لسنا الآن في وارد البكاء على أطلال بغداد وباقي مدن العراق المحتل.. ذلك أن البكاء كسلاح عربي استراتيجي أثبت عدم فعاليته خلال استخدامه في كل معارك العرب التاريخية منذ معركة غرناطة قبل أكثر من خمسمائة سنة وحتى معركة فلسطين التي مازالت أصداؤها تتردد حتى هذه اللحظة.
ربما كان البكاء مسكناً لحالات الإحباط واليأس التي تعانيها الشعوب العربية جرّاء مشاهداتها اليومية لمسلسل الهزائم الذي لا ينتهي ويثقل بكلكله على صدرها.. فالحاجة أكبر الآن للتماسك وتقويم العزائم والتراجع خطوة الى الوراء من أجل قراءة موضوعية أفضل لمعطيات هذا الواقع المأزوم.. نعم نحن محتاجون الى استنفار كل الطاقات البشرية لإجراء مراجعة حقيقية لكل ما نحن عليه في سبيل الوصول الى تشخيص دقيق لأسباب التردّي والانحطاط وقبل أن نوجه الاتهام لهذا الطرف الأجنبي أو ذاك لتحميله مسؤولية ما وصلنا اليها، علينا أن نعترف أولاً بكل أخطائنا الذاتية التي تراكمت عبر السنين لتشكيل جبل الخطايا الذي يأسر ما ضرنا ويلقي بظلاله على مستقبلنا.. علينا أن نسأل كيف ولماذا أوصلنا الى هذا الدرك وكيف ومتى نستطيع ان نتجاوز انكساراتنا وهزائمنا.. فلنتوقف عن البكاء وإرهان خلايانا العصبية ولنستخدم عقولنا مرّة.
|