Monday 12th may,2003 11183العدد الأثنين 11 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ومن التعدد ما قتل.. يا دباسي!! ومن التعدد ما قتل.. يا دباسي!!

إن من أمتع الحديث الحديث في التعدد لأن فيه شيئاً من الطرفة في مواقف الازواج والزوجات وردود أفعالهم وامتحاناً ومحكاً لرجولة بعضهم.. وعادة يحلو لمن له نية ان يتزوج بأخرى او قد تزوج فعلاً.. وها هو الأخ عبدالعزيز بن صالح الدباسي في مقاله المنشور في هذه الصفحة بتاريخ 11 صفر 1424هـ في العدد رقم 11154 بعنوان «سأتزوج مرة أخرى ما دام في العمر بقية!!» يبيت النية بأن يتزوج بأخرى ويعد بتوزيع رقاع الدعوة لكتاب العزيزة الذين يعارضون الفكرة.. ولا ضير في ذلك ان كان قادراً من جميع النواحي ونبارك له مسبقاً.
ولنا في أعظم مخلوق مرّ على البسيطة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة حيث تزوج من خيرة نساء الارض وصرن أمهات لنا رضي الله عنهن جميعاً.. وكل زواج له كان لسبب وحكمة وليس لدوافع جنسية وأهواء شخصية.. والموضوع من ناحية دينية لا مجال للنقاش او الخوض فيه لأنه أمر محسوم ومن يعتقد غير ذلك فعليه ان يراجع نفسه.. ولكن دعونا نناقشه من ناحية واقعية في وقتنا الحاضر وفي مجتمعنا الذي نعيش فيه الآن.. فالعديد من المحيطين بي وبكم قد تزوج باثنتين وثلاث واربع.. بل ان بعضهم لم يجد بداً إلا ان يطلق احداهن ليتزوج بالخامسة.
وبنظرة سريعة الى أهداف اولئك سنجد انها غير كافية لاتخاذ خطوة جريئة ومصيرية كهذه في حياته قد تقلبها جحيماً لا يطاق او سعادة مطلقة وعادة ما تكون تعاسة لا نهاية لها.. فمعظمهم يتزوج بأخرى طلباً للاولاد علماً بأن عنده من الزوجة الأولى ما يملأ العين من الأبناء.. ولكن حب التفاخر بعددهم واشباع غرور في نفسه هو ما يدفعه.. ولا اعتراض على ذلك ولكن المشكلة انه لا يملك ابسط المقومات وهو الدخل المادي الذي يكفل لتلك الأمم التي يعولها ان تعيش على مستوى معقول فضلاً عن المقومات السلوكية والاجتماعية والنفسية وغيرها الكثير الذي يفتقده.. فلديه الان من الاطفال اربعة او اكثر ولا يملك بيتاً يسترهم فيه فسيستأجر شقة او بيتاً صغيراً لا يكفي حتى لنصف ذلك العدد.. وراتبه من ذوي الدخل المحدود الذي لا يفي بسداد فاتورة جواله او هاتف منزله.. نعم ان لكل طفل وإنسان رزقه والرزاق موجود ولكن الأمور باعتقادي لا تؤخذ جزافاً بل تحتاج الى دراسة وتمعن ودعونا نبالغ ونقول انها تحتاج الى جدوى اقتصادية أيضاً..
والبعض الآخر لا يدفعه الى التعدد غير شهواته ونزواته الجنسية والاجتماعية.. فحبه للنساء وشغفه بهن هو ما يدفعه للتعدد.. او حب اثبات الفحولة والرجولة في مجتمع ينظر اليه بشيء من النقص والإزدراء الذي يحس به مما يدفعه لفعل ذلك دون التفكير بأي شيء آخر ليثبت لمجتمعه انه رجل فحل يستطيع ان يفعل ما يفعله الآخرون وليسوا بأكثر منه ولا هو بأقل منهم.
ودعونا ننظر الى ذلك البيت.. بيت شعبي متهالك فيه زوجتان لرجل واحد وفيه من الاطفال ما يزيد عددهم على العشرين طفلاً تتقارب اعمارهم حتى انه يصعب التفريق بينهم وتراهم أمام البيت يلعبون ويدخلون ويخرجون من باب كجحر النمل.. وكأن ذلك البيت هو للإنتاج والتفريخ فقط اما التربية فالشارع كفيل بهم ولا ضير ان نجح واحد وفسد البقية فتلك نعمة من الله.
إن العدل الذي يتشدق به اولئك هو العدل المادي الجنسي ولكنه باعتقادي عدل ناقص ان كان كذلك.. فالعدل يكون ايضاً في التربية واعطاء الوقت للزوجات والاطفال ومراعاة شؤونهم ودراستهم ورفقائهم وكيفية التوفيق بين العمل واعطاء كل تلك الأمم التي في البيت الوقت الكافي لهم فضلاً عن متطلباتهم المادية.. واوجه سؤالاً لكل من ينوي التعدد.. هل تعتقد انك قد اعطيت اهل بيتك الان من زوجة واولاد كامل حقوقهم؟ وهل تستطيع اعطاءهم إياها بعد الزواج بأخرى؟ وهل ستعطي الزوجة الثانية كامل حقوقها هي وأولادها؟ وأخيراً ما هو الهدف من هذا الزواج وما الذي تريد ان تصل اليه؟
إننا نريد انتاج اجيال تفخر بها الأمة من مجددين ومصلحين ودعاة.. جيل متعلم يسمو باخلاقه ربّي تربية بذل لها الكثير.. وليس التعدد للتعدد والثمن هو أجيال تملأ السجون ومستشفيات الأمل..

د. عبدالعزيز النخيلان الشمري

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved