويفسدون في ديار الاسلام والمسلمين وهم جبناء اذلاء لم يستطيعوا ان يواجهو في وضح النهار ولم يستطيعوا ان يقارعوا الحجة بالحجة فلجأوا الى الخيانة والغدر والعمل الآثم ان من قام بهذا التفجير اشخاص جبناء رديئون خسيسو الانفس والطباع ذليلون. نعم ان الارهاب وجد في دول اكثر منا تقدما في التقنية الامنية واكثر استعدادا بالاجهزة والعدد، ومع ذلك وجد الاجرام ووجد الفساد فهذه سنة من سنن الله وهذا قضاء من اقضية الله سبحانه وتعالى لا يعني الضعف في البلاد ولا يعني التقصير من اهلها ولكنه ابتلاء وامتحان واختبار ليظهر الله به اهل الايمان من اهل النفاق، اهل الايمان يشجبونه ويستنكرونه ويبغضون العمل ويدعون على الفاعل ويتضامنون مع اولياء الامور واهل النفاق يبررون وفرحون ويسرهم ان يروا النكد والخوف والذعر في البلاد.
ان هذه الامور التي تحدث انما هي ابتلاء واختبار ليميز الله الخبيث من الطيب ويظهر صدق الولاية عند اهل الايمان وصدق العزم عند اهل الاحسان وصدق الاهتمام بأمر المسلمين عند من يدعون الخير ويظهر اهل النفاق واهل التبرير واهل التسويف والاعذار اعاذنا الله واياكم من اعمال المجرمين وأفعال المفسدين المخربين، ولاشك وكما يعلم الجميع ان من سلك طريق التفجير والارهاب لا يحقق مقصده ولا يصل الي هدف ولا يحصد الا الندم والخزي والبوار ان الارهابيين هم خفافيش الظلام وانهم كالعقارب والحيات يلدغون ويضرون بالناس ولكنهم لا يستطيعون ان يفعلوا شيئا لقد رضوا بأن يكونوا مصدر إزعاج وقلاقل وفتن وعليهم من الله ما يستحقون من لعائنه وغضبه وعظيم انتقامه، ان هؤلاء الارهابيين قرناء لإبليس الذي قطع العهد على نفسه ان يفسد في البلاد والعباد وان يضلل الناس ويغويهم فهؤلاء جنده ومعاونوه يهيئهم حتى ينفذوا له ما يمليه عليهم، لا يعجبهم ان يأمن الناس ولا يعجبهم ان يطمئن الناس، ولا يعجبهم ان تزدهر البلاد، ولكن يعجبهم ان يروا الاشلاء والدمار والأنقاض والدماء والتخريب والتخويف تزدهر أطماعهم ولتنمو تجارتهم المحرمة.
نعم ان كان الارهاب موجودا في دول العالم، فإنه في بلادنا ولله الحمد هو الاقل وهو النادر والاقل جدا وهذا بفضل الله تعالى ثم بفضل تطبيق الشريعة الاسلامية وتكاتف الراعي والرعية اكبر دليل على ذلك التضامن اعلان الغضبة الكبرى التي عمت الناس جميعا في بلادنا اثر سماع هذه الاخبار ومن الآثار الحسنة لهذه الاعمال الاجرامية التي تغيظ الطغمة الفاسدة الفاعلة تساؤل الدول جميعا واستنكارها وشجبها وتضامنها مع بلاد الحرمين الشريفين حرسها الله لما لها من المكانة ولما يحقق استقرارها من الخير لبلاد العالم اجمع.
ان بلاد العالم لا يسرها ان تضطرب الجزيرة العربية والمسلمون قاطبة في كل ديار الدنيا لا يرضيهم ابدا ولا يشرح صدورهم ان يضطرب الامن في بلاد الحرمين فهي مقصد حجهم وهي قبلة صلاتهم وكل مسلم مخلص يدعو من قلبه ان يزيدها الله امنا واطمئنانا، وهذه البلاد بحمد الله لا تزيدها الاحداث والمصائب الا تكاتفا وقوة بحمد الله حدبا من الراعي على رعيته، وتجاوب من الرعية مع راعيها ولله الحمد والمنة ألا فليخسأ المفسدون في الارض والا فليرتدوا على ادبارهم، فلن يصلوا الى ما يريدون ولن يهزوا من هذه البلاد اي قناة وانها بلاد عرفت وجربت مواثيقها، فبلادنا تمد الخير الى بلاد الدنيا بالانقاذ والإغاثة وتوزيع كتاب الله وتوزيع الكتب الاسلامية ونشر الدعاة، وانها بلاد تصدر الامن والامان للعالم ومع ذلك يريد الحاقدون ان يثنوها عن مسيرتها فلن يستطيعوا ذلك ابدا. نسأل الله تعالى ان يحمي بلاد الحرمين من شرور المعتدين ونيل المجرمين وان يكشف ستر هؤلاء الفعلة المعتدين، وان يمكن منهم لينفذ في بقيتهم حكم شريعة الله المطهرة وان يكف البأس عن هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين وان يوفق قادة هذه البلاد المخلصين لما فيه صالح البلاد والعباد وقمع الفساد والمفسدين.
يا رب العالمين كما نسأله ان يرحم المتوفين في هذا الحادث الاليم وان يشفي المرضى وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved