عنوان المقالة أعلاه مثل عربي قديم لصياغته قصة فحواها أن رجلاً ضاع له بعير وبعد ان أعياه البحث عنه أقسم أنه في حال وجده فسوف يبيعه بدرهم واحد، وبالفعل فقد عاد إليه بعيره غير أن الطمع منعه من بيعه بدرهم وبعد أن تزايدت عليه ضغوط «الشريطية» تذكيراً له بقسمه بادر واصطاد قطة وعلقها برقبة بعيره معلنا حينها انه على أتم الاستعداد للبيع شريطة أن يكون البعير بدرهم واحد والهرّة بألف درهم مصراً في الوقت نفسه على بيعهما معاً.. يعني بالجملة، ولهذا قالت العرب تمثلاً: «ما أرخص الجمل لولا الهرّة!» وذلك كناية عن المواقف التي يجتمع فيها النفيس والخسيس في آن، ومما يبدو فلهذا المثل رغم قدمه تطبيقات عصرية أقربها إلى الذهن ما تفعله أمريكا حين تقدم بطواعية على بيع ما تدعيه من المبادئ والقيم، انها تبيع القيم بما يعادل الدرهم الواحد أو أقل منه غير انها تعلق برقبتها اسرائيل لتعرضها أو تفرضها على الجميع بأغلى الأثمان، فما أغلاها أمريكا لولا إسرائيل التي بسببها يمتنع هذا الغلاء عن التجلي في سماء الحقيقة التاريخية فلولا «لولا» الامتناع الاسرائيلية هذه لكان بإمكان غالب سكان هذه المعمورة ومنهم المسلمون تحقيق التعايش الأمثل مع أمريكا بكل ألفة ومودة ولاسيما ان المسلمين يتميزون تاريخياً بصفة ربانية تتمثل في حقيقة انه نادراً ما عهد عنهم تاريخياً ولأسباب عقدية معاداة من عاملهم بالخير ولم يرمهم بالعداوة أولاً.
إن الجمل في المثل المذكور ليس إلا أمريكا بينما تمثل اسرائيل القطة غير الأليفة.. بل القطة المسعورة بمخالب الاحتلال والتوسع على حساب الأبرياء من ذوي الحقوق المشروعة تاريخياً، إذن فكم وكم باعت أمريكا من المبادئ الثمينة في سبيل الحفاظ على مبادئ هذه القطة الرخيصة بل الوضيعة والشاذة؟!، بل كم من حقوق إنسانية سلبتها أمريكا مستعيرة مخالب هذه الهرّة، وكم من الدماء.. أغلى الدماء التي تم إراقتها أمريكياً بأرخص الأسعار ولعيون ذات السعار: القطة الصهيونية.
أما العزاء.. فالتاريخ حتما هو العزاء حيث الأيام دول.. ويكفي من العزاء حقيقة أن العرب هم الأمة الوحيدة التي تعلم علم اليقين مقدماًَ .. مسبقاً بموعد زوال عدوها: إسرائيل. ومتى ذلك؟ بالطبع بمجرد أن تخطو أمريكا أولى خطوات التضعضع نحو الزوال، وحين يطيح الجمل تطيح الهرّة.. وحينها تكثر السكاكين المسنونة بعظام الأبرياء المسمومة بدمائهم الزكية!
|