ساءني منظر بعض الشباب الذين نرى فيهم عُدَّة الوطن وأمل غده، وهم يحاكون الغرب بتصرفاتهم الهوجاء في الملبس واتباع آخر صيحات الموضة.. ومنهم من يتراقص على أنغام الموسيقى الغربية في الطرقات العامة مقلدين مطربي الفضائيات في حركاتهم وأسلوب معيشتهم.!
وآخر يختبىء في دهليز المبنى الخلفي ممسكاً بيده سيجارة وينفث دخانها بعيداً عن أعين الناس، ليثبت لنفسه أنه أصبح رجلاً.!
هذه بعض النماذج التي رأيتها لشبابنا الذين نعدُّهم لتحمل مسؤولية كبيرة على عاتقهم.. وهم أمل هذه الأمة.!
غير أن أحلامنا بدأت تتقهقر للوراء وأظن أن للقنوات الفضائية دوراً هاماً، إذا تتسلل إلى عقول هذه الشرائح فيتبعون كل جديد دون تحسب لنتائجها.!
إن للأسرة دوراً هاماً في التربية والتنشئة، فعندما ينشغل رب الأسرة وكذا الأم، ولا يجد الأبناء من يوجههم أو ينصحهم، ويبقى الأطفال أسيري تربية الخادمة التي ترعى شؤونهم يتولد لديهم الإحساس بالفراغ، فيطيلون البقاء بالساعات أمام شاشات التلفاز، فيتأثرون بما تقدمه من إفرازات الغرب، وتنقل إليهم كل ما هو مغرٍ فتثير غرائزهم وتدغدغ إحساسهم وتنفث سمومها باسم الرقي والحضارة.!
إنه الجيل الواعد الذي يستطيع أن يعدد أسماء مطربي الفن العربي والغربي وأحدث أغانيهم ويحفظها عن ظهر قلب.!
بينما لا يحفظ أسماء العشرة المبشرين بالجنة من صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام.! وإذا سألته فتجده فاغراً فاه.. ولا يستطيع الإجابة.!
ليس هذا فحسب، بل تجد هذه الفئات في فترة الامتحانات يلتقون في ساحات الطريق فيثيرون الشغب ويرفعون أصواتهم، ويقرعون أبواق عرباتهم بإشارات يتبادلونها بينهم، بينما يبدأ آخرون بالاستماع إلى الموسيقى بعد يوم حافل بالتعب والإجهاد من جراء الامتحانات التي أجهدت تفكيرهم، فيلقون بهمومهم في الطرقات فيعيقون السير ويحدثون الشغب.!
وثمة سؤال يمد عنقه:- أهو خطر العولمة التي اجتاحت عقولهم وهيمنت على تفكيرهم وفتحت لهم بابها لتدمير القيم والأخلاق الحميدة في نفوسهم.؟!
لقد أخذ هذا الجيل يجري وراء كل ممنوع وتفشى السلوك الخاطئ الغربي.. ونحن نلقي باللوم على الأسرة لأنها لم تحسن تربية أبنائها ولم تُعن بهم، وكان لا بد من كبح زمامهم.. وذلك بتعويدهم اعتياد المساجد وتخصيص أوقات معينة لهم لمتابعة البرامج الدينية التي تثري عقولهم بدلاً من غرس المبادىء المنحرفة فيها.!
لقد وصلنا لزمن تسأل فيه الفتاة أو الفتى عن حياته التي يعيشها وماذا جنى منها، فيقول ها أنا أعيش مثل غيري وما يحدث غداً لا يهمني!؟ أي أنه يحيا على الهامش بلا هدف، بلا طموح دون أن يحقق شيئاً يذكر.!
وهذا منطق الخاوين الفارغين، الذين لا أمل لهم في غدهم ولا شك أن مرجع ذلك هو التربية التي اعتادوا عليها والحياة التي غرست في أنفسهم عدم الاهتمام واللامبالاة.!
فيتوجب علينا تحصين مجتمعنا وأبنائنا ضد أي أفكار خاوية وضارة، وأن نغرس فيهم الفضائل من نماذج إسلامية فذة بدءاً بقدوتنا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام وصحابته رضوان الله عليهم، ونصحح مسار أفكارهم بتبني أفكار إسلامية جادة بالقراءات المفيدة، والعودة بهم إلى حضارة الإسلام، حتى نعصمهم من الأفكار الهدامة التي تسيطر على تفكيرهم.!
لنكون حقاً خير أمة أخرجت للناس، كما أخبر الله عنها في كتابه العزيز:
مرفأ
بني الإسلام هل آن
لنا أن نطرح الرانا
ونصبح للهدى جنداً
وفي الإسلام إخواناً
ونُحيي مجدنا الماضي
ونُرجعه كما كانا
سلوا بدراً سلوا أحداً
ومؤتة عن كتائبنا
سلوا الأعداء واستمعوا
شهادتهم بعزتنا
بني الإسلام يا أحفاد
عَمَّار وصفوانا
على آثارهم سيروا
تكونوا خير فتيانا
|
|