Tuesday 13th may,2003 11184العدد الثلاثاء 12 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الأزمنه الأزمنه
ما أشبه الليلة بالبارحة
عبدالله بن عبدالعزيز بن إدريس

هذه الشبكة المغرر بها والتي «عثرت» أجهزة الأمن السعودي على وكر من أوكارها.. يوم الثلاثاء الماضي. في حي إشبيليا شرق مدينة الرياض.
هذا الوكر الذي كان يضج ويعج بكل أدوات وآلات الموت.. والترويع، والتدمير.. ومقارفة أكبر كبائر الذنوب عند الله - بعد الشرك - وهي قتل الآمنين.. غير المحاربين.. من نساء وأطفال ورجال لا ناقة لهم ولا جمل فيما يفكر فيه هؤلاء الجناة المتهورون - هو وكر من أوكار الغلو المتجاوز لأحكام الاسلام.. هو وكر من أوكار النفوس المريضة.. والعقول الغالية في دينها.. وهو إعادة خبيثة لمذهب خبيث.. هو مذهب الخوارج.. الذين بدأت طليعتهم أو مؤسس مذهبهم في رجل يقال له «ذو الخويصرة التميمي» في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ولإعطاء الصورة الواضحة عن نشأة هذا الحزب «الخارجي»: أورد نص الحديث الشريف حول الموضوع بكامله:
«عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: قال: بعث عليُّ بن أبي طالب من اليمن الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذَهْبةٍ في أديم مقروظ: لم تخلص من ترابها. فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة: بين زيد الخيل، والأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، وعلقمة بن علاثة، أو عامر بن الطفيل.
- شك الراوي - فوجد من ذلك بعض أصحابه والأنصار وغيرهم.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟ يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء؟ ثم أتاه رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، نأتئ الجبهة؛ كث اللحية؛ مشمر الإزار، محلوق الرأس. فقال: اتقِ الله يا رسول الله. فرفع رأسه إليه، فقال: ويحك.. أليس أحق الناس أن يتقي الله أنا؟ ثم أدبر. فقال خالد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعلّه يكون يصلي، فقال إنه رُبّ مصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لم أؤمر. أن أنقِّب عن قلوب الناس، ولا أشق بطونهم، ثم نظر إليه النبي وهو مُقفٍ فقال إنه سيخرج من ضِئضِئ هذا قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» «تلبيس إبليس» للإمام ابن الجوزي. ص90».
هذا الحديث فيه تحذير وتخويف لمن يُحكِّم عواطفه، وانفعالاته النفسية، وحظوظه الشخصية.. بأنه على خطر كبير بأن يخرج من الاسلام وهو يحسب أنه المسلم الحق.. وأن غيره من المسلمين المتمسكين بالكتاب والسُنَّة الصحيحة في ضلال من أمرهم.
وقد تحقق ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا «الخارجي» الذي رضي عن رأيه الشخصي.. ولم يرض عَمَّا فعله الذي ينزل عليه الوحي من السماء.. وهو الرسول المعصوم من الخطأ.. فاتباع هذا الرجل الخارجي هم الذين كونوا حزب الخوارج على علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الحرب التي وقعت بينه وبين معاوية رضي الله عنهما، عندما رفع أصحاب معاوية المصاحف.. وقالوا لأصحاب علي بيننا وبينكم ما في هذا المصحف.. ودعوا إلى حكمين من الطرفين المتحاربين.. فكان مندوب معاوية عمرو بن العاص السياسي الذكي.. ومندوب علي هو أبوموسى الأشعري.. وما كان هو اختيار علي بل كان يريد انتداب عبدالله بن عباس.. لكن أصحاب معاوية اعترضوا عليه بحجة أنه من أسرته..!
فاعترض نفر من أصحاب علي على التحكيم مع أنه ورد في القرآن والسنة وقالوا «اتحكمون الرجال في أمر الله؟ لا حكم إلا لله»!.
***
هنا جاء الانشقاق الكبير في الصف الاسلامي بسبب الغلو ومجافاة النصوص القرآنية.. وتحكيم هوى النفوس والعواطف المشحونة بالرؤية الفردية والثقة في هذه النفوس بأكثر من الثقة بما في النصوص الشرعية وسُمُّوا خوارج لأنهم خرجوا على علي وانتكثوا عليه.
وما حدث من هذه الشبكة الارهابية بتجميعها الأسلحة والمتفجرات وإعدادها لإيذاء المسلمين من مواطنين ومقيمين - ومن ضمنهم «أهل الذمة» - هو تجديد وتحديث لأفكار وآراء الخوارج.
إننا في هذه الفترة الحرجة من تاريخ أمتنا، نعيش بين طرفين متناقضين: الطرف المتشدد على غير هدى.. والطرف «المتَعَلْمِن».. ولكن أكثرية الأمة - بحمد الله - هي الأكثر والأقوى والأبقى «ولله عاقبة الأمور».

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved