Friday 9th may,2003 11180العدد الجمعة 8 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نحو إستراتيجية اقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي تجاه العراق في مرحلة ما بعد الحرب نحو إستراتيجية اقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي تجاه العراق في مرحلة ما بعد الحرب
عبد العزيز بن عثمان بن صقر

على الرغم من ان مستقبل العراق يتوقف الى حد كبير على السياسة التي ستنتهجها قوة الاحتلال في العراق حالياً وخلال المستقبل المنظور، فان دول مجلس التعاون الخليجي هي من اكثر الدول التي ستتأثر بما يحدث في هذا البلد،.
مما يحتم عليها سرعة التحرك والبحث عن دور ما بشأن التأثير في مستقبل العراق ولو من باب المساهمة في اعادة الاعمار، وهو ما يتطلب عملا جماعيا يقوم على تجاوز الحساسيات الضيقة والنظر الى المستقبل، ولا شك في ان هذه الدول قادرة على ذلك متى توافرت ارادة الفعل.
ومن هنا جاء الهدف من هذه الورقة هو بلورة ملامح وتبني استراتيجية اقتصادية تجاه عراق ما بعد الحرب بحيث تسهم في جهود التنمية واعادة الاعمار في العراق، بما يساعد على بناء دولة عراقية مستقرة في منطقة الخليج من ناحية، ويعود بالفائدة على اقتصادات هذه الدول من ناحية اخرى، خصوصاً انها تمتلك مميزات نسبية بشأن التعامل الاقتصادي مع العراق، ولكن تحقيق هذا الهدف له معطياته التي لابد من التعامل معها، وشروطه التي لا بد من توفيرها، فضلاً عن مؤسساته وآلياته التي يتعين ايجادها وتفعيلها.
أولاً: المعطيات السياسية والأمنية
هناك مجموعة من المعطيات السياسية والامنية التي يتعين اخذها في الاعتبار عند التفكير في إستراتيجية اقتصادية لدول المجلس تجاه العراق، باعتبارها تنطوي على بعض التهديدات القائمة والمحتملة على هذه الدول. ومن اهم هذه المعطيات حالة الفراغ السياسي والانفلات الامني في العراق، والتي يمكن ان يؤدي استمرارها الى اندلاع حرب اهلية، وبخاصة في ظل بروز وتنامي وانزلاق العراق الى هذا المصير، فان ذلك سوف تكون له تداعياته الخطيرة على دول المجلس. وغموض الترتيبات المؤسسية وشكل الادارة الاجنبية خلال المرحلة الانتقالية، وصيغة نقل السلطة الى حكومة عراقية، ودور المعارضة العراقية في ظل الترتيبات الجديدة. واصرار الولايات المتحدة الامريكية على احتكار ملف صياغة مستقبل العراق، واقصاء او تهميش ادوار اي اطراف اخرى سواء أكانت عربية ام غير عربية بما في ذلك الامم المتحدة والاتجاه الى الامساك بملف النفط العراقي سواء بشكل مباشر او غير مباشر، سوف تكون له انعكاساته السلبية على دول المجلس في حال لجأت واشنطن الى زيادة الانتاج العراقي من النفط بمعدلات عالية بما يؤدي الى انخفاض الاسعار. وعملية اعادة الاعمار الاقتصادي والسياسي في العراق، وبناء التوافق بين مختلف قوى المجتمع العراقي هي عملية معقدة وسوف تستغرق على الارجح بعض الوقت، ويتعين على دول المجلس اخذ الامر في الاعتبار عند التفكير في المستقبل، فأوضاع عراق ما بعد صدام اكثر تعقيدا مما كانت تطرحه وتروج له الادارة الامريكية قبل الحرب. اضافة الى غياب موقف عربي موحد بشأن التعامل مع الواقع الجديد في العراق، وهذا يجب الا يمنع دول المجلس من التحرك الفعّال بشأن المسألة العراقية.
وبناء على ما سبق فان من مصلحة دول مجلس التعاون الخليجي ان يتحقق انتهاء الاحتلال الامريكي - البريطاني للعراق بأسرع وقت ممكن، لان استمراره سوف يخلق مزيدا من التحديات امام هذه الدول، وبخاصة اذا اندلعت مقاومة داخلية ضد الاحتلال، وجعلت المصالح الامريكية في منطقة الخليج من بين اهدافها، وكذلك الحفاظ على الوحدة الوطنية للعراق وسلامة اراضيه، لان تفكك الدولة العراقية سوف تكون له انعكاساته السلبية الخطيرة على منطقة الخليج برمتها. مع تسريع عملية اعادة الاعمار السياسي والاقتصادي بما يعالج مآسي الحرب ويخلق ارضية للاستقرار السياسي والسلم الاهلي في العراق، ويكوّن اعادة بناء العلاقات مع عراق ما بعد صدام على اسس جديدة بما يعني طي صفحات الماضي، والاعداد لعلاقات ايجابية وبناءة، يمكن ان تفضي في نهاية المطاف الى انضمام العراق الى مجلس التعاون الخليجي بصيغة او بأخرى.
ثانياً: الإستراتيجية الاقتصادية
من اهم الاهداف الاستراتيجية الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي تجاه العراق الحرص على دعم شعب العراق ورفع معاناته الانسانية، ولكن تفعيل هذا الدور يقتضي تحرك هذه الدول بشكل سريع من اجل تبني استراتيجية اقتصادية جماعية، واقعية وفعالة، تجاه العراق، يكون منطلقها الرئيسي هو المساهمة الجادة في اعادة اعمار هذه الدولة التي دمرتها الحروب والعقوبات.
ولاشك في ان اسس ومقومات العمل الاقتصادي المشترك بين دول المجلس، والتي تؤطرها اتفاقيات واستراتيجيات مثل: الاتفاقية الاقتصادية الموحدة، والاستراتيجية الموحدة للتنمية الصناعية، والسياسة الزراعية المشتركة وغيرها تمثل عاملا مساعدا على تبني مثل هذه الاستراتيجية ويمكن ان تتمحور هذه الاهداف في دعوة المجتمع الدولي الى ان يأخذ بعين الاعتبار عند تقييمه للموقف ان الهدف هو مساعدة الشعب العراقي لمواجهة محنته وتوفير الامن والاستقرار الضروريين للمنطقة. وتمكين دول المجلس من دون انفراد وبخاصة الكويت من تحقيق مركز تنافسي متقدم في حصتها من انفتاح السوق العراقية سواء من حيث مشاريع الاعمار او التجارة او الاستثمار. مع ضرورة الاسراع في مواكبة المتطلبات والمتغيرات التي ستحدث في المنطقة وتجهيز كثير من المرافق التي تسهم وتلعب دورا في تحديد شكل رئيسي واساسي لحجم الاستفادة من السوق العراقية وفي مقدمتها الموانىء والمطارات والجمارك الخليجية.
وافساح دور للقطاع الخاص في دول المجلس في عملية اعادة اعمار العراق، تعظيم الاستفادة من المميزات النسبية لدول المجلس في التعامل الاقتصادي مع العراق، سواء لجهة القرب الجغرافي، او لجهة إمكاناتها التي تجعلها قادرة على تلبية بعض الاحتياجات الاقتصادية الهامة للمجتمع العراقي.
ثالثاً: المؤسسات والآليات
ان تنفيذ الاستراتيجية الاقتصادية لدول المجلس تجاه العراق يتطلب استحداث هيئة متخصصة من قبل الامانة العامة لدول المجلس الخليجي، تكون رسالتها ومبادئها الاساسية على النحو التالي: التنسيق والالتزام من قبل دول المجلس بالعمل الجماعي على جميع المستويات الاقتصادية، والاهتمام بالجانب الانساني، ودعم التجار مواطني دول المجلس، وتعزيز تنفيذ المشاريع ذات الطابع الانمائي على المدى القصير، واستثمار موارد مالية اضافية بما يحقق تنمية اقتصادية عاجلة على المدى البعيد، واستخدام احدث وسائل التكنولوجيا لتزويد العراق بخدمة فعّالة وذات تكلفة معقولة، واقامة تحالفات استراتيجية مع العديد من الدول للاسراع في مسيرة النمو في العراق، وتعزيز بيئة معيشية ذات جودة عالية للعراقيين، والاسراع في مد جسور علاقة مع التجار العراقيين لاستكشاف الحاجات الاساسية المطلوبة، او ذات الجدوى الاقتصادية، وتكثيف الاعلام الاقتصادي لدول المجلس في العراق.
ومن المؤكد ان المميزات التي تتمتع بها دول مجلس التعاون الخليجي من خلال موقعها الجغرافي، ومقدرة القطاعين الحكومي والخاص فيها على مواجهة التحديات التي ستُفرض عليهما، تمثل عوامل هامة لنجاح مثل هذه الاستراتيجية، وبخاصة فيما يتعلق بالاستعداد الامثل للدخول في غمار سوق جديدة اضافة الى نوعية وحجم النشاط التجاري والجهات القائمة عليه.
رابعاً: المجالات والأنشطة
أ- خلال الاجلين القصير والمتوسط: تتمثل اهم المجالات التي يتعين التركيز عليها في:
المحور الانساني: لابد ان تضع دول مجلس التعاون الخليجي من ضمن اولوياتها الاهتمام بالجانب الانساني في العراق، والتعاون مع المنظمات الدولية والخاصة وغير الحكومية العاملة في هذا المجال، ويمكن لدول المجلس انشاء «مركز عمليات انسانية خليجي» يوفر الاغاثة المباشرة، بحيث تصبح مجموعة المنظمات والمؤسسات الخليجية التي تشارك في الجهود الانسانية اكثر اتساعا وتنوعا من اي وقت مضى، وتعمل بشكل منسق وفعّال ومخطط في ايصال الاغاثة الطارئة.
محور النفط مقابل الغذاء: من المهم ان تسعى دول المجلس من اجل الحصول على عقود عاجلة ضمن اتفاقية النفط مقابل الغذاء، ويمكن ان تكون هذه الدول افضل من اي جهة اخرى بحكم الموقع الجغرافي وامكانية اعادة التصدير بكفاءة.
قطاع البناء والتشييد: هناك مجال واسع امام دول المجلس للدخول بكثافة في قطاع العقار والانشاءات، ولاسيما ان دول المجلس والشركات العاملة لديها خبرة واسعة في هذا المجال، ويمكن نقلها بسهولة لقرب المسافة بين دول المجلس والعراق.
قطاع الاتصالات: نظراً الى ان العراق يفتقر تماما للتغطية الاعلامية والاتصالات الدولية، فان هذا القطاع مهم جدا كمجال للاستثمار ولاسيما الاتصال «الجوال والفضائي».
قطاع الطيران: وهو من القطاعات المهمة التي يتعين ان تكون موضع الاهتمام، لان العراق خالٍ منذ عام 1991م من هذا الجانب، اضافة الى ان الاقبال الجماهيري على حركة النقل الجوي سوف يزداد خلال المرحلة القادمة.
المحور الانمائي: من المهم ان تظل المشاريع الاقتصادية الانمائية تشكل اولوية محورية لجهود مجلس التعاون الخلجي في العراق، باعتبارها تسهم في التخفيف من حدة الفقر. وفي هذا الاطار يأتي القطاع الزراعي في المقدمة، حيث إن هذا القطاع تدهور بشدة بسبب غياب او ضعف الاستثمار فيه، فضلاً عن نقص المدخلات الاساسية من البذور والاسمدة وغيرها. ولذا فان هناك مجالا واسعا امام دول المجلس للاستثمار في الزراعة.
وتتمثل آلية العمل التي يمكن ان يستند اليها المجلس والهيئة المنبثقة منه في مساعدة العديد من المزارعين الذين هم بحاجة ماسة الى المعونة والدعم الطارىء لتمكينهم من اعادة بناء منازلهم وحقولهم لمعاودة نشاطهم الزراعي على الفور والاستعداد للموسم الزراعي الرئيسي، فضلا عن الاهتمام بمشكلة النقص في الاغذية، وابراز القضايا المتصلة بتجارة المنتجات الزراعية البذور والاسمدة والادوات الزراعية.
وتشكل المساعدات الغذائية المباشرة عنصرا مكملا اساسيا لجهود التنمية الزراعية الاطول اجلا، فضلا عن العقاقير البيطرية ومعدات التشخيص الطبي. كما تتضمن المعونات الطارئة ايضا دعم صغار الصيادين لتمكينهم من استعادة مواردهم الغذائية، مع اعادة بناء البنية التحتية للأسواق بأسرع وقت ممكن للمساعدة على احياء الاقتصاد الريفي. بالاضافة الى رفع مستوى الهياكل الاساسية والحد من تدني الخدمات الاساسية، وذلك بالعمل على تنقية المياه الضرورية الملحة لتحسين حياة اكثر من 20 مليونا من سكان الاحياء الحضرية والريفية.
ب - على المدى البعيد:
اذا كانت الاستثمارات الاقتصادية الجديدة في منطقة الخليج قد تمّ تجميدها مرحليا خلال فترة الحرب ليعاد تحريكها فيما بعد، الا انه نتيجة تسارع الاحداث، وانتهاء مرحلة نظام صدام، سوف تظهر مرحلة جديدة تنشط فيها حركة الاستثمارات والمشاريع الصناعية والتجارية الخليجية والاجنبية في داخل دول مجلس التعاون الخليجي بدلا من العراق في هذه الفترة بسبب عدم استقرار الاوضاع السياسية في العراق، ومن اجل استغلال سوق جديدة في المنطقة «سوق العراق المتعطشة»، الذي سوف يعزز ازدهار حركة الموانىء والانشطة المساندة في منطقة الخليج وبخاصة الامارات بفضل خبرة التصدير باتجاه العراق. ونشير هنا الى ان معظم الاستثمارات خلال السنتين المقبلتين سوف تتدفق الى منطقة الخليج لقربها من العراق بدلا من العراق ذاته، وذلك لتوفر البنية الاساسية في المنطقة، والتسهيلات الممنوحة، واستقرار المنطقة سياسيا.
اما على المدى البعيد وبعد تحقق الاستقرار السياسي في العراق فسوف تنتقل رؤوس الاموال من منطقة الخليج للاستثمار المباشر في العراق كشريك للشركات الامريكية التي تعمل هناك. وتستطيع دول المجلس الاستفادة من هذا الوضع خصوصا ان معظمها يمتلك الخبرة الاقتصادية وامكانية الاستثمارات الضخمة في منطقة نشاطها الاقليمي، فضلا عن كونها اثبتت انها من اكثر المناطق أمنا وجاذبية للاستثمارات. والاحتمال الاقوى من وجهة النظر الاقتصادية فيما يخص منطقة الخليج ولاغراض تنشيط القطاع التجاري هو ضم العراق الى مجلس التعاون الخليجي، لان من شأن ذلك توجيه الاستثمارات الخليجية الى الساحة العراقية بدلا من الاستثمار في خارج المنطقة، ولكن هذا يتطلب تفعيل الاتفاقية الاقتصادية وتبادل المنتجات والاعفاء من الرسوم الجمركية، وتسهيلات لمرور البضائع بطريقة العبور وتنسيق السياسات، والعلاقات التجارية.
خامساً: التحديات
من المؤكد ان معظم القضايا في مجال تنمية
العراق لابد ان تواجه بالعديد من التحديات، التي تعتبر عوامل ايجابية لعمل هيئة دول المجلس في حالة تحقيقها بأسرع وقت ممكن، ويتمثل اهم هذه التحديات فيما يلي:
خلق بيئة مالية مستقرة، ومفتاح الاستقرار هو تحقيق نسبة تضخم منخفضة وما تعنيه من عجز مالي قليل وسياسة مالية تهدف الى تفادي الوقوع في اتساع رقعة الائتمان، ان التضخم المنخفض يعني نسبة فوائد منخفضة وعلاقات صناعية جيدة واسعار صرف مستقرة. ويعتبر المستثمرون الاجانب التضخم المنخفض اساس بناء اقتصاد السوق.
وجود سياسة مستقرة يمكن التنبؤ بها على مستوى الاقتصاد الكلي: يجب ان تكون لدى الشركات المستثمرة الثقة في الاقتصاد العراقي الذي ستستثمر فيه اموالها، لكي تتم ادارته بأسلوب كفء غير متذبذب اي ببساطة شديدة يجب ان يقتنع المستثمر بأن قواعد اللعبة لن تتغير في منتصف السباق.
وجود حكومة فعّالة وامينة: يجب ان يكون المستثمر قادرا على الاعتماد على التزام الحكومة المضيفة بتطبيق القانون والنظام، وتحقيق الامن والاستقرار.
وجود سوق كبيرة قادرة على النمو: ان حجم السوق الداخلية وقدرتها على النمو خصوصا فيما يتعلق بالقوة الشرائية للمستهلكين في هذه السوق يعتبران من العوامل المهمة. فالشركات لا تريد الاستثمار في سوق احتمالات الربحية فيه ضعيفة.
توفر ضمانات حرية النشاط في السوق: من العوامل الهامة هنا قوة المنافسة الى جانب درجة التدخل الحكومي «سواء كان من حكومة المستثمر او الحكومة الاخرى» في حرية الدخول الى سوق دولة ما.
فكلما زادت حرية السوق كان ذلك اكثر جذبا للمستثمرين الدوليين.
وجود حد ادنى من القواعد الحكومية: يجب ان يبقى التدخل الحكومي والقواعد الحكومية في شؤون وربحية القطاع الخاص عند الحد الادنى.
توفير ضمانات حماية الملكية: يجب حماية الملكية الخاصة، ولذلك لابد من تفادي احتمالات سرقة ملكية الشركات سواء كانت تلك الملكية حقيقية او غير مادية مثل براءات الاختراع او حقوق النشر، الخ..».
وجود بنية اساسية قوية: ان القدرة على اتمام المعاملات وتوصيل المنتجات والخدمات الى الاسواق، تتوقف على وجود بنية اساسية قوية، وهي تتمثل في خدمات النقل والكهرباء والتأمين والخدمات المحاسبية والنظام المالي او اي من العوامل الاساسية التي لا يمكن للاستثمار ان يحقق عائدا ماليا من دونها.
توفر عناصر الانتاج مرتفعة الجودة: في حين يأتي المستثمر ومعه رأس المال والتكنولوجيا والادارة، فانه يتوقع ان يضيف اليها من السوق المحلية العمالة الماهرة والمواد الخام، وذلك لاكتمال منظومة النجاح.
عملة محلية قوية: يجب ان تحافظ العملة المحلية على قيمتها فاذا وضعت استثمارا بالدولار ثم تم تخفيض قيمة الاصول المحلية «المقيّمة بالعملة المحلية» تكون قد خسرت جزءا من الاستثمار، وفي بعض الاحيان كل استثمارك الاصلي بالدولار.
حرية تحويل الارباح والفوائد وايرادات الاسهم: اذا لم تكن للاموال حرية الخروج خارج الدولة فلماذا الاستثمار؟
بيئة ضريبية مواتية: يجب ان تكون الضرائب مشجعة على التوسع في الاعمال. وعلى الرغم من اهمية الحوافز الضريبية المقصود بها جذب الاستثمارات الجديدة، فان قرار الشركة بالاستثمار من عدمه يُبنى عادة على كيفية تأثير النظام الضريبي في التشغيل العادي بعد اقامة المشروع.
حرية التشغيل بين الاسواق: يجب ان تكون الشركة قادرة على استخدام المنتجات والخدمات التي تنتجها في احدى الاسواق لخدمة عملياتها الانتاجية في الاسواق المجاورة من اجل تعظيم كفاءتها الكلية وتحقيق افضل تشغيل لخطوط انتاجها في اسواق عدة.
وهذا كله قد يكون سهلا في المدى البعيد، حيث إن النتائج قد لا تأتي سريعا، ولكن على الحكومة الجديدة في العراق تشجيع هذه السمات الاقتصادية، ففي ظل اوضاع الاقتصاد العالمي الراهن ستضطر الدول المتقدمة ايضا الى مراجعة علاقاتها التجارية مع العراق، والى اعطاء مزيد من الاهتمام بتلك العلاقات.
وفي هذا السياق، يتعين على دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال الامانة العامة للمجلس، اتخاذ الاجراءات التي تقلل وتزيل معوقات التجارة، واتخاذ اجراءات اخرى، منها على سبيل المثال ما يلي:
تعزيز فرص الدخول الى الاسواق العراقية: ويشمل ذلك الالتزام المتزايد من قبل دول مجلس التعاون الخليجي بتخفيض التعريفة الجمركية او الغائها لفترة زمنية طويلة ولاسيما أن العراق لديه اتفاقيات للتجارة الحرة مع بعض دول الخليج في ظل هذه الظروف والمعوقات الاخرى لتصل بأسعار منخفضة، والالتزام بالشفافية في القوانين والتشريعات.
تعظيم الاستفادة من القوى العاملة والمواد الخام: في حين يأتي المستثمر برأس المال والتكنولوجيا والادارة، فان نوعية القوى العاملة وتوافر المواد الخام المحلية يعتبران عنصرين هامين للنجاح.
تفعيل إمكانية التصدير: القدرة على الاستفادة من تشغيل الوحدة الانتاجية في احدى الاسواق والتصدير الى اسواق اخرى مجاورة لتعظيم الاستفادة من خطوط الانتاج بين الدول المختلفة.
المزايا والحوافز الضريبية: على الرغم من ان الحوافز الضريبية التي تهدف الى اجتذاب الاستثمارات في بادىء الامر تعتبر شيئا هاما، فان القرار النهائي بالاستثمار من عدمه يتحدد على اساس كيفية تأثير الضرائب في دولة ما في بيئة التشغيل عامة، وتبقى النوايا تلعب دورا اساسيا في عملية الاقبال والاقتناع، فنقترح في هذا الاطار التلميح او الترويج لدمج العراق اقتصاديا وسياسيا في مجلس التعاون الخليجي، حيث ان ذلك من شأنه ان يساعد الانفتاح وتنمية العلاقة سواء على المستوى الشعبي او الحكومي في العراق.
سادسا: المتطلبات والشروط
ان قدرة دول المجلس على تبني استراتيجية اقتصادية تجاه العراق تتوقف على شروط عدة، منها ما يلي:
- ان تبادر دول المجلس بالتحرك بشكل جماعي وفعّال، فالوضع الراهن في العراق ينطوي على الكثير من مصادر الخطر والتهديد لامن هذه الدول، مما يحتم عليها طي صفحة التباينات في مواقفها تجاه الحرب ضد العراق، والالتفات الى المستقبل.
- ان الاقتصاد وثيق الارتباط بالسياسة والامن، وبالتالي فان مستقبل العراق يتوقف بصفة اساسية على السياسة التي ستنتهجها قوة الاحتلال خلال المستقبل المنظور، ومن المهم ان تسعى دول المجلس من خلال علاقاتها مع واشنطن الى توضيح رؤاها بشأن المخاطر التي يمكن ان تشهدها المنطقة، والتي ستضر بالمصالح الامريكية ذاتها، في حال استمرت الاوضاع على ما هي عليه في العراق، والتي يمكن ان تقود الى حرب اهلية، فضلا عن اقناع الادارة الامريكية بقدرة دول المجلس على ان تقوم بدور ايجابي في اعادة بناء الاقتصاد العراقي. وفي جميع الحالات فانه من المهم ان تتبنى دول لمجلس حوارا جماعيا مع واشنطن بشأن مستقبل العراق.
- من المهم ان تشرع الامانة العامة للمجلس ببناء قاعدة معلومات متكاملة عن الاوضاع الحالية في العراق، وبخاصة الاوضاع الاقتصادية، بحيث تكون هذه القاعدة هي الاساس في رسم استراتيجية اقتصادية لدول المجلس تجاه العراق. وان تتحرك الاجهزة المعنية من اجل صياغة هذه الاستراتيجية كما ان قاعدة المعلومات سوف تفيد القطاع الخاص في دول المجلس بشأن الاستثمار في العراق.
- تشجيع القطاع الخاص في دول المجلس على الاستثمار في العراق، متى توافر الاستقرار السياسي والضمانات المطلوبة، وتفعيل الاتفاقيات الاقتصادية بين بعض دول المجلس والعراق بمجرد قيام حكم وطني في بغداد.
- زيادة اهتمام مراكز البحوث والدراسات في دول المجلس برصد ومتابعة وتحليل ما يجري في العراق، وتقديم توصيات ومقترحات علمية وعملية الى دوائر صنع القرار بخصوصه.
- من المناسب ان تبادر الامانة العامة للمجلس بتنظيم ورش عمل على مستويات مختلفة تضم خبراء وباحثين ورجال اعمال ومسؤولين سياسيين لبلورة استراتيجية اقتصادية لدول المجلس في تعاملها مع العراق.

مركز الخليج للأبحاث
www.grc.to
e-mail:info@grc.to

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved