هل زلزال العراق أحد توابع أحداث 11 سبتمبر، أم أنه نتيجة للفكر الاستراتيجي الذي تنتهجه الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس بوش الابن التي تعتمد على مبدأ «الضربة الاستباقية» التي عجلت بإزاحة نظام صدام حسين سواء بتحميله جزءاً من مسؤولية تنامي الإرهاب الدولي، أم في السعي الأمريكي بتجفيف منابع الإرهاب، واعتباره أحد الأنظمة التي تدعم الإرهاب مادياً وفكرياً كون النظام العراقي السابق يعتمد أيديولوجية فكرية قومية متشددة، وهذا يعني أن الأجندة الأمريكية تحوي محطات إقليمية أخرى في مسيرتها وفق منظور «الضربة الاستباقية» للقضاء على منابع الإرهاب حسب المفهوم الذي يعتنقه الفريق المتشدد في الإدارة الأمريكية والذي كسب الرهان مع الفريق الآخر الذي لا يفضل خيار الضربة الاستباقية.
وهكذا وسواء اعتبر «زلزال العراق» أحد توابع أحداث 11 سبتمبر عام 2000 أم محطة مبرمجة لتحقيق المسعى الأمريكي لتجفيف منابع الإرهاب، فإن المؤكد أن كلا الزلزالين حدثان مهمان زلزلا الأوضاع الدولية.
وإذا كان زلزال 11 سبتمبر يعد بداية لمرحلة هامة في المتغيرات الدولية، فإنه أيضاً يعد زلزال العراق بداية مرحلة مكملة أو إضافية للتغير الدولي المتواصل لصالح النهج الأمريكي الذي وظف أحداث 11 سبتمبر، محولاً الصدمة التي أصابت الشعب الأمريكي إلى صدمات إلى من يعتقد بأنهم وراء هذه الأحداث.
حتى لا يمكن لأحد أن يشكك بأن الأمريكيين، أو بالأصح الفريق الذي ينتهج أسلوب الصدمة الاستباقية قد حقق نجاحاً في أفغانستان والعراق حتى وإن لم يتم السيطرة تماماً على هذين البلدين، إلا أن أسلوب الصدمة الاستباقية، كسب تأييد الرئيس بوش الابن شخصياً الذي يتبناها بقوة وأيضاً تحظى بتأييد قطاع كبير من الشعب الأمريكي ومن حلفاء أمريكا الذين أخذوا يتزايدون، ومعارضوهم يتناقصون.
إذن فان العالم يشهد متغيرات كبيرة بعد مخاض 11 سبتمبر وتوابعه في أفغانستان والعراق، وتابع الفرز السياسي والتحالفي بين أمريكا وحلفائها من جهة، والأقطاب الكبار في أوربا من جهة أخرى.
هذه المتغيرات الكبيرة التي تفرض إيقاعها على العالم أجمع وإن بدت الأكثر تأثيراً على المنطقة الإسلامية وهذا ما يفرض علينا أن نستوعب هذه المتغيرات ونتعامل معها ليس لحفظ مصالحنا فقط، بل للإبقاء على مصيرنا أمة.. وكحضارة وكدول وكشعوب.
|