لقد أهدتني نويّر بنت مطلق العتيبي «خواطرها الوردية» هذه البداية الواعدة لقلم يشق طريقه في عالم الكتابة هذه الخواطر تحمل إحساساً خاصاً بالزمن، يجعل الكاتبة تحس وطأته، تنغمس فيه، وتغالبه بالخواطر.
رأت فيه رحى دائمة الطحن، دؤوباً، تنقلنا من عالم الى آخر، وحين نحس به نجد أن أشياء كثيرة حدثت.. تواعد الخلان ثم تفرعت بهم دروب الحياة، انتقلت هي ذاتها من يومها الأول في المدرسة بيافطتها البيضاء لتجد نفسها تهنأ بنيل شهادة الثانوية وتدخل الجامعة، وتترقب الأيام في السنة وتحاول لململة خرزها ولكن هيهات.
«انقضى عام كامل بأيامه ولياليه وساعاته ولحظاته، انقضى بأسابيعه وشهوره وكأنه عقد لؤلؤ انفرط لتتساقط الآلي الواحدة تلو الأخرى».
ومن خلال هذا الزمن من ترقب الكاتبة واقعها بعين البصير، تلامس الواقع الاجتماعي، تلك الأم التي كرست حياتها لحياة الابن وجازاها عقوقاً، تنظر إلى فلسطين الجريحة وتأسى لأساها، ترى تلك المرأة المطلقة التي ما كادت تخرج من أسر المشاكل الزوجية حتى وقعت بين براثن المجتمع ونظراته العاتبة، تقف عند الطفولة البريئة تجرحها- وهي لا تزال في عنفوانها- زواجر مدرسة قاسية فتنكمش على ذاتها، ويبقى الصوت حبيساً، ولا تنفع تشجيعات الأم في خروج صوت ابنتها من جديد، إنها صور من واقع الحياة ترسمها ريشة الكاتبة بصدق متناه، وإحساس عميق بألم ومعاناة الآخرين حتى إنها لتتمنى أن تصبح إخصائية نفسية عساها تزرع الأمل من جديد في القلوب وتعيد البسمة إلى الشفاه الذابلة.
وللكاتبة عوالمها الحالمة التي تنأى بها عن الواقع المأزوم، فتركن إلى البحر تحاوره وإلى القمر تناجيه وإلى الليل ترقب سكونه وهدوءه وتلتفت لفتات ذكية إلى حلم الكتابة الذي تجد فيه متنفساً لكل هذه الأحاسيس.
والكاتبة تدعم آراءها ومواقفها بالاستشهادات الثرية من قرآن وحديث وشعر وقول مأثور مما يعكس خلفيتها الثقافية، فتأخذ من المعري، ومن الحسن البصري، ومن المتنبي، ومن المنفلوطي.
ومجمل القول: إن قلمها قلم واعد، وفكرها ملتزم، يرصد بصدق ورؤية آفاقها وواقعها.
د. مباركة بنت البراء
جامعة الملك سعود- قسم اللغة العربية
|