مثلما النخلة تتجذر في تربة المملكة فإن أيادي الخير والعطاء المباركة تتجذر أيضاً في نفوس أبناء الوطن ممن يقدمون طواعية.. وبدون منَّة أو أذى على تأصيل فعل الخير بهدف تعزيز روح التواصل والترابط ونشر مبادئ المحبة والتآخي.. كل هذا الفيض من العطاء يأتي تكريساً للجوانب الانسانية التي رسختها تعاليم الإسلام وقيمه الأصيلة.
هنا في هذا الميدان الرحب يبرز من هو سباق للخير والمبادرة به ليتعلم منه الآخرون.
وصدق من قال: قدّم الخير فكل امرئ على الذي قدمه يقدم!!
منذ أيام كنت في مجلس عامر بالرجال وقد تشعب الحديث ليمتد لمعاناة الأندية الرياضية والضائقة المالية التي تكاد تنخر في جسدها وربما تجعلها غير قادرة على مواجهة متطلباتها والوفاء بالتزاماتها ومن ثم تعثر تنفيذ خططها وبرامجها التطويرية.
قال أحدهم: إن مصادر الدعم محدودة جداً وتسأل عن دور وواجب رجال المال والأعمال في مساندة قطاع الشباب وبالحرف الواحد قال: تكاد الساحة تخلو من مواقف ايجابية.. ولا أرى غير الوليد بن طلال الذي يذكرني بحقبة تاريخية عشتها قبل 4 عقود مضت.. ففي مطلع السبعينات الهجرية «قبل الطفرة» وحيث حياة الناس كانت في غاية البساطة ووسط ظروف معيشية صعبة وقاسية كانت أسرة العقل في مدينة الرس وطوال 20 سنة تقوم في كل يوم خميس من شهر رمضان المبارك باستقبال جموع الأهالي من الجنسين.. شيباً وشباباً احتشدوا في جانب من الدار الطينية «حوش» ثم يقف عميد الأسرة الشيخ محمد بن علي العقل - رحمه الله - ومعه أبناؤه وعدد من أحفاده عند الباب الخشبي من الداخل.. ثم يبدأ مشهد خروج الأهالي بعد أن يتم منح كل فرد عدة قطع من العملة المعدنية والتي تقدر بفئة 4 قروش للطفل وتزداد القيمة حسب السن والمعرفة.. تلك العملية كانت تسمى «جسام أبو عقل» وهي تعني التوزيع الذي لم يكن مقتصراً على المال.. وإنما امتد ليشتمل على تقديم الطعام وخاصة «الجريش مع اللحم».
والوليد بن طلال في حاضرنا هذا وهو يواصل تأكيد رسالة الخير والعطاء من خلال دعمه ومساندته للرياضة والرياضيين.. إنما يرسخ مفهوم «الجسام» وبطريقته الخاصة يسارع في إحياء تلك الذكرى القديمة التي لا تزال باقية كصور لا يمكن طمسها وبعد استعادة شريط «الجسام» الذي لا نعرف إن كان موجوداً في أي مدينة أخرى خلاف الرس أم لا! علق أحدهم قائلاً: لا يمكن انقاذ الأندية من أزمة الكارثة المادية إلا بوجود أكثر من «جسام» وبالوزن الثقيل!!
وسامحونا!
|