إذا كان هذا الحكم تحتاجه أمة الاسلام قبل أربعة عشر قرناً من الزمان وفي قرن هو أفضل قرونها على الاطلاق «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم..» الحديث. فليس ذلك الزمان بأكثر حاجة والحاحا لتطبيق هذا المبدأ من زماننا هذا.. إن كل مكلف من هذه الأمة عليه واجب ديني وواجب وطني وواجب وفاء بعهد وعقد فالكل على ثغر فالله الله أن يؤتى الاسلام من قبله. كلنا ركاب سفينة واحدة من أراد ان يخرقها بأي سبب وتحت أي ذريعة وبأي دعوى فقد أراد بالأمة كلها سوءاً و شراً المباشر والآمر والمؤيد في الشر والسوء سواء. «ولو يعطى الناس بدعواهم لا دعى رجال دماء قوم وأموالهم».
إن من المعلوم بالضرورة ديناً وعقلاً وجوب الأخذ على يد من سفه نفسه وأراد بالأمة سوءاً ومكروها لأنه ظالم ومفسد ومحارب. إن من يريد زعزعة الأمن وسفك الدماء واشاعة الفوضى وحرمان الأمة من الأمن والأمان والاستقرار فالكل خصمه والكل ضده لأنه قصد منكراً وسعى في باطل وأراد فتح باب فتنة وعزم على دفع الأمة الى مكروه.. إن من صفات الأمة ذات الاستقامة أن ترفض الشر والفساد جبلة وخلقاً إذ الأمة بأجمعها تنكر الفعل الشنيع على من أراده والأمة بهذا المسلك تثبت أصالتها ومن حقها ان تعض بالنواجذ على ما تنعم به من أمن وأمان واستقرار.
بعيداً عن كل فكر منحرف وكل فعل بشع قبيح. إن مما لاشك فيه ان وقفة عقلاء الأمة المشبعة بالمقت والاستنكار لكل توجه من شأنه شق العصا وتفريق الأمة يقيم الدليل على أن الأمة بخير في تضامنها وهي بخير في تكاتفها وتعاضدها فالكل يد واحدة وجسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
إن من أشد أنواع المنكر ترويع المسلمين وقتل الأبرياء من مواطنين ومقيمين ومعاهدين ومستأمنين وكل عاقل منصف يعلم علم اليقين ان السعي في الحاق الأذى بنفوس الأمة وأعراضهم وأموالهم وزعزعة أمنهم أمر خطير للغاية بكل المقاييس. ومن المعلوم أن الأمم الواعية لا تساوم على أمنها واستقرارها وعزتها وهيبتها ومنعتها. وأمة الاسلام بخاصة لا تقبل بحال من الأحوال أن يبدل أمنها خوفاً واستقرارها اضطراباً وهرجاً وفتنة مهما كلفها الأمر.
أمة الاسلام لا تقبل ولا يقبل منها أن تقبل هواناً وضعفاً بل تقول بثقة وشجاعة وحزم من عصى الله فينا وجب علينا أن نطيع الله فيه عقاباً وتأديباً ونكالاً ولكن بعدل، شريعة الاسلام صريحة في أحكامها حكيمة في معالجتها عادلة في موازينها. شريعة الاسلام قالت كلمتها في الحكم على الباغين وفي الحكم على المحاربين وقالت كلمتها في المنافقين وفي المرجفين وفي كل فتان مبين وفي كل باغ أثيم.
شريعة الاسلام حمت حمى النفوس والأعراض والأموال والنسل والعقل، شوكتها قائمة وبيضتها محمية وشِرعتها نافذة. الأمة باخلاص رجالها متيقظة، وبايمان أبنائها قوية، وبشريعة الله معتصمة وبعقيدتها الصحية ناجية وعالية. وهي سائرة بحول الله وقوته على هدي من كتاب الله وسنة رسوله لا يضرها من خذلها ولا من خالفها الى أن تقوم الساعة. تأمر بالصدق وأداء الأمانة وتنهى عن الكذب والغش والخيانة.
من استقام من أفراد الأمة فله العزة والكرامة ومن أساء وأجرم ونابذ وظلم عوقب وباء بالخزي والعار والندامة. قوة عادلة لا تُجَرّم بريئاً ولا تنجي أو تبرئ مجرماً. تعتمد اليقين وتعوِّل على ما ثبت بأدلة وبراهين وتنبذ الشك والشبهة والظنون فالأصل البراءة ما لم يثبت ضدها. لا تسمح بوجه من الوجوه بأن يفلت من قبضة العدالة مسيء أو مؤوي محدث. أمة يقوم بذمتها أدناها وهم يد على من عاداها. تتسع الأرض برحابتها لكل محسن مستقيم وتضيق فجاجها عن كل مذنب مجرم لئيم فأي أرض تقله وأي سماء تظله.
ألا فليعلم الراغبون عن بلادهم الموغلون في الأرجاف المحرضون على الشر والفساد أن بعد الشقة لا يعصم من غضب الله وعقابه فقضاء الله فيهم نافذ طال الزمان أو قصر.{وّلا تّحًسّبّنَّ اللّهّ غّافٌلاْ عّمَّا يّعًمّلٍ الظَّالٌمٍونّ}.
|