Friday 9th may,2003 11180العدد الجمعة 8 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في حوار مع الدكتور عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية: في حوار مع الدكتور عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية:
تعيين حكومة أبو مازن يتناقض مع أسس الديمقراطية والحكومة الفلسطينية أمام خيارين كلاهما سيئ لها

* رام الله - مراسل الجزيرة في فلسطين:
قال الدكتور عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية إن اختيار أبو مازن لتشكيل الحكومة الفلسطينية يأتي لاعتبار طبيعة شخصية أبو مازن كأحد العناصر المدافعة عن الحل السلمي على مدار ثلاثين عاما داخل منظمة التحرير الفلسطينية، حيث يقول قاسم: لقد كان أبو مازن اشد المتمسكين بفكرة الحصول على ما يمكن أن تقدمه إسرائيل للفلسطينيين على الأقل منذ العام 1970ولذلك السبب قرّبه الأخ أبو عمار منه لإيمانه بنفس النهج الذي عبر عنه من خلال تصوره للدولة الديمقراطية العلمانية الذي تبناه.
ويضيف د. قاسم ان أبو مازن مارس دوره من خلال العمل في الكواليس بعيدا عن الساحة الإعلامية وان الأخ أبو عمار قد حافظ على قربه منه استعدادا لهذا اليوم بل وان الأخ أبو عمار قد أعطاه ثقلا نوعيا قاد إلى نجاح أبو مازن في انتخابات اللجنة المركزية لحركة «فتح» عام 1980 حيث استمر أبو مازن في ممارسة دوره السري في فتح قنوات وإجراء اتصالات سرية مع الأوروبيين من اجل البحث عن تصور لما يمكن أن يكون عليه الحل السلمي.
وحول سياسة ازدواجية الخطوط النضالية والتصالحية قال د. قاسم إن القيادة الفلسطينية فتحت كل الخطوط مع القوى الثورية والتحررية في نفس الوقت الذي كانت فيه تجري الاتصالات وتقيم العلاقات مع الجهات الأوروبية والأمريكية بل وحتى الصهيونية، وان كل خط من تلك الخطوط كان منفصلا عن غيره علما ان النهج والتوجه العام كان هو تقوية خط البحث عن التصالح على حساب الخطوط الأخرى، بينما كانت العلاقات مع الأنظمة والمنظمات الثورية والتحررية هي الغطاء على بقية الخطوط حيث تبين في أوسلو ان المفاوضات كانت تتم منذ زمن بعيد من خلف الوفد الفلسطيني الرسمي.
انقلب السحر على الساحر
ويقول المحاضر في جامعة النجاح د. قاسم ان فرض أبو مازن كرئيس للوزراء هو بمثابة انقلاب السحر على الساحر، وان فرض هذه الحكومة كان بمثابة الضربة الأخيرة التي تهيئ عرفات للإطاحة به، حيث تحول عرفات إلى ند لأبي مازن بعد أن كان سيدا ورئيسا له. وقال ان عرفات كان يعتمد على سياسة إغداق المنح على مقربيه سابقا لتنمية نفوذ بعضهم على حساب الآخرين في حين لا يستطيع عرفات اليوم إقصاء أبو مازن عن طريق أي خطوة توريطية وذلك لان الرأي الرسمي الخارجي وقرارات أصحاب التدخل في الشؤون الفلسطينية لا تنخدع بأي من تلك الإجراءات لعلمها المسبق وفكرتها الحالية عن علاقة عرفات بأبي مازن.
وأشار د.قاسم إلى الضغط الخارجي الكبير الممارس من قبل الكثير من الجهات كالولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني وبعض الانظمة العربية المتحالفة مع تلك القوى مدللا بزيارة رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان كورقة ضاغطة على الرئيس عرفات، مؤكدا ان عرفات فقد حتى أوراقه الشخصية أمام تعاظم الدور الخارجي وهو ما سيجعل قدرته على إثارة قواعد فتح المشتتة والبعيدة عن الإجماع على أبي مازن. ويتابع القاسم: إن ما يحدث هو حصاد سياسة عرفات المؤيدة للخط التصالحي مع الكيان الصهيوني، هذا الخط الذي يبرز بشكل واضح عند زيارة عرفات للرئيس المصري حسني مبارك في الإسماعيلية عام 1983، لكن النضوج لهذا الخيار وتبنيه كاستراتيجية رسمية كان بعد مؤتمر مدريد حيث خرجت جماهير فتح إلى الشارع الفلسطيني وهي تضع أغصان الزيتون على دوريات الاحتلال.
وأكد د. قاسم أن دور عرفات آخذ بالتقلص تدريجيا وبشكل يتناسب مع تغير الوزن النوعي لأبو مازن في الساحة السياسية الفلسطينية حيث يرسم الغرب الآن له، دورا كبيرا في صنع الأحداث فيما يقدم الإعلام الغربي كل الدعم له وحسب اعتقاد د.قاسم فان الغرب لن يبخل عليه كذلك بالمال من اجل إتمام دوره على اكمل وجه وسحب البساط من تحت عرفات الذي بدأ يشعر انه في نهاية دوره التاريخي. وحول بروز الخلاف على حقيبة الداخلية الفلسطينية رأى د. قاسم ان هذا الخلاف يعود إلى دوافع شخصية تتعلق أصلا بقدرة كل من عرفات وأبو مازن بفرض خيار كل منهما وبشخوص المرشحين اللذين كانا يتنافسان عليها إذ يعتبر هاني الحسن أحد المقربين من عرفات والمشاركين لمسيرته الطويلة وولاؤه مضمون بالكامل في حين أن دحلان شخصية حديثة العهد بالسياسة الفلسطينية ورغم كونه صنيعة يد عرفات إلا انه اسمع عرفات غير مرة كلاما لا يليق بطبيعة العلاقة بينهما وهو ما جعل عرفات يصر على إسناد الداخلية للحسن بينما اعتبر أبو مازن ان فرض دحلان في الحكومة هو أول إثبات على قدرته على فرض قراراته على عرفات.
الحالة الفلسطينية
في عهد أبو مازن
وبالحديث عن إحالة الفلسطينية قال د. قاسم ان المقاومة الفلسطينية قد تأثرت بالضربات الصهيونية لها وقد حدت تلك الضربات من إمكانية تكثيف عمليات المقاومة وهو وجه التأثر، معتبرا حكومة أبو مازن بمثابة هجمة جديدة على المقاومة ومتوقعا كذلك ان المقاومة ستتأثر اكثر وستصاب بجراح اعمق لكنها ستبقى ولن تزول وبأن بقاءها أمر حاسم لمستقبل أبو مازن السياسي إذ بقاء المقاومة يعني فشل أبو مازن بالدور المنوط به والمرتكز أساسا على تصفيتها.
وحول تأثير ما حل بالعراق وسقوط بغداد بأيدي الغزاة رأى د.قاسم أن العراق لم يكن جزءا من معادلة الصراع أساسا وان كان له دور إسنادي بسيط لا ينكر فان سقوط بغداد لم يؤثر على المقاومة الفلسطينية الا في الجانب النفسي وهو تأثير محدود زمنيا وليس دائماً وسيستعيد الشعب الفلسطيني وعيه النفسي من جديد وسينهض، بل إن ترشيح الحالة العراقية لمقاومة جديدة ستشد من أزر المقاومة الفلسطينية لتشكل معها مثلث الصمود الفلسطيني العربي اللبناني مستذكرا اعتزاز المقاومة الفلسطينية بانتصارات حزب الله في العام 2000.
وحول عملية كفار سابا الأخيرة رأى د.قاسم أن تلك العملية كانت في صلب المقاومة وليس ذات بعد أساسي رغم تأكيده أن عمليات المقاومة الفلسطينية تحمل أحيانا مدلولات ورسائل سياسية ترتبط بالقضايا المركزية المؤثرة على الشارع الفلسطيني.
وعند الحديث عن دور المعارضة الفلسطينية في ظل تشكيله حكومة أبي مازن اعتبر د. قاسم أن الموضوع جوهري ومرتبط بالديمقراطية، فحكومة أبو مازن تتنافى مع الديمقراطية كما كان انتخاب عرفات أيضا بعيدا عن صلب الديمقراطية بل في ظل ضغوط خارجية مؤكدا أن الديمقراطية الحقيقية لا تخدم كليهما إذ إن الديمقراطية الحقيقية تتنافى مع ما يعلن عنه من استعدادات لضرب المقاومة.
وأكد د. قاسم أن تلك الاستعدادات إن وضعت موضع التنفيذ فإنها تغامر بالأمن الداخلي الفلسطيني إذ إن ضرب المقاومة الفلسطينية سيجلب ردود فعل منها وجميع التصريحات والمواقف للمقاومة تؤكد انها لن تلقي السلاح، واستشهد د. قاسم بموقف د. عبد العزيز الرنتيسي -أحد كبار قادة حركة المقاومة الإسلامية حماس-والذي حمل السلاح في وجه أفراد الأجهزة الأمنية الذين حضروا لاعتقاله. واعتبر د. قاسم أن عدم رد فعل التنظيمات الفلسطينية سابقا على ضربها وتصفية أجنحتها العسكرية هو من الماضي حيث إن تلك التنظيمات اليوم هي من القوة العسكرية بما لا يسمح لها بالتهاون مع الاعتداء عليها كما أن حركة فتح نفسها ليست موحدة خلف أبو مازن كما كانت خلف عرفات سابقا وستكون أجزاء كبيرة من قواعدها مع المعارضة. وفيما يتوقع أن تكون عليه العلاقة بين حماس والحكومة القادمة قال د. قاسم إن سياسة حماس واضحة فهي لن تتبع النهج السابق ولن تقف مكتوفة اليدين أمام أي اعتداء عليها، مؤكدا ان الاختبار الحقيقي هو في قطاع غزة حيث تتمتع حماس بقوة عسكرية ضخمة وتأثير شعبي واسع، كما ان مهمة الحاق الضرر بها منوطة بالعقيد محمد دحلان وهو معروف بمناهضته الشخصية لتلك الحركة وهذا ما يزيد التخوفات من وقوع ما لا يحمد عقباه كالاقتتال الفلسطيني الذي لا يد لحماس بوقوعه لان قبول الظلم هو الفتنة وليس الوقوف بوجه الظالمين.
واعتبر د. قاسم أن موقف حماس كان من الماضي، وحيث سئل عن نصيحته لحماس في هذه الحالة أجاب انه ينبغي على الحركة الحفاظ على صلابتها في وجه الضربات التي يمكن أن توجه لها دون اللجوء طبعا للاقتتال، ولكن عليها استغلال ثقلها في الشارع الفلسطيني واستغلال حالة التعاطف الكبير مع المقاومين الفلسطينيين عن طريق تفعيل الجماهير للوقوف بوجه أي ممارسات متوقعة من حكومة أبو مازن. ورأى د. قاسم أن واجب المعارضة ككل الآن هو قيادة الشارع الفلسطيني وإعادة اللحمة له، حيث إن هناك كثيرا من الناس يشعرون بالحاجة لأخذ استراحة المقاتل واعادة ترتيب حياتهم التي لن تهيأ لوضع المقاومة.
فيجب على المعارضة الفلسطينية ان توفر البديل الذي أحجمت السلطة عن توفيره لتسيير حياة الناس ليكون ضغطا جديدا عليهم تستخدمه السلطة في إقناعهم بعدم جدوى المقاومة خاصة مع توقع الصهاينة لتسهيلات محدودة مثل تخفيف الطوق والعمليات عن بعض المدن خاصة الهادئة والسماح بعودة العمال والإفراج عن بعض الأسرى.
واعتبر د. قاسم المجلس التشريعي الحالي بأنه مجلس مجير وضعيف وغير قادر على التخلص من ضغوط الجهات التنفيذية وان دوره محصور في المصادقة على بعض مقرراتها دون القيام بدوره كمشرع ومراقب ومحاسب.
واستشهد على ذلك بإسقاط المجلس للحكومة في المرة السابقة بناء على توجيهات عرفات ثم عاد نفس المجلس للموافقة بتوجيه من عرفات كذلك الذي استجاب لجميع الضغوط الخارجية.
أمام خيارين
ورأى الدكتور عبد الستار قاسم ان حكومة أبو مازن ستواجه خيارين على ارض الواقع، فهي إما أن تغامر بالأمن الداخلي وتدخل الشارع الفلسطيني في حالة تصادم ذاتي وهذا سيقود إلى انهيار تلك الحكومة وربما شخوصها وإما أن تنجح في تهدئة الوضع تمهيدا للانتخابات التي ستخسر فيها تلك الحكومة كذلك وستزول بقرار صناديق الاقتراع الفلسطينية.
وقال د. عبد الستار قاسم ان نصيحته لأبو مازن أن يتخلى عن موقعه لأنه ليس له بل إن أبو مازن يجب أن يقدم للمساءلة لأنه عضو في سلطة مارست الفساد على قدم وساق مع التأكيد أن المسألة لا تعني بالضرورة الإدانة.
كما اعتبر أن عرفات أيضا يجب أن يساءل أيضا لمسئوليته عما آلت إليه الحالة الفلسطينية داخليا وخارجيا مع ضرورة اعتماد القانون والمؤسسات الحديثة كبديل عن السلطة المركزية ونظام حكم الشخص الواحد.
وعن نظرته لمستقبله الشخصي في ضوء ترشيحه للانتخابات الرئاسية قال د.عبد الستار قاسم انه سيترشح مقابل عرفات كرئيس أو أبو مازن كرئيس للوزراء وانه متأكد من فوزه في أي من الحالتين وان كانت الفرصة اكبر كثيرا امام ابو مازن في رئاسة الوزراء وقال انه خاض الانتخابات الرئاسية فسيقوم بعزل ابو مازن لان إمكانيات الفلسطينيين لا تحتمل وجود رئيس ورئيس وزراء لما لذلك من إحداث إرباك في تداخل الصلاحيات ولما له من ضرر اقتصادي يسعى الشعب الفلسطيني للتخلص منه بعد الفساد الكبير الذي مورس بحقه من قبل السلطة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved