قبل فترة جاء قرار ضم رئاسة تعليم البنات إلى وزارة المعارف ليضع الأمور في نصابها الحقيقي، ثم جاء القرار الأخير وهو تعديل مسمى وزارة المعارف إلى وزارة التربية والتعليم مع إعادة هيكلة ما يخص تعليم البنين والبنات بتعيين نائب للوزير مسؤول عن شئون تعليم البنات، ونائب آخر مسؤول عن تعليم البنين لتكتمل مسيرة التعديل الصائب.
والقراران يستوجبان تقديم الشكر والامتنان إلى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد الذي أصدر أمره الكريم بهذا الشأن، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الذي أسأل الله أن يوفقه ويعينه في كل ما يسعى إليه من خير لهذا الوطن.
والمتتبع لتاريخ التعليم في بلادنا سواء تعليم البنين أم البنات يلاحظ انه مر بمشوار طويل تحفه العقبات، وأهم أسبابه أن البلاد لم تعرف التعليم النظامي ولم تنفتح على تجربة الغير إلا في وقت متأخر، فقد كان التعليم المنتشر في معظم المناطق التي تكونت منها المملكة العربية السعودية هو تعليم الكتاتيب بصورته المبسطة جداً، وقد تميز المتفرد منها بتعليم الكتابة علاوة على ما يعطى في الكتاتيب الأخرى، وفي مناطق عرفت المدارس الاهلية إنما بشكل ضيق ومحدود.
وبالتالي فقد كانت المعضلة الأولى التي واجهت مؤسس هذا الكيان هي ترسيخ مفهوم التعليم الحقيقي، فكان القرار بإنشاء مديرية المعارف في عام 1344هـ ومع القرار كان التحدي ، وسعت مديرية المعارف في سنواتها الأولى إلى نشر التعليم الابتدائي على رقعة الوطن، فكانت مئات المدارس ثم الآلاف منها.
ثم جاءت مرحلة الانتقال إلى التعليم ما فوق الابتدائي فانشئ المعهد العلمي السعودي ومدرسة تحضير البعثات، ودار التوحيد. وجميعها حققت إضافة إلى التعليم ومنها تخرج عدد كبير من رجالات الوطن الذين ساهموا في إنمائه وتطويره. وأتت الخطوة الأخرى المتمثلة في التعليم الجامعي فكانت كلية الشريعة في مكة في عام 1369هـ.
ومع وضوح دور مديرية المعارف جاء القرار الملكي بتحويلها إلى وزارة في عام 1373هـ وقد ظلت إلى ما قبل إصدار القرار الأخير متضلعة في شئون تعليم البنين محققة قفزات هائلة في هذا المضمار.
أما تعليم البنات فقد كان هو الآخر تجربة مميزة تفخر بها المملكة العربية السعودية. فقد أوكل أمر تعليم البنات إلى الرئاسة العامة لتعليم البنات في عام 1379ه بقرار من الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله ومن المعروف ان قيام الرئاسة كهيئة مستقلة كان ضرورة تمليها الظروف الاجتماعية وقتذاك . فمن يعرف الكيفية التي تم بها تكوين الرئاسة العامة لتعليم البنات يدرك ما واجه تعليم المرأة من صعوبات في بداية الأمر ومن ثم كان يستلزم أن تكون لها هيئة مستقلة. ولكن بعد تنامي الوعي ورسوخ البنية التعليمية القائمة على العقيدة الإسلامية واحترام العادات والتقاليد الاجتماعية رأى ولاة الأمر انه لم يعد هناك من داع لهذا الفصل، فكان اندماج الرئاسة العامة لتعليم البنات بوزارة المعارف من أجل نقل مستوى التعليم بين البنين والبنات إلى مرحلة متقدمة متطورة تضع في اعتبارها احتياجات الوطن، وتنمي روح المواطنة بالحرص على الإسهام في البناء والتطوير.
ومع قرار تعديل مسمى وزارة المعارف إلى وزارة التربية والتعليم أصبح وزير التربية والتعليم يحمل على عاتقه عبئاً أو حملاً ثقيلاً ولكن ما عرف عن معالي الدكتور محمد الأحمد الرشيد من جلد وقوة تحمل وصبر سوف تكون خير معين له على حمل المسؤولية بقوة واقتدار.
أما نائبه المختص بشئون تعليم البنات وهو معالي الدكتور خضر بن عليان القرشي فسيكون بإذن الله قادراً على أداء مهمته، لأنه اقتحم عالم وظيفته الجديدة قبل أشهر ولمسنا فيه روحاً وثابة باحثة عن تقديم كل ما يؤدي إلى تحسين وتطوير تعليم البنات في المملكة.
ختاماً: التهنئة موصولة إلى معالي وزير التربية والتعليم ونائبيه بالقرار وأسأل الله الكريم أن يعين الجميع على أداء ما يجب أداؤه بإخلاص وعدالة وأمانة وأن يوفر لهم البطانة الصالحة التي تعينهم على أداء مهمتهم الصعبة. وأن يشقوا طريقهم بكل اقتدار مؤكدين على أن الإنسان إذا وضع في منصب يستحقه فسيعمل بكل قوته على تحقيق آمال ورغبات ولاة الأمر الساعين إلى الإصلاح والتقدير الدائم.
|