بحثت وزارة العدو الإسرائيلية خلال اجتماعها الليلة قبل الماضية المسائل المتعلقة بما يسمى بالأمن في نطاق من السرية وقالت اليونايتدبرس ان الاجتماع عقد في جو قاتم بسبب التطورات العسكرية والسياسية بالنسبة لإسرائيل.
حديث عن الفن
منذ أن برز فننا الغنائي ونحن نستوحي منه البعد الحقيقي عن روحنا وقيمنا، وكان على الفن ان يعكس صورة صادقة للنفوس في صبغتها الخلقية.. وصبغتها المبدئية.. وفي ظهورها وسط اطار الفضيلة.. وتصوير المستقبل اللامع المشرق في الصورة التي نحسها بانفسنا.. ونتابع سلسلتها بمشاعرنا.. ان التأليف الغنائي في صورته الحقيقية ما هو إلا مقاطع جوفاء.. صيغت باسلوب التطرف.. والاغراق في الآهات.. وكأن الفنان خرج الى الوجود ليبكي الأطلال.. وينعي الدمن.. ويتغنى بمحاسن الحبيب المجهول.. ولم يكن ليبكي قطعة من قلوبنا استوطنها الأعداء..
ولم يكن ليبكي الواقع العربي الإسلامي الذي عاش زمنا دون ان يلتئم له صف.. بفعل اصابع الهدامين للمبادئ وللحريات.. وقد يكون هناك قليل من الكلم.. ألف في قضايا الساعة.. مدافعا عن الإسلام وعن مبادئ العدل والفضيلة.. ولكنها كانت قليلة جداً.. ولم يكن لها من الذيوع او التأثير ما يجعلها تأخذ مكانها من الاناشيد في الإذاعات الأخرى لتمثل فننا التأليفي الغنائي.. دفاعا عن اعز ما نملك.. وتخليدا للمقومات الروحية والخلقية.. والهيمنة على مكانتنا السامية في إطار هذه الروح.. وهذه المقومات.. ان المرء يصاب بنكسة في الامل عندما يصك اذنه صوت ابرزته الخديعة للاسماع.. ومن ثم في كلام ضعيف التأليف.. بعيد عن التأثير في الصيغة الأدبية.. وفي سمو اللفظ.. ولم يتسم بالطابع الفني للشعر الأصيل، وقد جمع بين الحشف وسوء الكيل فلم يبرز الى المستوى العظيم في أهدافه السامية ومراميه ذات الغور البعيد.. ولم تتجل فيه المقومات الهامة للتأليف الشعري المتميز بالطابع الفني في موسيقاه وتأثيره.. ولم ار ان هناك من المؤلفين من حاول انقاذ هذا الميدان من مسلكه الخاص الذي انتحاه الى نهج تتجلى فيه النزعة الى استخدام العقل العلمي والعاطفة المشرقة.. والخيال المجنح ليزيد هذا الشعر في دفع عجلة الأدب.. وتلوين اغراضه.. وسمو ايحاءاته ومن ثم ينعكس على فم المذياع.. او شاشة التلفاز.. ينم عن الاحساس العميق بالدور الكامل لجهود الإنسان.. ومقومات الإنسان ليخط في سطور التاريخ واجبه كبان ومصلح، وأرى لزاما على التأليف الغنائي ان يشمل ما يلي:
1- الاحساس بأنه يمثل أمة لها تاريخ مجيد، وهي تترقب ذلك الإنسان الذي ينشر تاريخها على اسماع البشر.
2- انه يمثل أمة على مبلغ من الفصاحة والحفول باللغة وعليه ان يعطي هذه اللغة حقها من الحياة والخلود.
3- انه محاط بإطار من القضايا المهمة التي اقضت مضاجع العرب والمسلمين، وعليه دور الكفاح في دحر العدو ولو بالمنطق..فليسعد النطق ان لم تسعد الحال.
4- ان ما يسمع ويخط ما هو إلا مقياس لمدى الوعي الفكري لدى الشعوب.. ان في آلامها او في آمالها.
5- ان ما تحكم الان في الفن من الآهات وراء حبيب مجهول مفتعل قد مجته الاسماع، ومن ثم هو على تطرف كلمي قد حشى بما يثير الغرائز المريضة.. ولعلي لا ادلل على نموذج في النص حرصا على سلامة هذه السطور من اللفظ المكشوف.
وعلى ذلك وجب ان يكتنف هذا المنتحى مزيد من التحفظ وعدم التصريح لكل فرد بأن يؤلف او تنطلق حنجرته ليقول ما يشاء.
6- وأرى من الضروري ايجاد لجنة يوكل اليها تنقيح التأليف في هذا الميدان حتى يبدو للجمهور في الطابع المرضي شكلا ومضمونا.. وهدفا وفنا.. والذي اؤمن به ان وزارة الإعلام وهي حاملة لواء النهضة الإعلامية الجبارة لن تترك هذا الموضوع من ان تراعيه بعينها الواعية. ولتفرض على المؤلف نوعا من الفكرة.. ونوعا من الاسلوب ولتخدم الفكرة والاسلوب افانين من حياتنا القائمة على الجد والبناء وليس من سبيل في هذه الحياة إلا الجد والبناء يتجلى في خطواتنا.. ويتراءى في أعمالنا التي هي مقياس ثقيل لمدى وعينا وتجاوب مشاعرنا.هذه سطور قليلة عن التأليف في الفن الغنائي.. كتب بمداد الاخلاص.. وقد تكون قليلة بالنسبة لهذا الموضوع المهم الذي يمثل جانبا من حياتنا وحركتنا الأدبية والتأليفية.. ان حط رجاله في القمة.. كان تاجا تزدان به رؤوسنا.. وان زلت به القدم الى الحضيض كان رمزا للفكر الساذج والبناء المهزوز..
ولا اعتقد ان يكون هناك من يقتنع بأن يعبث الآخرون بجزء من احساسه.. وقطعة من أمله.ولعلنا نجد في المستقبل القريب تصحيحا للمفاهيم.. وعلاجا ناجحا لمستوى الكلمة في التأليف الغنائي.. نابعا من صميم واقعنا واشراقة اخلاقنا.. وسجاحة عاداتنا.. وروائع مبادئنا.. حتى يقوم الهيكل الفني على أسس من المعقول يدرك ابعاده الشيخ.. وينشأ على منواله الشاب، وعسى ان نلتقي مع الامل العريض للفن التأليفي في مستوى النمو والحياة.. وما يخالج النفوس المخلصة من ميل لسمو هذا الفن وصعوده في السلم المكين.
|