هناك علاقة بين الدوافع والانفعالات..
انفعال الخوف.. يدفعنا إلى تجنب الأخطار التي تهدد حياتنا.
انفعال الغضب.. يدفعنا إلى الدفاع عن أنفسنا، وإلى الصراع من أجل البقاء.
انفعال الحب.. هو أساس تآلف الجنسين وانجذاب كل منهما إلى الآخر من أجل بقاء النوع.. وهناك علاقة بين الدوافع والانفعالات.. والدوافع تكون مصحوبة بحالة وجدانية انفعالية، فحينما يشتد الدافع ويعاق عن الإشباع فترة من الزمن تحدث في الجسم حالة من التوتر.
وتصاحب ذلك حالة وجدانية مكدرة. والانفعال يقوم بتوجيه السلوك مثل الدافع.. وقد جاء في القرآن الكريم وصف دقيق لكثير من الانفعالات التي يشعر بها الإنسان مثل:
الخوف، الغضب، الحب، الكره، الغيرة، الحسد، الندم، الحياء، الخزي.
الخوف: من الانفعالات المهمة في حياة الإنسان لأنه:
1- يعينه على اتقاء الأخطار التي تهدده مما يساعده على الحياة والبقاء.
2- يدفع الإنسان المؤمن إلى اتقاء عذاب الله سبحانه في الحياة الآخرة.
والخوف أنواع: الخوف من الله، الخوف من الموت، الخوف من الفقر، الخوف من الحيوانات المفترسة، والخوف من الأمراض الوبائية والمعدية، ويندرج الخوف من الحيوانات والأمراض تحت الخوف من الموت. وهذه المخاوف طبيعية. وهناك مخاوف مرضية وتحتاج إلى علاج نفسي.
وأما الخوف من الموت، فكل الحيوانات تخاف من الموت لأن حب الحياة غريزة، ولولا حب الحياة المغروز في الإنسان والحيوان لما توقى الإنسان أثناء سيره واختار الطرق السليمة وأكل الأكل النظيف وشرب الماء الصحي، وكذلك لو أمسكت بإحدى الحشرات الصغيرة وحاولت أن تميتها لقاومت بكل ما أوتيت من قوة. وعند الإنسان مرتبط الخوف من الموت بالخوف من الله.. ولكن مهما هربنا من الموت فهو حتما سيقابلنا في يوم ما. يقول الله سبحانه وتعالى: {قٍلً إنَّ المّوًتّ الذٌي تّفٌرٍَونّ مٌنًهٍ فّإنَّهٍ مٍلاقٌيكٍمً} *الجمعة: 8* . والإيمان الصادق بالله سبحانه وتعالى يؤدي إلى التخلص من الخوف من الموت.. أما الخوف من الفقر فهو من المخاوف الشائعة بين الناس. والإنسان دائم السعي في حياته لكسب رزقه وقوته وقوت عياله، لكي يهيىء لنفسه ولأسرته أسباب الحياة الآمنة.. والإيمان بالله يقضي على الخوف من الفقر. يقول الله تبارك وتعالى: {إنَّ اللهّ هٍوّ الرَّزَّاقٍ ذٍو القٍوَّةٌ المّتٌينٍ} سورة الذاريات 58 ويقول أيضاً: {وّفٌي السَّمّاءٌ رٌزًقٍكٍمً وّمّا تٍوعّدٍونّ} سورة الذاريات 22 وبذلك يصبح الخوف الحقيقي الذي يشعر به المؤمن هو الخوف من الله.
لماذا؟ لأن إيمانه بالله لا يجعله يخاف الموت أو الفقر أو الناس أو أي شيء آخر في العالم، وإنما يخاف فقط من غضب الله وسخطه وعذابه، ويؤدي الخوف من الله وظيفة مهمة ومفيدة في حياة المؤمن إذ يجنبه ارتكاب المعاصي، فيقيه بذلك من غضب الله وعذابه، ويحثه على أداء العبادات والقيام بالأعمال الصالحة ابتغاء مرضاة الله، فالخوف من الله في نهاية الأمر يؤدي إلى تحقيق الأمن النفسي إذ يغمر المؤمن شعور الرجاء في عفو الله ورضوانه.
الغضب:
وقد جاء في القرآن وصف لانفعال الغضب وتأثيره في سلوك الإنسان.. انفعال سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وغضبه قال تعالى: {وّلّمَّا رّجّعّ مٍوسّى" إلّى" قّوًمٌهٌ غّضًبّانّ أّسٌفْا قّالّ بٌئًسّمّا خّلّفًتٍمٍونٌي مٌنً بّعًدٌي أّعّجٌلًتٍمً أّمًرّ رّبٌَكٍمً وّأّلًقّى الأّلًوّاحّ وّأّخّذّ بٌرّأًسٌ أّخٌيهٌ يّجٍرٍَهٍ إلّيًهٌ قّالّ ابًنّ أٍمَّ إنَّ القّوًمّ اسًتّضًعّفٍونٌي وّكّادٍوا يّقًتٍلٍونّنٌي فّلا تٍشًمٌتً بٌيّ الأّعًدّاءّ وّلا تّجًعّلًنٌي مّعّ القّوًمٌ الظَّالٌمٌينّ} *الأعراف: 150* .
ويحدث أثناء الانفعالات كثير من التغيرات الفسيولوجية التي من بينها إفراز هرمون الأدرينالين الذي يؤثر على الكبد ويجعله يفرز كميات زائدة من السكر مما يسبب زيادة الطاقة في الجسم ويجعله متهيئا لبذل المجهودات العنيفة التي يتطلبها الدفاع عن النفس أثناء الغضب أو الجري أو الخوف. ويوجه الإنسان العدوان إلى العقبات التي تعيق إشباع دوافعه أو تحقيق أهدافه سواء كانت هذه العقبات أشخاصاً أو عوائق مادية أو قيوداً اجتماعية، وينقل الغضب إلى أشخاص لم يكونوا هم السبب الحقيقي في إثارة الغضب.. الطفل لما يغضب من أبيه يوجه غضبه ناحية نفسه أو أحد اخوانه الصغار وأيضاً غضب سيدنا موسى من قومه وجه غضبه ناحية أخيه هارون.
الحب:
يلعب الحب دوراً مهماً في حياة الإنسان فهو أساس الحياة الزوجية وتكوين الأسرة ورعاية الأبناء وهو أساس التآلف بين الناس وتكوين العلاقات الإنسانية الحميمة وهو الرباط الوثيق الذي يربط الإنسان بربه ويجعله يخلص في عبادته وفي اتباع منهجه والتمسك بشريعته ويظهر الحب في حياة الإنسان في صور مختلفة، فقد يحب الإنسان ذاته ويحب الناس ويحب زوجته وأولاده ويحب المال ويحب الله والرسول صلى الله عليه وسلم.. ونجد في القرآن الكريم ذكراً لهذه الأنواع المختلفة من الحب.
حب الذات:
ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بدوافع حفظ الذات فالإنسان يحب أن يحيا وينمي امكاناته ويحقق ذاته ويحب كل ما يجلب له الخير والأمن والسعادة، ويكره كل ما يعوقه عن الحياة والنمو وتحقيق الذات وكل ما يجلب له الألم والأذى والضرر.
حب الناس:
ولكي يستطيع أن يعيش الإنسان في تآلف وانسجام مع الآخرين، يجب عليه أن يحد من حبه لذاته وأنانيته، وأن يعمل على موازنته بحيه للناس الآخرين ومودته لهم، والتعاون معهم، وتقديم يد المعونة إليهم. ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى حينما أشار إلى حب الإنسان لنفسه الذي يظهر في هلعه وجزعه إذا مسه الشر، وحرصه على ما يناله من الخير وبخله به ومنعه عن الناس، أثنى سبحانه وتعالى مباشرة على من يقاوم الإسراف في حبه لذاته ويتخلص من مظاهر الهلع والجزع إذا مسه شر، ومن البخل إذا ناله خير، وذلك عن طريق التمسك بالإيمان، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والتصدق على الفقراء والمساكين والمحرومين، والابتعاد عما يبغض الله، فإن من شأن هذا الإيمان أن يوازن بين حب الإنسان لنفسه وحبه للناس بما يحقق مصلحة الفرد والجماعة.
الحب الجنسي:
الحب الأبوي:
*. ويلاحظ أن حب البنين جاء في القرآن مقروناً بحب المال في كثير من الآيات. فكل من البنين والمال من أسباب القوة والمتعة للإنسان، وتجد صاحب المال الذي هو عقيم يتحسر على ماله ويقول لمن أترك هذا المال إذا مت، وتجده في أغلب الأحيان بخيلاً إلا من رحم ربي، وكذلك صاحب العيال إذا كان فقيراً فإنه يتعب كثيرا من أجل أن يجد لهم لقمة العيش ولا تكمل سعادته، أما إذا اجتمع المال والأولاد، فيكون في سعادة وهناء يقول الله تعالى: {المّالٍ وّالًبّنٍونّ زٌينّةٍ الحّيّاةٌ الدٍَنًيّا} *الكهف: 46* ويقول تعالى: {ثٍمَّ رّدّدًنّا لّكٍمٍ پًكّرَّةّ عّلّيًهٌمً $ّأّمًدّدًنّاكٍم بٌأّمًوّالُ $ّبّنٌينّ $ّجّعّلًنّاكٍمً أّكًثّرّ نّفٌيرْا} *الإسراء: 6* وأشار القرآن إلى الحب الأبوي أثناء ذكره لقصة نوح عليه السلام ومعارضة يعقوب عليه السلام ذهاب يوسف مع اخوته في أول الأمر.
حب الله سبحانه وتعالى:
وقال تعالى: {يّا أّيٍَهّاالّذٌينّ آمّنٍوا مّن يّرًتّدَّ مٌنكٍمً عّن دٌينٌهٌ فّسّوًفّ يّأًتٌي اللهٍ بٌقّوًمُ يٍحٌبٍَهٍمً وّيٍحٌبٍَونّهٍ أّذٌلَّةُ عّلّى المٍؤًمٌنٌينّ أّعٌزَّةُ عّلّى الكّافٌرٌينّ يٍجّاهٌدٍونّ فٌي سّبٌيلٌ اللهٌ وّلا يّخّافٍونّ لّوًمّةّ لائٌمُ ذّلٌكّ فّضًلٍ اللّهٌ يٍؤًتٌيهٌ مّن يّشّاءٍ وّاللَّهٍ وّاسٌعِ عّلٌيمِ} والمائدة: 54.
وحينما يخلص الإنسان في حبه لله، يصبح هذا المحب هو القوة الدافعة الموجهة له في حياته، وتخضع كل أنواع الحب الأخرى لهذا الحب الإلهي، ويصبح إنساناً يفيض بالحب للناس والحيوان وجميع مخلوقات الله والكون بأسره إذ يرى في كل الموجودات من حوله آثار ربه الذي تشده إليه أشواقه الروحية، وتطلعاته القلبية.
حب الرسول صلى الله عليه وسلم:
ويأتي بعد حب الله سبحانه في ذروة السمو والنقاء والروحانية. لقد أرسل الله إلى الثقلين هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ليهديهم ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، والله قد اصطفى نبيه ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، وأنزل عليه القرآن الكريم، وكان عليه الصلاة والسلام المثل الكامل للإنسان في أخلاقه وسلوكه وفيما تحلى به من محاسن الصفات والخصال، وما أدل على ذلك من وصف القرآن له بأنه على خلق عظيم. والمؤمن الصادق الإيمان يحمل كل الحب للرسول عليه الصلاة والسلام الذي تحمل مشاق الدعوة، وجاهد جهاد الأبطال حتى نشر الإسلام في ربوع العالم ونقل الإنسانية من ظلمات الضلالة إلى نور الهداية. وقد أوصانا القرآن بحب الرسول عليه الصلاة والسلام، وقرن حبه بحب الله. والمؤمن الصادق الإيمان يتخذ من الرسول عليه الصلاة والسلام المثل الأعلى الذي يقتدي به في أخلاقه، ويحذو حذوه في سلوكه ويهتدي بسيرته العطرة.
الفرح:
الكره:
وقد يكره الإنسان شخصاً آخر أو بعض الأشخاص الآخرين لاختلافه معهم في الرأي، أو بسبب الغيرة منهم لتفوقهم عليه في أمر من الأمور، أو لما يسببونه له من الإحباط، أو لغير ذلك من الأسباب التي تبعث الكراهية في النفس.
الغيرة:
وانفعال الغيرة مركب توجد فيه عناصر من عدة انفعالات أخرى وخاصة انفعال الكره وغالباً ما تكون الغيرة مصحوبة بالكره والحقد والرغبة في إيذاء الشخص الذي يثير الغيرة.
|