عشية جولة وزير الخارجية الأمريكي كولن باول في المنطقة تحدث الرئيس الأمريكي عن رؤية أمريكية جديدة للمنطقة مؤكداً التزامه الشخصي بأن «تعمل أمريكا دون ملل لتحقيق دولتين: فلسطين وإسرائيل تعيشان جنباً إلى جنب في أمن ورخاء وسلام».
ويفترض أن جولة باول ستضع حجر الأساس العملي لهذا الالتزام ولذلك فإن هذه الجولة ستكون محكاً حقيقياً لرؤية مدى تمسك الولايات المتحدة بالتزاماتها وبالسلام الحقيقي الذي لا يمكن تطبيقه إلا بالضغط على اسرائيل طالما أن الطرف الفلسطيني يتجاوب بصورة واضحة مع ما هو مطروح وتحديداً خارطة الطريق..
فوزير الخارجية الأمريكي هو منفذ هذه الرؤية الأمريكية الجديدة للمنطقة التي تفترض في مرحلة لاحقة إطلاق تعاون تجاري بإنشاء منطقة إقليمية للتجارة الحرة، وهكذا فإن جولة باول تكتسب أهمية باعتبار أنها تبرز الجانب العملي للتصور الأمريكي، وهو لذلك مطالب بأن يوفر كل أسباب النجاح لجولته هذه مستفيداً من خطاب بوش الذي يحمل الوعود بالدولتين وقدراً من الضغوط على الجانب العربي، لكن لا أحد قادر على أن يتبين ما إذا كان هناك ثمة ضغوط على اسرائيل أيضاً.
ولن يتحقق النجاح لمهمة باول ولأمريكا ككل في المنطقة، إلا بالاستناد إلى إرث من محاولات التسوية يشمل عشرات القرارات الدولية التي تطالب اسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة والاعتراف بحق اللاجئين في العودة وعدم شرعية احتلالها القدس.
إن محاولة القفز على هذا الإرث الدولي أو تجاوزه بدلاً من الاستعانة به كأساس للتسوية يعني تجاهل إرادة المجتمع الدولي كما يعني أن واشنطن مصرة على أن تأخذ الأمر بيدها وحدها وتفرض الحل الذي تريده!
وتنطوي الرؤى الأمريكية على تشجيع الديمقراطية والإصلاح، ولأن الأمر كذلك فإن غياب النهج الديمقراطي في التعاطي الاسرائيلي مع الفلسطينيين ومع المجتمع الدولي يستوجب معالجة تركز على اسرائيل باعتبار أنها معوقة لإرادة المجتمع الدولي في السلام وكعنصر غير ديمقراطي لا يلتزم بإرادة الأغلبية الدولية.
وتستطيع الولايات المتحدة أن تسهم في خلق عالم جديد محوره العدل والسلام إذا استطاعت أن تسلك بالطريقة التي تعكس توق المجتمع الدولي في الأمن والعدل والسلام بعيداً عن المصالح الضيقة التي تُعلي فقط من شأن إسرائيل وتهمل الآخرين تماماً.
|