لم تعد كمية الغذاء هي السبب الأول للسمنة، ولم يعد الريجيم هو الحل لإنقاص الوزن، هذا مايؤكده اختبار التوافق الغذائي «بصمة الدم»، والذي يقيس مدى حساسية الإنسان لمختلف أنواع الأطعمة، بالإضافة لفائدة هذا الاختبار في علاج الكثير من أمراض العصر.
د. محمد أبو العلا استشاري الميكروبيولوجي والمناعة ومدير المختبر بمستشفى الحمادي بالرياض يفسر ذلك مشيراً إلى أنه كان من المعتقد إلى عهد قريب أن وزن الجسم هو محصلة معادلة بسيطة بين الطاقة المكتسبة والطاقة المفقودة وهذا صحيح إلى حد كبير، فجسم الإنسان يحتاج إلى كمية من السعرات الحرارية التي تكفي لبناء أنسجة الجسم بالإضافة إلى الطاقة اللازمة لتحريك أجهزة الجسم لتلبية احتياجات الحياة، وهذه السعرات الحرارية تكتسب من الأطعمة المختلفة وما زاد عن احتياجات الإنسان من سعرات حرارية تختزن بالجسم على هيئة دهون تترسب في أماكن خاصة تختلف إلى حد كبير بين الذكر والأنثى وهذا كان المفهوم البسيط للسمنة.
ويضيف د. أبو العلا ولكن تغير هذا المفهوم منذ بدايات التسعينيات وآخر الثمانينيات بعد مانجح مجموعة من الباحثين في إثبات أن هذه المعادلة ليست بالبساطة المعتقدة، ويتدخل فيها عوامل وراثية وهرمونية ونفسية، بالإضافة إلى اكتشاف جديد وهو تفاعل جسم الإنسان لنوعيات الأطعمة أو بمعنى أوضح حساسية جسم الإنسان لنوعيات الأطعمة، وبدأت هذه الأبحاث في الدانمارك والسويد، وأصبحت الآن طبقا لآخر التقارير هي المحرك الأول والأهم في التوازن البيولوجي لجسم الإنسان وكانت فكرة اختبار التوافق الغذائي وعلاقته بالتخسيس، ويسمى هذا الاختبار اختبار التوافق الغذائي (ALCAT ) أو الاسم الدارج والمشهور «بصمة الدم»، حيث إنه مثل البصمة لا يتشابه إنسان مع آخر في مدى تقبله أو حساسيته لأنواع الأطعمة المختلفة أي أن كل إنسان له خريطة خاصة جدا به للتفاعل مع الأطعمة سواء بالإيجاب أو السلب لا تتشابه مع أي انسان آخر، هذه الخريطة هي التي تحدد مدى تقبله أو رفضه (حساسيته) بالأطعمة التي يتناولها. و تقوم فكرة هذا الاختبار على سحب كمية من دم المريض (حوالي 35 سم مكعب دم )، توزع هذه الكمية، وتوضع (تحضن) مع الخلاصة الغذائية لحوالي 150 إلى 250 نوع من الأطعمة والمواد الكيماوية التي يستعملها الإنسان، تفاعل كرات الدم البيضاء مع الأنواع المختلفة من الأطعمة، ومدى هذا التفاعل وقياس حساسية الشخص لهذه الأطعمة.
في حالة ما كان هناك تفاعل حساسية لنوع ما من الأطعمة يؤدي إلى ازدياد حجم وعدد كرات الدم البيضاء (مثل انتفاخ الحساسية) مما يؤدي إلى مواد كيماوية ضارة (Mediators ) من كرات الدم البيضاء تؤدي إلى تنشيط الإنزيمات الخاصة بترسيب الدهون دون النظر إلى كمية الطعام بل إلى نوعه، وهذا هو الجديد في هذا الاختبار.
يسجل جهاز الكات (ALCAT ) هذه التغيرات عن طريق منحنى تبعا لدرجة الحساسية لأي نوع من الطعام ويعطي ثلاثة درجات من الحساسية :
أولا : أطعمة لا يتقبلها الجسم (حساسة ) بصورة عالية، وهذه يجب أن يمتنع عنها الشخص نهائيا بأي كمية وبأي صورة. ثانيا: أطعمة تسبب حساسية بصورة متوسطة، وهذه يجب أن يمتنع عنها ولا تؤخذ إلا في الضرورة. ثالثا : أطعمة تسبب حساسية بصورة ضعيفة، وهذه يمكن تناولها بكميات قليلة بالإضافة إلى حساسية الأطعمة والتخسيس، ويتطرق د. ابو العلا إلى انه من أهم مزايا هذا الاختبار أنه يفيد في تشخيص وعلاج كثير من الأمراض العصرية التي لا يوجد لها سبب عضوي، ولا تظهر بالفحوصات العادية، ويكون مرجعها إلى حساسية العضو المصاب لبعض أنواع الأطعمة ومن هذه الأمراض : الصداع المزمن، وتساقط الشعر، والتهاب الجيوب الأنفية، والتهابات الأذن، والربو الشعبي، وسوء الهضم واضطرابات الجهاز الهضمي، والقولون العصبي، وحساسية الجلد، وضعف الشهية، والإرهاق المزمن غير المعروف السبب، والقلق، والاكتئاب، واضطرابات النوم، والضعف الجنسي. وحول كيفية اتباع نتيجة الفحص يقول د. أبو العلا يعطي الاختبار القائمة التي لا يوجد بها حساسية، ويعطي قائمة يومية في صورة رجيم مع الاختيارات المختلفة من أكثر من نوع من الأطعمة للاتباع في صورة نظام غذائي متكامل من الأغذية المقبولة للجسم، وفي نفس الوقت يعطي نشرة مفصلة عن الأطعمة والمواد الكيميائية التي يجب تجنبها تماما، والصور المختلفة للأطعمة التي تحتوي على هذه المواد دون الحاجة إلى كتابة وصفات طبية أو مراجعة الطبيب، وبما أن هذا الاختبار جديد نسبيا على المملكة ومنطقة الشرق الأوسط، فإن هذا الاختبار علميا ونظريا يجب أن يكون نظاماً غذائياً ممتازاً لتقليل الوزن، والشفاء من بعض الأمراض سالفة الذكر، وهذا الاختبار معروف في الغرب منذ أكثر من عشر سنوات، وهناك إحصائيات تذكر أنه من أنجح الأنظمة الغذائية لتقليل الوزن والتخلص من بعض أمراض العصر بشرط الالتزام الكامل من الشخص بنتائج هذا الاختبار، واتباع النظام الغذائي حرفيا، مع ممارسة الحركة والرياضات البسيطة، ومعلوم أيضا أنه يجب ان يشعر الشخص المتبع لهذا النظام بتحسن خلال ثلاثة اسابيع من بدء هذا النظام وألاَّ يكون هناك خطأ في الاختبار ذاته أو في التطبيق من قبل المريض.
د. محمد أبو العلا
|