لم يظهر العجز السياسي العربي فقط، أبان أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ولا أيضاً فيما حصل بعد ذلك سواء الحملات المعادية للمسلمين والعرب عامة دون استثناء في الغرب عموماً وفي الولايات المتحدة خصوصاً مما أوجد حالة من العداء والكراهية في المجتمعات الغربية هيأت للحملة ضد أفغانستان ومن بعده العراق.
ومع أن أسباب الحملة على هذين البلدين كانت متوفرة بل وحتى مبررة بالنسبة للمجتمعات الغربية والتي جرت في اطار ما يسمى بالحملة ضد الإرهاب، فإن ما حدث سواء في التعامل مع ما حصل بعد أحداث 11 سبتمبر، أو حتى وصول الأمر إلى قيام عناصر إسلامية بهذه الأحداث وغيرها من أعمال إرهابية في أفريقيا وآسيا، تظهر الحالة المتردية للأوضاع في العالم الإسلامي التي ساعدت في إفراز مثل هذه النوعية من الجماعات والأفراد الذين انتهجوا العنف والعمل الإرهابي، والذين رغم قلتهم، وقلة الأنظمة الداعمة لهم، فإنهم يعبرون عن شريحة في المجتمعات الإسلامية ما كان لها أن تظهر لو أن العمل السياسي والفكري الإسلامي كان متوافقاً ومستوعباً مع التطور الفكري والاجتماعي ومتمشياً مع المتغيرات في العالم أجمع والتي كانت إحدى ظواهر القرن الماضي والتي استمرت في تفاعلات متصلة في القرن الحالي حيث بادرت كل الأمم في التفاعل معها والتواؤم مع متغيراتها وترتيب أوضاعها.
أما الدول الإسلامية فقد تخلفت عن ركب البشرية في استيعاب هذه المتغيرات والتعامل معها، باستثناء ماليزيا التي حاولت القوى المعادية إرباك قيادتها بمحاولة تخريب اقتصادها، إلا أن البناء التنموي السياسي والاجتماعي والاقتصادي فوّت على القوى المعادية عرقلة المسيرة التنموية الفكرية في ماليزيا، في حين لا تزال الدول الإسلامية الأخرى تعاني من تخلفها وانشغل مفكروها وكتّابها وساستها في الحديث عن تطبيق الديمقراطية بإجراء الانتخابات، وإنشاء مجالس نيابية، وتعيين بعض المعارضين السابقين في مناصب وزارية وإفساح المجال لسيدة أو أكثر لإشغال منصب وزاري أو الحصول على مقاعد في البرلمان.
والدول الإسلامية تحتاج إلى عمل كبير ومتواصل لا يمكن أن يتم إلا من خلال عملية اصلاح وبناء فكري وتنموي اجتماعي وسياسي يستهدف اقامة مؤسسات سياسية وفكرية وقانونية وحقوقية، مؤسسات تعطي دوراً للمجتمع المدني، تعزز حقوق المجتمع والفرد، وتعزز العقود وتنمية طبقات المجتمع، لتعمل إلى جانب مؤسسات الدولة.
|