أتممت اليوم خمسة وعشرين عاماً.. وأنا معلمة.. أرتب ما حولي..
كل شيء أجده قد تغير..
هذه الملامح الماثلة في المرآة..
تركتها قبل عشرين عاماً وهي مشرقة.. متألقة.. هي الآن..
مهترئة.. متداخلة..
لا أجد بوناً شاسعاً بين الملامح..
جسدي الممتلئ.. وعظامي المهددة بالهشاشة وقلبي المملوء بالملل والاعتيادية..
أموال كثيرة..
وجمعيات أكثر.. وأقساط ثقيلة..
كلما أنهيت أحدها بدأت بآخر..
.. أنظر.. أتأمل..
لكل التداخلات في حياتي أحالتني إلى مسخ مشوه من لا شيء..
زوجة عادية..
معلمة عادية..
أم عادية..
صحة عادية..
مستوى عادي..
أناقة أقل من عادية..
منزل فوضوي يمتلئ بالأشياء التي تحمل صفة أقل من عادي...
اجاباتي الدائمة لكل الأسئلة المطروحة وغير المطروحة عادية..
بل إنها تتخذ في كثير من الأحيان مفردة واحدة هي.. «عادي»..
كل شيء عادي.. لدي
إن ذهبت.. إن قدمت..
إن نمت.. إن قمت..
إن درست أو اشتملت..
كل شيء عادي..
.. لي منطقي المهادن.. المستسلم..
جعلتني شهادة معهد المعلمات قبل خمسة وعشرين سنة أظفر بوظيفة معلمة..
بنيت كما أنا في ذاكرة الناس «معلمة»..
وظللت في بيتي ومع زوجي ومع أبنائي..
أنا هي.. هي معلمة..
أذهب الصباح لأعمل..
وأعود في المساء لكي يستفيد الجميع من راتبي..
زوجي وأبنائي وأهلي وأهل زوجي وجيراني.. وفي أحيان كثيرة..
أشعر أنني الوحيدة التي لم أستفد من راتبي..
فالمرأة التي أمامي تقول هكذا..
فلا بشرة مشرقة إذا لا أعود أطباء البشرة المشهورين الذين أسمع أسماءهم مع المعلمات الجدد..
ولا أعرف الماركات التي تتحدث عنها المعلمات الجدد ولا كريمات المساء والصباح!
جسدي ممتلئ لا أشبه أبداً المعلمات الجدد..
ولا أتحدث عن الأسهم والعقارات مثلما تتحدث الجدد والمتوسطات في العمر..
.. كل ما لدي هو عادي..
أذهب وأجيء..أحضِّر الدروس.. و«تستحي» موجهاتي من تقديم الملاحظات لي.. ولا يطلبون مني مثلما يطلبون من الآخريات فأنا معلمة عادية صحتي وملامحي تعطي الآخرين انطباعاً بأنني أبلغ من العمر .. ستين..
وهم لا يعلمون أن لطيفة وهدى.. ومنى.. أكبر مني بكثير لكنهن عني مختلفات..
أنا في الثالثة والأربعين.. لكنني ظللت وسأبقى معلمة عادية.. كل شيء عندي عادي.. وأحب دائماً أن أجيب عن كل الأسئلة بإجابة واحدة هي «عادي»!!
fatmaotaibi@hotmail
11671 الرياض 84388
|