* القاهرة مكتب الجزيرة عمر شوقي:
استبقت العديد من الدوائر الإسرائيلية وصول وزير الخارجية الاميركي كولن باول اليها بتصعيد نبرة اتهاماتها للفلسطينيين بعدم محاربة الارهاب، بحسب قاموسها، ما يعفيها من القيام بأي بادرة حسن نية تجاههم كما ترغب حليفتها واشنطن ولتبرير تفادي استحقاقاتها الواردة في خريطة الطريق الدولية واستباقا لأي ضغط اميركي محتمل في هذا الاطار ونقلت الاذاعة العبرية العامة امس، عن اوساط قريبة من شارون انه سيوضح لضيفه الاميركي ان إسرائيل تتمترس وراء طلبها الصارم بأن تشن الحكومة الفلسطينية الجديدة حربا على الفصائل الفلسطينية المسلحة لتجريدها من اسلحتها وتقويض بنيتها التحتية والعسكرية لا ان تسعى لانجاز هدنة معها.. وتابعت ان تل ابيب ستبدي قلقها حيال مواصلة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الامساك بزمام الأمور والسيطرة على معظم اجهزة الامن الفلسطينية.
وعاد شارون ليحمِّل الاتحاد الاوروبي مسؤولية ما وصفه (إحياء الرئيس الفلسطيني من جديد) مسبغا على سياسة اوروبا صفة الانحياز للفلسطينيين والعمل على تقوية عرفات على حساب ابومازن ووزير الشؤون الأمنية محمد دحلان.
والمحت مصادر سياسية رفيعة المستوى في تل ابيب الى ان شارون قد يرفض لقاء الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي، خافيير سولانا ووزير خارجية اليونان باباندريو، احتجاجا على اصرارهما على التقاء الرئيس الفلسطيني في رام الله وبحسب الاذاعة ذاتها فإن شارون سيتناول مع باول نتائج زيارته الاخيرة لدمشق ليقول له إن سوريا لم تتجاوب مع المطالب الاميركية الإسرائيلية كافة.
من جهته سارع السفير الإسرائيلي في واشنطن، داني ايالون، الى تلخيص زيارة باول قبل بدايتها بالتقدير انه يستبعد أن تمارس الولايات المتحدة اي ضغوط على حليفتها بما يتعلق بتنفيذ المطلوب منها في الخريطة الدولية، وقال ايالون للاذاعة العبرية ان هناك تفهما عميقا في الادارة الاميركية لاحتياجات إسرائيل، وأضاف ان كل ما تبغيه واشنطن اعطاء زخم للعملية السياسية في المنطقة لكنها تدرك في الأوان ذاته ان التقدم سيكون بطيئاً جدا فالولايات المتحدة اكبر صديق لإسرائيل وستكون الزيارة جيدة وايجابية جداً.
وكتبت صحيفة هارتس، ان باول سيعتمد في مفاوضاته مع الإسرائيليين والفلسطينيين معادلة الامن مقابل التسهيلات وبادرات حسن النية، واضافت ان تل ابيب ابلغت واشنطن استعدادها القيام بسلسلة تسهيلات اقتصادية وانسانية وسحب جيش الاحتلال من مناطق بمقدور الفلسطينيين بسط سيطرتهم الأمنية عليها ومحاربة الارهاب لكنها ستفعل ذلك فقط بعد ان تتيقن من نيات الفلسطينيين الحقيقية في محاربة الارهاب وتثبتها على أرض الواقع وقالت الصحيفة ان التسهيلات ستكون شكلية في أحسن الاحوال لافتة الى ان قيادة الجيش تعارض حتى مثل هذه التسهيلات.
وبثت الاذاعة ان الموقف من هذه المسألة سيحسم في اتصالات بين مسؤولين في مكتب شارون ووزارتي الخارجية والأمن.
وتنشر الصحيفة نتائج استطلاع للرأي أفادت بأن 65 في المائة من الإسرائيليين يؤيدون خريطة الطريق لكن غالبية من 54 في المائة تستبعد التزام حكومة شارون تنفيذ المطلوب منها وترتفع هذه النسبة الى 71 في المائة حين يُسأل الإسرائيليون عن احتمال تطبيق الفلسطينيين استحقاقاتهم الواردة في الخريطة.
من جهة ثانية افادت مصادر اميركية مطلعة امس ان صبر الادارة الاميركية اخذ ينفد ازاء الحكومة الإسرائيلية التي لا تعبأ بالتوجهات الاميركية المتتالية بالقيام بتسهيلات انسانية للفلسطينيين والاقدام على خطوات لاعادة بناء الثقة بهدف مساعدة رئيس الوزراء الفلسطيني وترسيخ مكانته وعدم اشتراطها بتنفيذ الفلسطينيين المطلوب منهم أولاً في جهة فرض السيطرة الامنية و(مكافحة الارهاب) او حصر المناقشة حول خريطة الطريق في المسائل الأمنية.
وكانت بوادر الخلافات في الرأي بين واشنطن وتل ابيب حول تفسير نص خريطة الطريق اخذت تطفو على السطح حين اعتبر مراقبون إسرائيليون مطالبة مساعد وزير الخارجية الاميركي، وليام بيرنز، إسرائيل باتخاذ خطوات للتسهيل على الفلسطينيين وحرية تنقلهم مؤشرا اول لهذه الخلافات حيال موقف الاخيرة القائم على عدم تنفيذ أي من استحقاقاتها الواردة في خريطة الطريق الدولية قبل أن يشن الفلسطينيون حربا حقيقية لدحر المنظمات المسلحة.
وقال بيرنز، في ختام لقائه وزير الخارجية الإسرائيلي سلفان شالوم الاحد ان الولايات المتحدة تتوقع من إسرائيل تنفيذ تسهيلات لتحسين أوضاع الفلسطينيين الانسانية الصعبة وترفع القيود عن حرية تنقلهم كما تطالب الفلسطينيين بمحاربة الارهاب من دون تلكؤ وتابع أن الرئيس الاميركي جورج بوش اكد التزامه في أكثر من مناسبة بعملية السلام وعلى المسارات كافة ومن ضمنها المسار السوري وانه يصر على دفع خريطة الطريق لتحقيق رؤية دولتين، إسرائيل وفلسطين.
ورد شالوم على اقوال بيرنز بان تل ابيب لن تقبل باتفاق وقف للنار تنجزه الحكومة الفلسطينية مع المنظمات المسلحة وأنها تطلب حربا حقيقية على الارهاب وان مثل هذه الحرب ضرورية قبل التقدم في المسار التفاوضي. وكان شارون أبلغ وزراء حكومته، خلال جلستها الاسبوعية الاخيرة، انه سيتولى شخصياً إدارة المفاوضات مع السلطة الفلسطينية واضعا بذلك حدا لانقسامات هددت حكومته على خلفية قيام وزير الامن شاؤول موفاز، تشكيل طاقم خاص من أركان الجيش لتركيز الاتصالات الأمنية مع الفلسطينيين التي تتوقع تل ابيب ان تدوم عاما، مما أثار حفيظة وزير الخارجية الذي شعر ان الغرض من تشكيل الطاقم استثناؤه من عملية التفاوض كما جاء قرار شارون بعد انتقادات شديدة اللهجة وجهها زعيم حزب (شينوي)، يوسف لبيد، الذي رأى في حصر المفاوضات في أيدي مسؤولين عسكريين توجهاً بأن يتم التعامل فقط في المسائل العسكرية وتجاهل تلك المدنية. وقال موفاز إن الكرة موجودة الآن في ملعب ابومازن وعليه ملقاة مهمة محاربة الارهاب بالافعال لا بالاقوال وعاود اتهام الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بالسعي لإحباط جهود ابومازن وان ذلك تمثَّل بقراره تشكيل مجلس الامن القومي الفلسطيني وهو اداة بيد عرفات للالتفاف على وزير الدولة لشؤون الامن محمد دحلان. من جهته قال شالوم ان ابومازن لا يرغب بالدخول الآن في العملية السياسية والتفاوض حول خريطة الطريق وانه يميل الى العمل أولاً على ترسيخ مكانته فلسطينياً ومحلياً.
ومن المنتظر ان يتوجه شارون، اواخر الشهر الحالي الى العاصمة الاميركية واشنطن للمرة الثامنة منذ تسلمه رئاسة الحكومة قبل 26 شهرا للقاء الرئيس بوش والتباحث في التطورات المستجدة، فيما يرجح لقاؤه مع رئيس الوزراء الفلسطيني الاسبوع المقبل بعد ان اعلن ان ارجاءه جاء لأسباب فنية تتعلق اساسا بانشغال إسرائيل في احياء الذكرى السنوية ال 55 لإقامتها فضلاً عن ضرورة التحضير جيدا لهذا اللقاء.
من جانبه دعا وزير شؤون المفاوضات في الحكومة الفلسطينية صائب عريقات إسرائيل الالتزام باستحقاقاتها الواردة في خريطة الطريق انسحاب الجيش الى المواقع التي كان فيها عشية اندلاع الانتفاضة ورفع الحصار على مختلف اشكاله والافراج عن المعتقلين ووقف النشاطات الاستيطانية واصدار بيان تعلن فيه قبولها للدولة الفلسطينية المستقلة الى جانبها واشار في حديثه لاذاعة صوت إسرائيل ان الرباعية الدولية وليس إسرائيل هي المخولة بمراقبة التنفيذ.
واضاف أن قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قبول الخريطة ودعوة إسرائيل الى الموافقة عليها جاء ايضا تلبية لطلب اعضاء الرباعية الدولية الذين أبلغونا وبكل وضوح ان الخريطة تطرح للتنفيذ وليس للتفاوض.
وتابع عريقات أن حوار القاهرة بين الفصائل الفلسطينية سيستأنف قريبا من اجل إقرار ورقة العمل المصرية التي طرحت في الجلسات السابقة وكلنا امل ان يُصار الى وضع المصالح الفلسطينية العليا فوق أي اعتبار.
ولقد أفادت مصادر صحافية إسرائيلية ان وزارة الدفاع قررت تجميد مخطط إخلاء 12 بؤرة استيطانية اقيمت من دون اذن الجيش الإسرائيلي، وان طاقماً خاصاً يعكف على بلورة معالجة هذه المسألة.. وفيما علل مسؤولون عسكريون ارجاء التنفيذ ب «إشكاليات قانونية وفنية» اعتبرت احزاب اليمين ذلك ثمرة ضغوط مارسوها على اقطاب الحكومة ورأى الوزير المتطرف ايفي ايتام إخراج الانسان من بيته عقوبة في منتهى القساوة تتخذها دولة ضد مواطنيها!!
|