في الولايات المتحدة، بين الحين والآخر ظللنا نواجه رؤساء امريكيين يتجنبون قول الحقيقة بهدف التغطية على أهداف تخدم مصالحهم الشخصية. يرد إلى الذهن ريتشارد نيكسون (فضيحة ووترجيت) ثم بيل كلينتون (فضيحة ليونيسكي)، وأخيراً جورج بوش. والحرب على العراق.
لقد ساقنا جورج بوش إلى الحرب بذريعة نزع اسلحة الدمار الشامل العراقية التي لم يتم العثور عليها حتى الآن. ليس هنالك قريب لأحد أعضاء الكونغرس أو مسؤول في الإدارة الامريكية جُرح أو قُتل في العراق.
حين نظرت في الصور وقرأت في الأخبار القصيرة عن أولئك الذين قتلوا في الحرب، رأيت أنه كان يمكنهم أن يكونوا من بين جيراني. لم يكونوا قلقين من أن يؤثر مشروع بوش للضرائب على حياتهم أو حياة آبائهم. لقد كانوا من بين الطبقة الفقيرة أو المتوسطة. إن الحلم بحياة أفضل دفعت معظمهم للالتحاق بالجيش. كان الأمر بالنسبة لهم مجرد التزام قصير مدته عام واحد يشقون بعده طريقهم للجامعة ربما ليكونوا أول من يفعل ذلك في تاريخ الأسرة لقد كان الشباب والشابات، في تلكم الأزياء العسكرية يعنون ما يقولون حين رددوا عهد الولاء الآن في الوقت الذي يعلن دونالد رامسفيلد أنه سيد الكون وأنه يريد أن يتيقن من أن مواطني العالم يعرفون أنها كانت خطته، حربه، وانتصاره هو وليس احد آخر.
لقد ذهبنا إلى الحرب. تسببنا في موت أولئك الجنود من البحرية والجيش. وقتلنا وجرحنا آلاف المواطنين ودمرنا بلدا عريقا. إن صورة الطفل ذي الثلاثة عشر عاما الذي فقد ذراعيه وغطت الحروق معظم جسده. والذي أبيدت عائلته أمام عينيه. تقول آلاف الكلمات التي تدمي القلب. لكن البعض في امريكا سيقولون: «إننا حررنا ذلك الصبي!»وماذا كان السبب للحرب؟ قالها جورج دبليو بوش المرة تلو الأخرى إن العراق يملك أسلحة للدمار الشامل وأنه يملك القدرة على إيذاء الولايات المتحدة بتلك الأسلحة. كان ذلك هو السبب الذي لم نسمح به للأمم المتحدة بمواصلة التفتيش. كان علينا أن نتصرف. كان علينا أن نقوم بحماية أنفسنا. الآن نحن نعرف السبب الحقيقي. أثبتت الأحداث اسباب رفضنا للحرب. كان مفتشو الأسلحة الدوليون يعرفون ما يعرفه رامسفيلد. لم يكن العراق يملك أسلحة للدمار الشامل. لو كانت الإدارة منحت هانس بليكس مزيدا من الوقت. لكان مفتشو الأسلحة الدوليون قد أثبتوا ما نعلمه الآن. لم يشكل العراق تهديداً بعد 11 عاما من القصف الأمريكي والعقوبات الدولية، لم تكن لديه قوات جوية. لم تكن لديه القدرة للقتال. ولم تكن لديه القدرة لإيصال أسلحة الدمار الشامل لأهدافها.
مدركاً هذه الحقائق، عرف بوش أنه لن تكون هناك حرب بالمعنى المعروف. لقد كان تدريبا على التصويب على أهداف حية. من السخرية بمكان أن يقول مقدمو الأعذار الآن «أمنحونا مزيداً من الوقت وسوف نعثرعلى تلك الأسلحة». كان آخر من قال ذلك، بليكس، لقد تعرض لهجوم قاس وتجريح من قبل الإدارة الامريكية لكن لنفترض أنهم عثروا على بعض من هذه الاسلحة. ما المغزى؟ إن العراقيين لم تكن لديهم القدرة على إيصال الأسلحة لأهدافها. وكان الدليل على ذلك إن مثل هذه الأسلحة لم يتم استخدامها لكن أحد مبادىء الرئيس بوش هو: لا تعتذر إطلاقا عن تصرفاتك. لقد تجنبت الحكومة الامريكية قول الحقيقة حول أسلحة الدمار الشامل في سبيل غزو العراق للسيطرة على حقول النفط. ولتحقيق أرباح لشركتي «هاليبيرتون» و«بيكتل». ولكي نقول للعالم نحن رقم واحد.
إن هذه هي أحد المآسي ذات الأبعاد التي ربما يستحيل تصورها. سوف يُنظر للولايات المتحدة لأجيال قادمة كبلد لا يتردد عن عدم قول الحقيقة للوصول إلى غاياته. إننا كأمة نفتقد إلى صوت الضمير. إذا أراد العالم دليلا فليسمع بوش أو رامسفيلد يقولان إننا غزونا من أجل «الديمقراطية». لكن بالطبع سوف نقوم بفرض ديمقراطية بشروطنا نحن. لقد قمنا بتحريرهم، وسوف نجعلهم ديمقراطيين. أما بالنسبة لأولئك الذين فقدوا ابنا أو ابنة حسنا لم يقل أحد أن الحرية تأتي دون تضحية.
(*) «ذي كابيتال تايمز» الأمريكية
|