* الجزائر أ ش أ:
أنهى التشكيل الوزاري الجديد في الجزائر الذي أعلن مساء الجمعة ما اعتبره البعض بمثابة أزمة للنظام تصادم خلالها رئيس الدولة مع رئيس الوزراء الأمين العام لحزب الأغلبية البرلمانية.. فيما أنهى في نفس الوقت الكثير من التكهنات المتصاعدة في الساحة السياسية الجزائرية الذي يقل فيه الإعلان صراحة عن التوجهات والنوايا والخطط لتترك للتخمينات والشائعات وبالونات الاختبار.
فرئيس الوزراء الذي تمت إقالته سرعان ما استدرك تصريحاته المعرضة برئيس الجمهورية في اليوم التالي مباشرة لإعلان قرار الإقالة وتكليف أحمد أويحيى الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديموقراطي الحزب الذي يحتل المرتبة الثانية في عدد النواب بالبرلمان بالتشكيل الوزارى الجديد.وأعلن ابن فليس استعداد حزبه للمشاركة في الحكومة الجديدة بعدد معين من الوزراء المنتمين للحزب.. وإلا فإن الحزب لن يوافق على برنامج الحكومة عندما يطرح على البرلمان.
قدم علي بن فليس رئيس الحكومة السابق لخلفه لأحمد أويحى قائمة بأسماء 11 عضواً من حزب جبهة التحرير الوطني الذي يرأسه كوزراء يمثلون الحزب في حكومة الائتلاف الجديدة.. فيما استثنى ثلاثة وزراء هم سعيد بركات وزير الفلاحة ورشيد حراوبية وزير التعليم العالي والبحث العلمي والطيب لوح وزير العمال والضمان الاجتماعي من القائمة.أما المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني.. فأصدر بياناً يؤكد فيه أن الحزب سيعمل على ضمان استقرار مؤسسات الدولة وحسن سيرها بما يعزز سيادة الشعب ويخدم مصالحه.. مشدداً على تمسك الحزب بانتهاج أسلوب التحاور والتشاور في حل كل القضايا الوطنية المطروحة.وجاء التشكيل الجديد للوزارة في الجزائر بلا جديد.. فهم نفس وزراء الحكومة السابقة مع بعض التعديلات الطفيفة غير الجوهرية والتي لا يلفت فيها سوى رحيل حميد تمار وزير المساهمة وتنسيق الإصلاحات المسئول عن ملف الخصخصة وتحميل الملف المعلق إلى وزير منتدب تحت إشراف رئيس الوزراء الجديد.
أما رجال الرئيس فظلوا في مواقعهم الوزارية نور الدين يزيد زرهوني في وزارة الداخلية وعبد العزيز بلخادم في الخارجية وشكيب خليل في الطاقة والمناجم.
ولعل أبرز الراحلين هو حميد تمار وزير المساهمة وترقية الإصلاحات الذي كان معتبراً أحد رجال الرئيس ليحل محله كريم جودي مدير عام الخزينة مما سيفسره المراقبون بأنه محاولة من الرئيس بوتفليقة لاستعادة العلاقة مع الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي سبق أن أصدر قراراً ملزماً لجميع التشكيلات النقابية بعدم التعامل بأي شكل مع حميد تمار الوزير المسئول عن ملف الخصخصة.ويوصف ابن تمار بأنه الوزير الذي وصل بقطار الخصخصة إلى طريق مسدود وعجز عن تنفيذ المخطط الحكومي لخصخصة المؤسسات العامة بعد انقطاع الحوار بينه وبين اتحاد العمال بصورة عنيفة وعجزه عن حل الموقف.. مما جمد خطة الحكومة من ناحية وأفضى في نفس الوقت إلى الإضراب الشامل عن العمل الذي شل به الاتحاد الحياة الجزائرية لمدة يومين متتاليين.. مهدداً «من بعد» باللجوء إلى وسائل أكثر عنفاً للحفاظ على حقوق العمال.وإذا ما كان الاتحاد العام للعمال الجزائريين ليس مجرد اتحاد نقابي بل يمثل قوة سياسية فاعلة في الأحداث الكبرى.. فلا بد أن إبعاد تمار من الوزارة سيصب في خانة تمهيد طريق الرئيس بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية القادمة.وقد تم تحويل اختصاصات الوزير الراحل إلى وزارة منتدبة تحت الإشراف المباشر لرئيس الوزراء مما يعني أن عملية الخصخصة والإصلاحات ستأخذ دفعاً جديداً بفضل شخصية أحمد أويحى المعروف بقدرته على حسم الملفات المعلقة.ولا ينتظر أحد أن تقدم الوزارة الجديدة القديمة برنامجاً يغاير في شيء البرنامج الحكومي السابق.. فلا يصبح أمام حزب الأغلبية سوى القبول.. وبذلك يتكشف أن هدف قرار الإقالة كان ابن فليس رئيس الوزراء السابق وحده.. الذي رفض «حسبما صرح قبل وبعد القرار» تقديم استقالته.فالقرار لم يكن مفاجئاً تماما ًرغم تعويل البعض على إمكانية حل الموقف بين قطبي الدولة دون قرار عنيف.. حيث كانت الأوساط السياسية تتجادل بشأنه منذ أكثر من شهر استناداً إلى ظهور خلافات بين الرجلين.. وصفها ابن فليس بأنها ليست شخصية.. لأننا نتعامل مع مؤسسات دولة ومستقبل بلاد وأمة».ويجمع المراقبون في العاصمة الجزائرية على أن هذه الخطوة التي أقدم عليها الرئيس بوتفليقة لا تعدو أن تكون تكتيكاً سياسياً تحضيراً للانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل 2004 .. حيث كان من المنتظر أن يعلن حزب جبهة التحرير الوطني الذي يرأسه علي بن فليس وذو الأغلبية البرلمانية عن تبنيه لفترة ثانية رئاسية للرئيس بوتفليقة على غرار ما حدث عام 1999 حين زكى الحزب بوتفليقة رئيساً للبلاد.
|