Tuesday 13th may,2003 11184العدد الثلاثاء 12 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أضواء أضواء
زلزال العراق «4»
جاسر عبدالعزيز الجاسر

كون المحطات الأولية للضربات الاستباقية النهج الذي يسيطر على فكر وأفعال الإدارة الأمريكية الحالية، والتي تمثلت في أفغانستان والعراق، وأن اللائحة تشمل دولاً إسلامية أخرى، كما يتردد في وسائل الإعلام الأمريكية وما يترشح من تصريحات وأقوال مهندسي التيار المتشدد في أمريكا، فإن الشيء الذي يجب ألا يغيب عن ذهننا هو أن الأمة الإسلامية بدولها وشعوبها معرضة لمواجهة غير مهيأة أصلاً لخوضها وليس فقط للخروج منها بسلام إن ظلت هذه الدول والشعوب تتعامل الأحداث الجسام والأزمات الدولية بأسلوب ردود الفعل التقليدية، حيث تنتظر الفعل من الجهة المعادية، أو القوى الدولية التي وإن لم تكن بعضها أو أكثر بالضرورة معادية بالحصر المادي، وأنها تسعى إلى تعزيز مصالحها وزيادة مكاسبها ومساحة نفوذها. وبقدر ما تقوم به تلك القوى والدول في سعيها لتحقيق تلك المصالح والأهداف والتي قد تصطدم مع حتى حلفائها وهذا ما شاهدناه في «العراك» السياسي بين أمريكا وبريطانيا من جهة وألمانيا وفرنسا من جهة أخرى.
ولكن الفرق بين فرنسا وألمانيا وبيننا كدول وشعوب إسلامية أننا نستكين ويقتصر دورنا على القيام بردود فعل تستوعب الحالة والوضع الذي أوجدته الأزمة والمشكلة، ومحاولة إيجاد المبرر والعذر عن سبب تضررنا منها، وقد يعالج رد الفعل المتخذ من قبلنا الوضع وقتياً، إلا أن الخلل يظل قائماً وسرعان ما يبرز أكثر وبصورة أشد عند ظهور مشكلة أخرى متصلة بالمشكلة الأولى أو مشكلة أخرى، ولكن في كل الأحوال سببه الأسلوب التقليدي للدول الإسلامية عموماً بالتوقف عند معالجة الحالة الآنية دون الغوص في العمق والذهاب إلى أبعد لمعالجة أسباب تخلفنا وعدم مجاراتنا الآخر سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وحتى اجتماعياً وفكرياً.
وهكذا ومنذ ما يمكن أن نسميه بعصر التحرر العربي، أي منذ أكملت الدول العربية تحررها وتخلصها من الاستعمار بدءاً من الخمسينات حتى يومنا الحاضر فإن العرب وهم الطليعة الرائدة للدول الإسلامية من سيئ إلى أسوأ، وهنا إن تحدثنا بصيغة التعميم، فإنه حتى الواحات المضيئة في الصحراء العربية لا يمكن أن تغطي على الانتكاسات والهزائم التي هيمنت على العمل العربي بدءاً من تقسيم «سايس بيكو» ومن ثم سلخ فلسطين مروراً بنكسة 67، وصولاً إلى احتلال العراق، ليكون عنوان هذه المرحلة التي تمتد إلى أكثر من نصف قرن احتلال ثلاث عواصم عربية، «القدس، بيروت، بغداد».
وإذا ما استمر العمل العربي يقتصر على ردود الفعل الآنية في التعامل مع الأزمات والأحداث الجسام والكوارث القومية والبحث عن أعذار ومبررات فإن مساحة الهزيمة ستتسع والكوارث ستزداد، وهذا ما جعل العديد من القادة والمفكرين يعملون جدياً في البحث عن بدائل فكرية وأنماط سياسية وإدارية لمواجهة ما تواجهه الأمة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved