* موسكو - سيد طانيوس:
تحول اليوم الثقافي العربي الذي أقامته الأكاديمية السعودية، اليوم، في موسكو، تحت رعاية سفارة خادم الحرمين الشريفين، إلى عرس للثقافة العربية ومنبر للحضارة الإسلامية في روسيا كلها، شارك فيه عشرات الدبلوماسيين العرب المعتمدين في العاصمة الروسية وحشد من المثقفين والكتاب والإعلاميين والأكاديميين الروس والعرب، في جو من البهجة والحبور تم فيه استعراض ثقافة وفنون وفولكلور وحضارة 17 بلداً عربياً لبّى ممثلوها الرسميون وأعضاء جالياتها دعوة مدير عام الأكاديمية السعودية، الأستاذ ماجد الحربي، لإقامة هذا اليوم الثقافي في صرح مباني أكاديمية العلوم الانسانية والاجتماعية الروسية التي تصنفها منظمة اليونسكو كمعلم أثري من أهم معالم الثقافة الروسية في موسكو.
مبادرة اقامة يوم طويل ومنوع للثقافة العربية والإسلامية في العاصمة الروسية اطلقتها الأكاديمية السعودية في موسكو، وأخذت على عاتقها أمر تنظيم هذا اليوم الثقافي الذي بدا منارة مشعة ومضيئة للحضارة العربية والإسلامية في قلب موسكو التي كانت موشحة بغيوم رمادية ومجللة بمطر لم ينقطع تهاطله طوال هذا اليوم، وكان من اللافت جداً الشعار الذي ابتكره مدير عام الأكاديمية، الأستاذ الحربي، لاطلاق هذا اليوم الثقافي وتعزيز وتوسيع المشاركة فيه، حيث وجه نداء المشاركة في هذا اليوم الثقافي لطلاب الأكاديمية الذين يتحدرون من مختلف البلدان العربية، وكذلك للسفارات والممثليات الدبلوماسية العربية المعتمدة في روسيا تحت شعار تعبوي، يقول: عرّف ببلدك!.
قاعة العرض الفسيحة غصت بمعروضات ثقافية وفنية وفلكلورية من 17 دولة عربية، توزعت على أجنحة مختلفة بعدد الدول المشاركة، كان أكبرها وأغناها الجناح السعودي ومن ثم الجناح المصري، وشارك في أجنحة هذا المعرض كل من: المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، قطر، البحرين، سلطنة عمان، الكويت، مصر، السودان، ليبيا، لبنان، سوريا، فلسطين، تونس، الجزائر، المغرب، الأردن، وحتى العراق المنكوب لم يتخلف طلابه عن المشاركة الواسعة في هذا المعرض الثقافي والحضاري بجناح كان يكتم بغصة صرخة المأساة التي حلت بهذا البلد العربي.
وتوزعت في هذه القاعة شاشات عرض سينمائي كبيرة قامت بعرض لوحات فنية من الفولكلور السعودي بالصوت والصورة طوال مدة اقامة هذا المعرض.
افتتح المعرض سعادة سفير خادم الحرمين الشريفين الأستاذ محمد حسن عبدالولي يحيط به سفير مصر الأستاذ رؤوف سعد، والسفير اليمني عبد علي عبدالرحمن، وعميد أكاديمية العلوم الانسانية والاجتماعية الروسية، البروفيسور ايغور ايلينسكي، ومدير عام الأكاديمية السعودية في موسكو الأستاذ ماجد الحربي، وحشد من الدبلوماسيين والإعلاميين والطلاب والأكاديميين العرب والروس، وتنوعت المعروضات في هذا المعرض من المنشورات والكتب والكاتلوغات العربية والإسلامية إلى السيوف المهندة والخناجر، مروراً بالطيوب والعطور العربية والقهوة من مختلف المذاقات والألوان.
بعد الافتتاح والقيام بجولة طويلة في أرجاء المعرض والتوقف أمام كل جناح من أجنحته، توجه السفراء والدبلوماسيون والإعلاميون والحشد المشارك إلى صالة مسرح أكاديمية العلوم الانسانية والاجتماعية الروسية، حيث بدأ الاحتفال بالنشيدين الوطنيين السعودي والروسي، وتلا ذلك كلمة معبرة لعميد هذه الأكاديمية، البروفيسور ايلينسكي، قال فيها: إن اختيار توقيت اقامة هذا اليوم الثقافي العربي الطويل في العاصمة الروسية لم يكن بالصدفة أبداً، بل جاء اختياره في هذا الوقت بالذات، تعبيراً عن وقوف روسيا ومواطنيها وفعالياتها وأكاديمييها ومثقفيها إلى جانب الثقافة العربية والإسلامية العريقتين والاصيلتين في مواجهة الهجمة الغربية عليهما، واصفاً هذه الهجمة بأنها عدوان ثقافي حضاري على ثقافة أمة قدمت للبشرية الكثير من العلوم والمداميك الحضارية والثقافية.
سعادة سفير خادم الحرمين الشريفين في موسكو الأستاذ عبدالولي، اعتبر في كلمته أن اقامة هذا اليوم الثقافي العربي في العاصمة الروسية يهدف لتعزيز أواصر التعاون الثقافي وتوطيد التبادل الحضاري بين العالم العربي وروسيا.
عميد الأكاديمية الروسية التي استضافت هذا اليوم الثقافي العربي، البروفيسور ايلينسكي، توج مهرجان الثقافة العربية في موسكو بمنح مدير عام الأكاديمية السعودية الأستاذ ماجد الحربي، شهادة تقدير فخرية من رتبة الشرف، وقال أثناء تسليمه هذه الشهادة ان الأستاذ الحربي جاهد بنفسه كثيراً من أجل اعلاء لواء الثقافة العربية والإسلامية في عموم روسيا، وبذل نشاطاً منقطع النظير من أجل توطيد أواصر التعاون الثقافي والحضاري بين العالم العربي وروسيا عامة، وبين روسيا والمملكة العربية السعودية خاصة، لدرجة أن اسمه أصبح على كل شفة ولسان ليس فقط بين الأكاديميين والاختصاصيين الروس، بل أيضاً على شفاه وألسن الكتاب والمثقفين والمستشرفين الروس في طول البلاد وعرضها.وتخللت المهرجان الثقافي العربي في موسكو، عروض فنية قدمتها فرق من طلاب الأكاديمية السعودية في العاصمة الروسية، تمثلت بلوحات فولكلورية وعروض فنية لطلاب كل دولة من الدولة العربية السبع عشرة المشاركة في هذا اليوم الثقافي العربي، وكذلك للطلاب الروس الدارسين في الأكاديمية السعودية، كان أبرزها عروض الأزياء السعودية التي قدمتها باقة من الفتيان والفتيات من أبناء الدبلوماسيين والأكاديميين السعوديين العاملين في موسكو، ورقصات أداها طلاب وطالبات يمنيون بالخناجر والأزياء اليمنية التقليدية والفولكلورية، بالاضافة إلى قصائد شعرية مغناة.
واختتم اليوم الثقافي العربي في موسكو بحفل عشاء قدمت فيه المأكولات العربية، وتوج بكلمة لمدير عام الأكاديمية السعودية في موسكو الأستاذ ماجد الحربي، أكد فيها أن المملكة قيادة ومواطنين تؤيد حواراً بنّاء وصريحاً بين الحضارات بدلاً من الدعوة إلى صراع بين الحضارات يجري الترويج لها لأهداف لا تخفى على أحد، مشيراً إلى أن العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط بالذات هي مهد للحضارة الانسانية ومهبط لجميع الرسالات السماوية التوحيدية، ومعلم مهم من معالم الثقافة والحضارة في العالم، على الرغم من محاولات تصوير الثقافة العربية والإسلامية بوجه مختلف بعيد أحياناً عن واقع الحال وحقيقة الأمر.
|