* القاهرة أ.ش.أ - طارق عبد الغفار:
تصاعدت الصراعات بين الشركات الأجنبية للحصول على نصيب من كعكة النفط العراقي وسط مخاوف من التهام شركات النفط الأمريكية التي ترتبط بعلاقات وثيقة بالبيت الأبيض لجميع عقود اعادة تأهيل البنية النفطية العراقية في الوقت الذي طالبت فيه 31 شركة نفطية تمثل 12دولة الولايات المتحدة بتنفيذ العقود التي ابرمتها تلك الشركات مع حكومة الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
وطالبت شركات روسية وفرنسية وصينية الولايات المتحدة باتاحة الفرصة أمام الشركات للمساهمة في تنفيذ خطط اعادة تأهيل البنية النفطية العراقية التي تضررت بشدة خلال السنوات العشر الأخيرة بسبب العقوبات الاقتصادية الدولية التي فرضت عليها بعد نهاية حرب تحرير الكويت عام 1991 اضافة الى الحرب الانجلوأمريكية الأخيرة على تلك الدولة العربية.
وقال المحلل الاقتصادي جيم بلاك إن غياب الحكومة الممثلة للعراق والتي يمكنها توقيع العقود تمثل عقبة كبيرة في طريق اصلاح البنية النفطية العراقية مشيرا الى أن الشركات تحتاج للتعامل مع ادارة عراقية معنية بشئون النفط ونظام مصرفي قوي بدلا من النظام المنهار حاليا لإتمام الصفقات.
وتشمل عمليات اعادة تأهيل البنية التحتية النفطية بالعراق اصلاح محطات الضخ وخطوط الأنابيب واطفاء الآبار المشتعلة وتوفير قطع الغيار لمحطات تكريرالنفط بعد حرمان دام أكثر من عشر سنوات.
وأثار القرار السريع للادارة الأمريكية بمنح شركة هاليبورتون «التي كان يرأس مجلس ادارتها في السابق نائب الرئيس الأمريكي ريتشارد تشينى» عقدا تبلغ قيمته الأسمية سبعة مليارات دولار مخاوف الشركات الأمريكية من اللوبي النفطى الأمريكي الذي يسعى الى ابتلاع عقود النفط دون النظر الى مصالح الدول الأخرى.
إلا ان مسئولين بالشركة أشاروا الى ان القيمة الفعلية التي سوف تجنيها هاليبورتون لن تتجاوز 600 مليون دولار.
وفي السياق نفسه تحرص العديد من الشركات على تشكيل اتحاد مشترك للتقدم بطلبات بهدف الفوز بعقود لاعادة تأهيل البنية النفطية العراقية المتهالكة.
فشركة فلور الأمريكية انشأت مشروعا مشتركا مع شركة امي بي أل سي البريطانية المتخصصة في الانشاءات الهندسية للتقدم بطلب مشترك للفوز بأحد العقود المطروحة لاعادة اعمار العراق.
وحصلت شركة بكتل الأمريكية على عقد يقدر بنحو 680 مليون دولار لاعادة بناء العديد من الطرق ومحطات الطاقة ومشروعات البنية التحتية الأخرى.
وتسعى شركة بكتل الأمريكية لتوقيع عقود مع مقاولين بالباطن عبر موقعها الالكتروني على شبكة الانترنت لتنفيذ تلك المشروعات بالعراق.
وتتولى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تنفيذ المشروعات غير النفطية في مرحلة الاعمار بالعراق.
وتشير الاحصائيات التي أعلنتها المؤسسة الملكية للشئون الدولية الى أن النظام العراقي السابق وقع عقودا معلقة حاليا لتطوير حقول النفط مع عدد من الشركات التي تنتمى للدول التي كانت تؤيده خلال أزمته مع الولايات المتحدة.
وتضم قائمة العقود التي أبرمها النظام العراقي السابق عقدا مع شركة توتال الفرنسية بقيمة اجمالية بلغت أربعة مليارات دولار لتطوير حقل مجنون وعقدمع شركتي لوك أويل وماشينومور الروسيتين بقيمة اجمالية 7 ،3 مليارات دولار لتنفيذ المرحلة الثانية لحقل غرب القرنة وعقدا مع شركة توتال الفرنسية تبلغ قيمته 4 ،3 مليارات دولار لتطوير حقل نهل بن عمر وعقدا مع شركتي اني الايطالية وريبسول الاسبانية قيمته 9 ،1 مليار دولار لتطوير حقول الناصرية وعقدا مع شركات شل البريطانية والهولندية المشتركة وبتروناس الماليزية وكريسنت الاسبانية قيمتها 5 ،2 مليار دولار لتطوير حقول راتوا.
كما اعطى النظام العراقي السابق وعودا لشركات صينية واسترالية وكورية وفيتنامية وجزائرية لتطوير عدد من الحقول النفطية الصغيرة.
وقالت فاليري مارسيل محللة شئون النفط ان الشركات الروسية مثل لوك أويل لعبت دورا مزدوجا في لعبة النفط العراقية حيث وقعت عقودا مع النظام العراقي السابق وفي الوقت نفسه طالبت الحكومة الروسية بالتدخل لدى الولايات المتحدة لضمان تنفيذ عقودها بالعراق مشيرا الى ان مواقف الشركات الروسية اغضبت العراقيين قبل الحرب الانجلوأمريكية.
واضافت ان النظام العراقي السابق أعطى وعودا لشركات كثيرة إلا ان عددا قليلا منها هو الذي وقع عقودا فعلية.
وتسعى الشركات الأمريكية التي حرمها نظام صدام حسين من العقود النفطية الى الفوز بنصيب الأسد في عقود تطوير الحقول النفطية العراقية.
وتبدو الشركات الأمريكية أكثر استعدادا لضخ المزيد من الاستثمارات لتطوير حقول النفط العراقية بعد توقفها عن ضح استثمارات في مناطق كثيرة بالعارم للتنقيب عن النفط بعد انهيار اسعار النفط عام 1998 في ضوء ارتفاع أسعار النفط بالسوق العالمية.
وقالت المحللة الاقتصادية فاليري مارسيل ان الشركات الأمريكية تخشى من تصاعد الشعور المعادي للولايات المتحدة بالعراق ولاسيما بعد رحيل القوات الامريكية ولذلك تفضل عدد من الشركات الأمريكية الكبرى الانتظار حتى يتم تشكيل حكومة عراقية قوية لادارة شئون تلك الدولة التي مزقتها الحروب خلال السنوات العشرين الماضية مشيرة الى ان تشكيل حكومة وطنية قوية تحظى بالشرعية بالعراق لن يتم قبل مرور خمس سنوات.
وتوقعت مارسيل ارساء العقود الصغيرة للتنقيب عن النفط وتطوير الحقول الصغيرة بالعراق على الشركات الروسية أو الصينية التي تقبل المخاطرة السياسية وضخ استثمارات في المرحلة الاولى لتطوير الثروة النفطية العراقية.
وأشارت الى ان الشركات الأمريكية تضع نصب عينها العقود الضخمة لتطويرالحقول الكبرى بالعراق والتي سوف يتم الاعلان عنها في مراحل لاحقة ولذلك لا تتلهف الشركات الأمريكية على العقود الصغيرة في ظل عدم وضوح الرؤية المستقبلية بشأن العراق.
ورغم حرص القوات الأمريكية على حماية آبار النفط العراقية فور بدء العمليات العسكرية على العراق ما تزال صادرات النفط العراقية متوقفة منذ 20 مارس الماضي.
وأكد جون شوين المحلل الاستراتيجى ان غياب آليات بيع النفط كخطوط المواصلات الآمنه والبنية النفطية والاستراتيجية السياسية والقانونية بالعراق تعرقل عمليات اعادة اعمار العراق وتوفير المتطلبات الضرورية للشعب العراقي ولاسيما الغذاء مؤكدا على أن استئناف صادرات النفط سوف تعتبر ضرورة لاعادة الاستقرار بتلك الدول العربية التي انهكتها الحروب والنزاعات طيلة السنوات العشرين الماضية.
وطالب شوين باستئناف العمل ببرنامج النفط مقابل الغذاء الذي تبنته الأمم المتحدة عام 1995 لتوفير الغذاء والادوية للشعب العراقي مشيرا الى أن الاوضاع المعيشية والصحية للشعب العراقي سوف تتفاقم في ظل الخلافات بين الدول الكبرى بشأن كيفية ادارة حقول النفط العراقية.
ويؤكد بيل أوجرادى خبير النفط بموسسة آيه جي أدواردز أن المؤسسات الماليةالعراقية اللازمة لاتمام صفقات بيع النفط العراقي انهارت نتيجة للحرب الانجلوأمريكية على العراق.
ويضيف ان اعادة بناء النظام المصرفي العراقي يعتبر خطوة أساسية في طريق عودة العراق كلاعب أساسي في سوق النفط العالمية.
|