أقر مجلس الشورى مؤخراً خفض الضريبة على الاستثمار الأجنبي الى 25% من الأرباح الصافية المحققة لهذه الشركات حسب موازناتها المنشورة، وهذا الاقرار من مجلس الشورى للخفض للمرة الثانية التي يتم بها، حيث اصبحت هذه الضريبة احدى المعوقات الرئيسية لعدم تدفق الاستثمار الاجنبي الذي توقع له التدفق حيث ان معوقات الاستثمار الاجنبي حسب ما أعلنه المحافظ الأمير عبدالله بن فيصل بن تركي وصلت الى ما يتجاوز مئة عائق، وهذه المئة عائق يشترك بها كل الجهات الحكومية وغير الحكومية ولكن التركيز كان على القطاع الحكومي الذي يعتبر العائق الرئيس في عدم تدفق الاستثمار الاجنبي من إجراءات وبيروقراطية وسلسلة القرارات التي لا تنتهي وعدم التنسيق بين الوزارات وعدم توفر الكفاءة في الأيدي العاملة من المواطنين لعدم وجود مخرجات تعليم تواكب الحاجة ومتطلبات السوق، كذلك البنية التحتية الخاصة بمجال الاتصالات بمختلف مجالاتها وارتفاع اسعارها، وغيرها من العوائق التي نشرتها الهيئة مفصلة.
بالرغم من مرور ما يقارب ثلاث سنوات على الهيئة العامة للاستثمارات والجهود الكبيرة والملموسة التي يبذلها المحافظ لتذليل كثير من المصاعب إلا انه لم يحقق الأهداف التي يتطلع لها القطاع الخاص حيث عبّر مجلس الغرف السعودية وبتصاريح منشورة ان الضريبة التي خفضت الى 25% لا زالت تعتبر مرتفعة جدا مقارنة بالدول المجاورة ولن نقول البعيدة، حيث لازالت تعتبر عامل طرد لها وليس جذب كما يمكن تصوره، والهيئة ترفع الكثير من التوصيات والدراسات لتذليل الصعوبات أمام التدفق الاجنبي ولكن لازال الوضع بدون اتخاذ اجراء ملموس يدفع بالمستثمر الاجنبي والاستثمار ولازال هناك حالة من التذمر من الاستقراب عن مسببات عدم تدفق الاستثمار الاجنبي، وللحقيقة هي لا تحتاج الى دراسة لمعرفة الاسباب والمعوقات لذلك ان اردنا تحليل ذلك، ويمكن سؤال اي مستثمر اجنبي عن سبب عدم ضخ استثماره في المملكة فيرد بسؤال بسيط جداً، كم يستغرق استخراج الرخصة او السجل التجاري، كم جهة حكومية أضطر للمتابعة معها، وان اردنا التدقيق بالشؤون المالية فإن الضريبة هي عائق رئيس وكبير ومهم لا يدفع المستثمر الاجنبي للقدوم.
يجب ان ندرك ان الاستثمار الاجنبي مهم جدا وتدفق هذه الأموال أكثر أهمية، خاصة في اقتصاد يعتمد على مورد رئيس في دعم الموازنة وهو النفط الذي يشكل ما يقارب 80% من دعم الميزانية، وهذا مستمر الى اجل غير معروف في ظل هذه الظروف الاقتصادية التي لا تظهر في الافق تغيراً ملموساً في ايجاد موارد اخرى تدعم الموازنة، وهنا يأتي دور الاستثمار الاجنبي الذي يعتبر رأس ماله خائف دائماً يبحث عن الامان والاستقرار في كل جوانبه، ولكن لدينا هنا عدم استقرار في القوانين والأنظمة وآخرها تعديل الضريبة التي لازالت لا تحقق الطموحات والتطلعات المطلوبة، يجب فهم ان هناك دولاً منافسة وبيئات اخرى يتوفر فيها من التسهيلات ما قد لا يتوفر لدينا سواء من حيث الأيدي العاملة او القوانين والانظمة او الحوافز او الضريبة التي تقر في هذه الدول ولن نبتعد كثيراً وللنظر للدول المجاورة واقصد بها «دبي» ومنطقة جبل علي، لماذا هناك مصانع سعودية وهم مواطنون ومن اهل هذا البلد يذهبون الى هناك، في ظل اننا نبحث عن الاجنبي ونحن في الأساس لم نحافظ على المواطن المستثمر؟!
هناك خلل كبير ويجب الاعتراف به للمعالجة، ولأن الاستثمار الاجنبي اصبح احد اهم الروافد للايرادات الحكومية ولكسب الخبرة وتشغيل المواطنين يجب ان نهتم بها لمعالجة أي عوائق تتم بهذا الخصوص، ولا زال هناك سلسلة إجراءات طويلة في تعديل انظمة الاستثمار لدينا مطلوبة، وسوف يستمر التعديل في الأنظمة مع الاصطدام بعد فترة زمنية ليست طويلة بعدم تدفق الاستثمار الاجنبي والذي سيكون واضحا جدا، ثم نبدأ بتعديلات اخرى، لماذا لا يتم منح الهيئة القرار في كل شأن استثماري وتكون هي الحلقة الرئيسية مع بقية الجهات الحكومية لكي يتم حصر القرارات والإجراءات لديها بدلا عن الحالي.
|