Thursday 8th may,2003 11179العدد الخميس 7 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

فيما يسمى حدوث العنف والقتل في مجتمعنا «الحلقة الثانية» فيما يسمى حدوث العنف والقتل في مجتمعنا «الحلقة الثانية»
القتل في طليعة الكبائر، وتفكيك البنية الأساسية للمجتمعات
يوسف بن محمد العتيق /مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

نحن في أرض الإسلام والرسالة جزيرة العرب التي تحتل المملكة العربية السعودية القسم الأكبر منها لذا هذا الخطاب والنقاش قائمان على أن النصوص الشرعية والخطاب لكل مسلم شرفه الله بالانتساب لهذا الدين العظيم.
قال الشيخ الدكتور بكر بن عبدالله أبو زيد رئيس مجمع الفقه الإسلامي وعضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للافتاء والمؤلف والباحث الفقهي المعروف في كتابه النفيس: «خصائص جزيرة العرب»:
هذه الجزيرة حرم الإسلام، فهي معمله الأول، وداره الأولى، قصبة الديار الإسلامية، وعاصمتها، وقاعدة لها على مر العصور، وكر الدهور، منها تفيض أنوار النبوة الماحية لظلمات الجاهلية، لذلك جاءت المنح المحمدية في صحيح السنة بما لهذه الجزيرة من خصائص وأحكام لتبقى هذه المنطقة قاعدة الإسلام دائماً كما كانت قاعدته أولاً.
هذا ما قاله الدكتور بكر بن عبدالله ابو زيد، وهنا نقول إذا كانت أرضنا بهذا الوضع والمكانة ألا يجعلنا ذلك نستشعر هذه العظمة ونقوم ولو بالنزر اليسير من حقوقها في كل المجالات وعلى رأسها التكاتف في حفظ الأمن في وجه كل مخرب مفسد.
مدخل
قال سبحانه وتعالى في محكم التنزيل:{وّلّقّدً كّرَّمًنّا بّنٌي آدّمّ وّحّمّلًنّاهٍمً فٌي البّرٌَ وّالًبّحًرٌ وّرّزّقًنّاهٍم مٌَنّ الطَّيٌَبّاتٌ وّفّضَّلًنّاهٍمً عّلّى" كّثٌيرُ مٌَمَّنً خّلّقًنّا تّفًضٌيلاْ}
أخي القارئ الكريم: هذه الآية الكريمة تلخص كل شيء وتغني عن الكثير من المواعظ والخطب، فحينما يكرم الله بني آدم بالعقل والحياة لا يحق للإنسان نفسه ولا غيره ان يتعرض لحياة آخر إلا فيما أحل ولا يقوم بذلك إلا من ولاه الله المسؤولية لذا جاءت جريمة القتل عظيمة بل من كبائر الذنوب.فمن الأمور المسلم بها لدينا نحن من يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا ان أعظم الجرائم وأكبر الذنوب هو أن تشرك بالله سبحانه وتعالى وهو الخالق الذي يفرد بالعبادة، وهذا أمر مسلم به والحمد لله وقد قرره علماء هذه البلاد تقريراً كبيراً لا سيما في مصنفات العقيدة الكثيرة التي ألفها علماء الدعوة السلفية من وقت الاماميين الجليلين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب رحمهما الله، بل إن دعوتهما قامت على تقرير التوحيد وهذا أمر معلوم لدى الجميع.
الذهبي عد القتل ثاني الكبائر
وقد جعل الإمام الجليل العالم مؤرخ الإسلام الإمام الذهبي «ت 748هـ» في كتابه النفيس الذي سماه كتاب «الكبائر وتبيين المحارم».. جعل الكبيرة الثانية بعد الشرك بالله مباشرة هي كبيرة قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، فقد قدم الذهبي هذه الجريمة النكراء والطامة العظيمة على جرائم متعددة في غاية الخطورة، مثل السحر ومنع الزكاة وترك الصلاة والفرار من الزحف وغير ذلك مما يدل على أن هذه الجريمة نكراء بكل المقاييس، وبخاصة في دين الإسلام الذي أخذ موقفاً كبيراً من هذه الظاهرة التي إذا وجدت في مجتمع فقد خاصية لا تستمر الحياة بدونها ألا وهي الأمن في الأوطان، فمتى ما كان الإنسان لا يحس بالأمن في مجتمع فكيف يستطيع أن يقدم شيئاً!؟
نصوص من الكتاب والسنة
وهنا نصوص شرعية وردت في القرآن الكريم وفي صحيح السنة المطهرة كلها تكرس هذا المفهوم العظيم وهو الخطورة الكبيرة لإزهاق النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق بل تعددت النصوص وكلها تدور في حرمة قتل النفس التي حرم الله، بل منها ما يضبط عملية التعامل مع السلاح.
لهذا الباحث الشكر
وهذه النصوص فيها العظة والعبرة، وقد استفدت كثيراً في حصرها وبيان معانيها من الكتاب النفيس صغير الحجم عظيم النفع الذي ألفه الباحث الكويتي حاي الحاي، وقد طبع تحت عنوان «التحذير المبين من إراقة دم المؤمنين»1 وذلك في عام 1412هـ فلمؤلفه الشكر الجزيل والتقدير الكبير على اهتمامه بهذا الموضوع، فإلى ذلك:
أول ما يقضى فيه يوم القيامة الدماء!!
عن الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول ما يقضى بين الناس في الدماء» متفق عليه.
وفي رواية أخرى لهذا الحديث جاءت بنص «إن أول ما يحكم بين العباد في الدماء» وهذه الرواية أخرجها الإمام الترمذي في كتابه الجامع.
المؤمن في فسحة ما لم يقتل
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما. أخرجه الإمام البخاري في كتابه الصحيح.
قتل المؤمن أعظم من زوال الدنيا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم. أخرجه الترمذي والنسائي.
أخي الكريم: هل يحتاج هذا النص الشريف إلى تعليق أو توضيح!! وهل يجعل المسلم يفكر حتى التفكير في ارتكاب جريمة القتل؟
تنظيم التعامل مع السلاح مطلب شرعي
ومن عظمة هذا الدين وروعته التي تدل على أن الإسلام دين سلام ورحمة وتقدير للحياة البشرية أتت النصوص الشرعية حتى تضبط عملية التعامل مع السلاح من كل نفر منا مهما كانت الدواعي دون التفريق بين حالة الغضب أو الحالة الطبيعية للإنسان، فالسلاح أداة لعمل معين وفي ظروف معينة، يتطلبها الواجب، ووفق توجيهات شرعية.
فقد جاء التحذير من خطورة العبث بالسلاح حتى ولو كان هذا العبث مع الأخ من الأب والأم.
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: «من اشار الى اخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه وإن كان أخاه لأبيه ولأمه».
وجاء في الحديث الآخر النهي عن الاشارة بالسلاح لان الشخص قد يكون تحت نزغة الشيطان - والعياذ بالله- فيحدث من جراء ذلك ما لا تحمد عقباه.
وقد جاء حديث ابي هريرة رضي الله عنه يدعم هذا حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يشر أحدكم على أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار، وهذا الحديث متفق عليه أي أنه أرفع درجات الصحة الحديثية عند علماء الحديث.
لا تسلم الآخرين السلاح إلا وهو مؤمن
وفي هذا المجال نفسه جاء الحديث ينهي عن إعطاء السلاح للأخ وهو بحالة خطرة او بوضعية قد تضر بمن يستلمه، فعن الصحابي الجليل جابر رضي الله عنه «ان النبي عليه الصلاة والسلام مر بقوم في مجلس يسلون سيفا يتعاطونه بينهم غير مغمود، فقال: ألم أزجر عن هذا؟ إذا سل أحدكم سيفا لينظر فأراد أن يناوله أخاه فليغمده ثم يناوله إياه».
وهذا حديث صحيح أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في كتابه المسند.
هل حمل السلاح رجولة
ليس عيباً ان نقع في الخطأ، فكل ابن آدم مخطئ لا محالة، والسعيد من ندم وتاب من ذنبه، ومن اسوأ ما يكون في المجتمعات هو أن يتربى البعض على عادات سيئة، وهي في غاية السوء بل فيها من الشر ما فيها، وعلى رأس هذه العادات ما نحن بصدد الحديث عنه في هذه العجالة، ألا وهو ان يعتقد البعض بأن حمل السلاح هو من مظاهر الفخر والشخصية المتكاملة وهنا أليس من حقنا ان نسأل: من فقد الوفاء والدين وحب الوطن والقيام بحقوق الآخرين، هل يعوضه حمل السلاح لأن يوصف بأنه رجل؟
وفي الختام
أخي الكريم: من حق الآخرين عليك أن تسعى لأن تكون نواة صالحة في مجتمعك بأن تقوم بالواجب الديني أولاً ثم الوطني بنشر التوجيه السليم في هذا المجال لعل وعسى أن تردع مقدما على الشر وفي كل نفس بشرية حظها من النقص والتقصير.
1 وقد ألف كتابه هذا على هامش احتلال العراق الكويت قبل مايزيد على عقد من الزمان.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved