ذكرتني فعاليات مشروع القراءة للجميع التي انطلقت في مناطق المملكة منذ يوم السبت الماضي بأهمية المشروع الثقافي وما سوف يحققه من اهداف في مقدمتها تحقيق الامتاع القرائي والثقافي الذي نود تحقيقه لانفسنا ولاولادنا ولتلاميذنا هذا الامتاع الفكري لن نصل اليه قبل ان نزرع العشق المعرفي في نفوس أبنائنا منذ نعومة اظفارهم فنجعلهم يتوقون الى حب الكتاب وارتياد المكتبات المدرسية والعامة المنتشرة في كل مدينة من مدن بلادنا وزيارة معارض الكتاب التي تقام بين حين وآخر هنا وهناك ولكن شريطة ان نجعلهم يندفعون من ذاتهم ودون قسرهم وإلا سنكون قد فشلنا في بلوغ هذا المطلب.. وفي الحقيقة لم يعد خافياً على أحد بأن القراءة تصنع الشخص الكامل كما قال فرانسيس بيكون وان القراءة تحقق بناء الشخصية للطفل وان القراءة ليس بمعناها الضيق هي قراءة المكتوب ولكنها تعني التعايش مع كل وسائط المعرفة بمختلف وسائلها واساليبها ووسائطها في معناها الواسع لان الثقافة تعني إعمار الفكر والعقل والوجدان بأي وسيلة من وسائل المعرفة المقروءة والمسموعة والمرئية وكلها في مجملها قراءة لكل ماهو مكتوب او مسموع او مرئي.
ولان القراءة اهم وسيلة لكسب المعرفة فإنني اتساءل هل نجحنا في اشاعة الثقافة القرائية الممتعة عند طلابنا في المدارس عند اولادنا في المنازل ما اقصده على دربنا هم على سلوكيات القراءة كيف يقرؤون؟ ومتى يقرؤون؟ وماذا يقرؤون؟ وكيف يتعامل اطفالنا مع الكتاب وهل علمناهم ادبيات زيارة المكتبة؟ وقبل كل هذا ماذا قدم المثقفون والمفكرون في بلادنا وفي الوطن العربي للطفل؟! وهل كل ما كتبوه من اجله جيداً؟ وهل نجحوا في ربطه بتاريخه وجغرافيته من خلال القصص والروايات والكتيبات ام اكتفوا بالمترجمات التي قد يكون اكثر ما يدور فيها لا يتناسب مع اطفالنا لامن الناحية العقدية ولا من الناحية اللغوية ولا من جانب العادات والتقاليد ولعلنا اكتشفنا قبل سنوات خلت ان المكتبة المدرسية احتوت على قصص وكتب لم تكن مناسبة البتة مع فكر تلاميذنا او مع نضجهم العقلي او النفسي وكان من المستحسن سحبها من رفوف المكتبات المدرسية والتي لم تغذَ حتى الآن بمؤلفات وقصص نستطيع ان نقول هي تلك المواد الجيدة والمناسبة لهم وان كان البعض من الموجود على رفوفها جيداً الى حد ما لاننا نعلم ان لكل مرحلة عمرية ما يناسبها من الكتب والمجلات التي تتوافق مع ميول الاطفال وتواكب قدراتهم العقلية، وبالمناسبة لعلني اتذكر احد الاصدقاء المحبين للاطلاع عندما قمت بزيارته في مكتبته التي بناها منذ صغره ونما حب الكتاب معه حتى صار اكثر وقته يقضيه فيها بل لقد رأيت فراش نومه في احد اركانها وعلى احد الرفوف لفت نظري ورقة ملونة كتب عليها نعم للمطالعة لا للإعارة.. فضحكت وقلت يا صاح لقد ذكرتني بقول أحدهم:
لا تعيرن كتاباً
واجعل العذر جوابا
وخذ الرهن عليه
قبل ان تعطي الكتابا
فإذا ضيعت نصحي
أنت ضيعت الكتابا
|
عموماً اتمنى ان ننجح في محو اميتنا القرائية ولاسيما نحن امة اقرأ وان نرفع مستوى متوسط القراءة عند الفرد العربي من 6 دقائق في اليوم الى معدل مساوٍ بالفرد في الغرب الذي يزيد على الساعة والنصف.
محمد إبراهيم فايع/خميس مشيط/ص.ب214
|