|
لايكتب الكاتب شيئاً إلا وهو مقتنع تمام الاقتناع بجدوى مايكتب، قد يوافقه الآخرون وقد لايوافقونه وقد يوافقه بعضهم، ولكنه على أي حال لم يكتب ماكتب ولم ينبذ به إلى إحدى الصحف أو أي منبر إعلامي إلا بعد اقتناع بجدواه.
فغضب هشام وقال: أعليّ تفخر وإياي تنشد قصيدة تمدح بها نفسك وأعلاج قومك؟ ثم أمر ان يرموه في الماء. فرموه وغطوه، حتى كادت نفسه تخرج، ثم أمر بإخراجه ونفاه من وقته». استعمال الصحاف إذاً لهذه الكلمة غير منكر بل إنه مما استحسنه لما فيه من جذب الألسن إلى فصيح اللغة، إلا ان تفسيره لها خاطئ. ثم إني لا أرى وجهاً لهذه الموجة من الإنكار على الصحاف فهو يدفع عن بلده كمثل قول زهير المخ: «لايعتمد في تحليله معايير توازن القوى، فظل يندد ب (الهيمنة الأمريكية) على قرارات الأمم المتحدة، واعتبار الولايات المتحدة سبباً وحيداً في فشل مجلس الأمن الدولي الاتفاق على قرار بشأن رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على بلاده منذ العام1990». فأي توازن يراد من الصحاف أن يقف عنده ويراعيه؟ أنريد منه ان يدعو إلى الاستسلام لأن معيار القوة يملي عليه ذلك؟ منطق غريب على كل حال. أنا لست أقر النظام الصدامي على ماهو عليه، ولكني أتحدث عن قضية لغوية. ولا تعنيني السياسة من قريب أو بعيد. فأنا من الذين يرتاحون إلى قول الشيخ محمد عبده (لعن الله ساس يسوس ومشتقاتها). وإن كان هذا لايعني الانفصال عن ثقافة السياسة وأبعادها ومغازيها. هذا مثال لما اشتملت عليه تلك المقالات الموؤودة بلا ذنب. قد يكون للصحيفة نظرة في وأد تلك المقالات لكن كان عليها ان تعيدها إلى الكاتب مع اعتذار أو بغير اعتذار قائلة إنها غير صالحة ولن تناقش في ذلك لأن لكل صحيفة سياستها وليس من حق أحد الاعتراض عليها لكن لابد من أن يكون عملها مسوغاً بمسوغات مقبولة ولو عند البعض. قد ترى الصحيفة مالايراه الكاتب، وأحسب هذا أمراً طبيعياً. ونحن لا نناقش مثل هذا ولكننا نناقش أسلوب عمل، وهذا من حقنا. وخلاصته ألا تقتل الكلمات في صمت. وليس من حق أحد أن يطالبنا بذكر اسم الجريدة لكون هذا من باب التشهير، وليس ذلك من أهدافنا. فنحن نأتم بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- وفعله حين يريد التنبيه على خطأ مامعناه (ما بال قوم يفعلون كذا وكذا أو يقولون كذا وكذا). وكذلك قول العرب (إياك أعني واسمعي ياجارة) وقد تصم الجارة أذنها فيصدق عليها المثل (أذن من طين وأذن من عجين) فالله المستعان. قد يقول قائل مادمت غير واثق من استجابة الصحيفة فلماذا تكلف نفسك وتخاطبها بمثل هذا؟ وأقول إن أيسر ما في هذا ان فيه شيئاً من تنفيس إلى كون الأمل في ان يجد هذا القول أذناً صاغية فأنا غير يائس من ولوج شيء من كلماتي الأذن المعنية، لا لتنشر لي فأنا قد يئست منها ولكن لأن لا تصد إبداعات الآخرين الذين نحن في حاجة إلى تشجيعهم وهم ناشئة المبدعين. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |