Thursday 8th may,2003 11179العدد الخميس 7 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

قليل الحجم كثير الفائدة قليل الحجم كثير الفائدة
د. عبدالرحمن بن سليمان الدايل

الملح والسكر ضدان ولكنهما يجتمعان في جسم الانسان، ويتحاوران بكل لسان، ويتعارضان بكل سلاح وسنان، وكل منهما يريد الراية والصولجان، وأن تكون له الغلبة، ويشار له بالبنان، وقد عقدت ندوات ولقاءات لفك الاشتباك بينهما، وفي احداها وقف أحد المدافعين عن السكر والمستمتين في الذود عنه الأستاذ فاضل السكري قائلاً:«لِمَ هذه الضجة ضد السكر.. ضد ما هو جميل أليس السكر يحلي الأشياء؟! ويجعل لها طعماً في حلوق الأحياء وينقلها من باب الى باب من باب الصد والنفور الى باب الاستساغة والقبول، فيجعلنا نقبل على الأشياء، وان كان يسيراً..وأكمل قائلا: نعم ان الأصل الطبيعي للسكر هو الفركتوز «سكر الفاكهة»، ولكن لولع الانسان بالسكر جعله يصنع أنواعا أخرى منه هو الجلوكوز والسكروز واللاكتوز كل ذلك يؤكد أهمية ومكانة السكر عند الانسان إذ أصبح جزءاً من مزاجه واعتدال ميزانه، ولا يمكن الاستغناء عنه فهل يتخلى الانسان عن شاي العصاري وقهوة الصباح والسكر جزء مهم منهما عند البعض والجزء الأهم عند البعض الآخر؟!.
وتطرق حديثه عن غريم السكر ونقيضه، وهو الملح فذكر انه باب الأمراض ذات الحساسية والأملاح، وأنه دون السكر بمراحل والدليل انتشار محال الحلويات وانزواء محال المخللات نتيجة اقبال الأولاد والبنات على الحلويات واعراضهم عن المخللات. فكل هذا وغيره يؤكد ارتفاع مكانة السكر وانخفاض مكانة غيره، وعندئذ قام الأستاذ تحسين المالح أحد المنافحين عن الملح والمكتومين بنار السكر قائلاً: إن كان السكر من المشهيات فإن الملح من المقبلات، ودون الملح فالانسان لا يستطعم الأشياء، وهو عنصر أساسي من عناصر بناء الانسان، ودونه يفقد كونه وكيانه، وقبل ذلك هيئته وقوامه... ألا تسعمون عن الكالسيوم والبوتاسيوم والمغنيسوم.. انها أنواع منه تدخل في تركيب الانسان، ليس هذا فقط بل يدخل الملح بأنواعه في صناعات عديدة ومفيدة للانسان، وبالتالي الحياة فهو يدخل في صناعة الزجاج الآنية الخزفية والصابون.. وفي حفظ الطعام. وغيرها كثير، والخلاصة أنه مفيد، وليس مسيء فالسكر باب للعلل والأمراض، وباب لكل داء واسأل أطباء الأسنان والعظام، والباطنة والأورام وأطباء العيون والجفون، وأطباء الرياضة والنضارة سيضعون لك علامة استفهام على السكر وسيقولون ابتعد عنه حتى تعيش في سلام.. ولما اشتد الحوار وتصاعدت الكلمات، ونضح العرق حبات وراء حبات، وتوترت الأيدي ونهجت القلوب، وتحجرت العيون، وارتفعت الأنفاس ساد الصمت اللقاء فإذا صوت وقور يهز المكان يصعد من رجل طيب تزينه لحية بيضاء تعكس خبرة بأمور الحياة ودراية بأحوال البشر فاستمع الجمع له منصتين آملين بنزع فتيل الصراع فقلل الرجل الطيب.. إن لكل من السكر والملح فائدته التي لا تنكر، ومشاركته في تحسين الحياة التي يجب ان تذكر، لكن يفضل استعمالها بقدر حسب الحاجة لا حسب الرغبة نعم إذ السكر حسب الوقائع السبب في العديد من العلل والأمراض وعلى الرغم من ان السكر يفعل كل هذه الأفاعيل بجسم الانسان، إلا أنه يمثل الركن الركين في حياة كائن آخر هو النمل فهل جسم النمل يتفاعل معه بذكاء فيأخذ منه فائدته، ولا يتأثر بسمومه.
نحن البشر إذا رأينا النمل فإن النساء يتأذين، والرجال يتمعضون والأطفال يخافون. فهل يكون علاج السكر مثلاً في النمل؟ سؤال يحتاج الى اجابة ليس مني أو منك بل من المختصين والباحثين في علم الصيدلة والحشرات والكيمياء، وربما تكون الاجابة بنعم، وفي هذه الحالة ستتغير نظرتنا للسكر وللكثير من الأشياء.
وحتى نصل الى اجابة عن سؤالنا فلننظر الى النمل بنوع من الرحمة فلا نأنف منه ولا نمتعض فإنه خلق من خلق الله فكم من خلق قليل الحجم كثير الفائدة.
والله ولي التوفيق.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved