تحولت قضية المناهج إلى جدل سياسي انشغل به الإعلام وكثير من الناس، فالحديث عن المناهج أصبح مثل الحديث عن نزاع حدودي بين دولتين أو عن ترسانة الأسلحة النووية، بل لم يعد مستبعداً أن ترى موضوع المناهج مطروحاً على جدول أعمال وزراء الخارجية أو حتى وزراء الداخلية. ما الذي أخرج المناهج من مكاتب التربويين وأدخلها دهاليز الساسة وأوصلها الى منابر المساجد ووسائل الإعلام.
المناهج هي في الأصل قضية تربوية محضة فرسانها التربويون لا السياسيون المؤدلجون، ولو أنها تركت لأهل الاختصاص لكان الأمر كله خير. خبراء مناهجنا يقفون الآن بين ضغط فئتين، الفئة الأولى «خارجية» تتهم المناهج المحلية بأنها تفرخ ارهابيين وتريدها مناهج تدور في فلكها وتبرز قيمها وتحقق مخططاتها، أما الفئة الثانية «داخلية» فهي تتوجس خيفة من القائمين على مناهجنا متهمة أياهم بالتنكر لثوابت الأمة. حاولت الفئة الأخيرة رسم صورة نمطية جامدة للمناهج وللآخر من خلال تأويلات قد لا تكون صحيحة لنصوص مقدسة، خبراء مناهجنا يبنونها لتصوغ الإنسان المفكر لا المتلقي، الإنسان الصالح الذي يعبد الله على بصيرة، ولتؤكد على قيم اساسية أهمها التسامح واحترام الرأي الآخر، وتغليب لغة العقل والحوار ونبذ العنف والتطرف.
( * ) كلية المعلمين بالرياض
|