* بغداد وارين ريتشي (*)
تأمل القوات الأمريكية في بغداد ان تساعد المسابقة الرياضية ذات الطرازالقديم نشوة النصر وألم الهزيمة على الانتقال السلس الى الديموقراطية في العراق في الوقت الذي تقوم فيه وحدات الشؤون المدنية بالجيش بجهود المساعدة في اعادة تنظيم نحو عشرين نادياً رياضياً في مختلف انحاء البلاد التي مزقتها الحرب بهدف اعادة احياء برنامج الانشطة الرياضية الاوليمبية في النهاية.
قسوة عدي
كان يرأس البرنامج الاوليمبي العراقي عدي الابن الاكبر لصدام حسين الذي اشتهر عنه القسوة والخشونة ويقال انه كان يقوم بتعذيب، بل اصدار الاوامر بضرب لاعبي كرة القدم العراقيين بسبب سوء ادائهم او خسارتهم في المباريات الرئيسية ورغم انه ليس من المحتمل ان يدفع الجهد الذي تدعمه الولايات المتحدة الرياضيين العراقيين الى المنافسة من اجل الفوز بميداليات ذهبية في دورة الالعاب الاوليمبية لعام 2004 إلا ان المسؤولين الأمريكيين يأملون ان يؤدي هذا الجهد الى المساعدة في بناء رمز الفخر الوطني في العراق الجديد.
الرياضة والسيادة
يقول الكولونيل فينست فولك من الفرقة 308 للشؤون المدنية وهي وحدة احتياط من شيكاغو «انه مشروع قليل التكاليف وله نتائج كبيرة وتأثير بالغ.. ان العائد من ورائه هائل حيث انه سوف يعيد الناس الى العمل من جديد كما ان مشاهدة المباريات الرياضية تعد مؤشرا على العودة الى الحياة الطبيعية.. وبمجرد ان يكون لك فريق عراقي يخوض المنافسات الدولية عندئذ تكون لك دولة ذات سيادة وليس ارضاً محتلة».
وقد ادلى الكولونيل فنست فولك بهذه التعليقات في الوقت الذي كان يقوم فيه مع آخرين من مسؤولي الشؤون المدنية بجولة في احد النوادي الرياضية الذي ترعاه ادارة شرطة بغداد ويعتبر هذا النادي الذي يقع في وسط المدينة ابرز النوادي الرياضية في العراق حيث يشارك سبعة لاعبين منه في المنتخب الوطني العراقي.
يقول الرياضيون والمدربون في نادي الشرطة ان عدي صدام حسين كان يهتم فقط بفريق كرة القدم الوطني ويتجاهل الانشطة الرياضية الاخرى مثل كرة السلة والكرة الطائرة وألعاب المضمار والجمباز والمصارعة وكرة الطاولة كما كان يقوم بسجن اعضاء منتخب كرة القدم الوطني او اجبارهم على العمل في مزرعته عندما يخسرون.
ويقول حيدر كمال احد العدائين العراقيين «ان اللاعبين لم يكونوا يعرفون اي نوع من العقاب ينتظرهم على يد عدي» اما اللاعبون الذين يقومون بأداء يثير سرور عدي فإنه يمنحهم سيارات وهدايا اخرى ويقول كمال «عندما يكون الفوز من نصيب اللاعبين العراقيين فإن عدي يمنحهم الكثير اما اذا خسروا فان نصيبهم من العقاب يكون اكثر».
نهب الملعب
لم تستهدف القوات الأمريكية نادي الشرطة العراقي خلال العمليات القتالية ولكن اللصوص اقتحموا الملعب الذي تبلغ مساحته عشرة افدنة وسرقوا كل شيء. وتشير تقديرات المسؤولين العسكريين الأمريكيين الى ان الامر قد يحتاج الى منحة من الحكومة الأمريكية قدرها عشرون الف دولار لشراء ادوات رياضية للنادي واصلاح مباني النادي فقط ويأملون ان يؤدي ذلك الى تشكيل فريق رياضي جديد اكثر انفتاحا واكثر نجاحا وقد اتخذ المواطنون العراقيون بالفعل مكان الصدارة في هذا الصدد حيث ينظم مختلف اعضاء الاندية الرياضية لقاءات عديدة لمناقشة هذا الموضوع.
ويقول الليفتنانت كولونيل احتياط بالجيش الامريكى جوزيف ريس وهو من الفرقة 308 ايضا انهم هم الذين يقومون بذلك انهم ينهضون ويتحدثون عن حركة الديموقراطية البازغة ويتمتع الكولونيل ريس بمعرفة قدر من السياسة فقد كان يشغل قبل وصوله الى العراق منصب عمدة منطقة جليندال بولاية كولورادو الأمريكية ويقول «ان العراقيين يتناقشون حول كيفية تنظيم برنامج للرياضة.. وهذا هو مانريده».
رياضة البعث
تمثل ثلاثة اندية رياضية جنوب بغداد من بين عشرين ناديا الى جانب اربعة نواد من مناطق شمال بغداد ويقول المسؤولون العسكريون انه ينبغي ان تكون هذه الاندية اكثر تمثيلا لمناطق العراق المختلفة في الجنوب العراقي الذي تسكنه اغلبية مسلمة شيعية والمناطق الشمالية التي تقطنها اغلبية كردية ففي الماضي كان حزب البعث يملي اسماء الاشخاص الذين ينبغي وضعهم على قوائم الاندية الكبيرة ومن بينها المنتخب الوطني بل كان الحزب يطبع صحيفة تحمل اسم «رياضة البعث» الا ان ذلك كان قبل الحرب.اما الآن فقد اصبح عدي وحزب البعث خارج السلطة في الوقت الذي قفز فيه آخرون لملء الفراغ. يقول فولك «انهم ينظمون انفسهم بأنفسهم بدون اي مساعدة في فسحة من الوقت وانني متأكد انهم سوف ينجحون.. وهو الشيء الذي نود ان نراه يتحقق بسرعة «ويضيف قائلاً ان المساعدات الأمريكية ينبغي ان تحقق ذلك بشكل أسرع. اعضاء النادي من المسؤولين وجهوا الأمريكيين اثناء قيامهم بجولة في النادي الى مبنى ضخم خال كان في الماضي ميدان رماية يليه ملعب به طاولة واحدة لكرة السلة واخيرا شاهد الزائرون ملعب كرة قدم كبير وان كان يبدو متهالكا بعض الشيء يقع بين مبنيين هامين في وسط بغداد تفصلهما عنه مسافة متساوية حيث توجد الى الشمال الشرقي منه بقايا مقر عدي المتفحمة الذي كان مركز قوة كبير في ظل حكم صدام حسين ويحيط بهذا المقر المجلل بالسواد سور عال يعلوه شعار الدورة الاوليمبية المكون من عدة حلقات ويقع الى الجنوب الغربي من ملعب كرة القدم مبنى وزارة البترول التي تضم مباني عديدة ضخمة حديثة.
تناقض صارخ
وفي تناقض صارخ لبقايا لمقرعدي يبدو مبنى وزارة البترول سليما كما لو ان القنابل والصواريخ الأمريكية لم تصل اليه ويبدو انه تم منع اللصوص من ان تمتد ايديهم اليه ويأمل المسؤولون الأمريكيون ان يستفيد الشعب العراقي من دروس هذا الاستهداف الانتقائي.يقول المسؤولون الأمريكيون ان الدروس المستفادة من هذه العملية تتضمن استعداد امريكا لمساعدة العراق على اعادة بناء المؤسسات التي سوف تساعد على تحرير العراقيين بدلا من خضوعهم لمزيد من العبودية ويقول فولك «ان لذلك تأثيراً جيداً من الناحية السياسية بالنسبة لوحدة العراق «مشيراً بذلك الى تنظيم النوادي الرياضية. ويضيف قائلا يجب ان يساعد دمج ابناء الشعب العراقي في النوادي الرياضية على تشجيع كافة السكان على المشاركة دون الاقتصارعلى الذين كان يفضلهم حزب البعث.
(*) خدمة كريستيان ساينس مونيتور - خاص بالجزيرة
|