هل من دراسة لتداعيات الحرب الإيجابية والسلبية على الاقتصاديات العالمية؟!
د. توفيق عبدالعزيز السويلم (*)

هناك نظرتان حول الحرب على العراق أولهما ايجابية تتمثل في اعادة نمو اقتصاد المنطقة حيث ستتحسن القطاعات الخدمية والعقار والاستثمارات الصناعية وستلجأ الشركات المختلفة الى التصدير مما يدعم المنشآت الاقتصادية حيث ان التصدير سوف يجبر الشركات على تحسين وتطوير منتجاتها بحيث تستطيع ان تنافس مثيلاتها في الأسواق العالمية المختلفة. أما النظرة السلبية فتتمثل في تأثر بعض القطاعات الاقتصادية بصورة سلبية كالشحن والنقل والتأمين والطيران والسياحة.
إن الآثار الايجابية الناتجة عن الحرب على العراق سوف تفتح المجال أمام انتعاش اقتصادي لبعض الاقتصاديات حيث ان من هذه الايجابيات ان العراق نفسه سيشهد انفتاحا كبيرا مما يزيد من عمليات التبادل الاقتصادي بينه وبين الاقتصاديات المجاورة فالبنية التحتية تحتاج الى شركات متخصصة في مجال الخدمات وغيرها وقد تسهم الشركات الخليجية وخصوصاً شركات القطاع الخاص بالمملكة في تطوير هذه البنية، وهناك ايجابيات أخرى مثل نمو الوعي لدى شعوب المنطقة لادراك الأهمية الاستراتيجية لثروات المنطقة وبالتالي السعي لتحقيق شراكة اقتصادية.
أما الآثار السلبية فقد كثر الحديث في وسائل الاعلام المختلفة سواء في الصحافة أو القنوات الفضائية المختلفة عنها وقد ذهب الاقتصاديون في تحديد الجانب الأكثر تأثرا مذاهب كثيرة إلا ان كثيرا منهم اتفق على ان هناك تداعيات واضحة سوف تظهر في اقتصاديات دول منطقة الشرق الأوسط خاصة إذا طال أمد الأزمة وعدم حسم موضوعات متعددة تؤثر على استقرار الوضع في العراق وإذا استغرق ذلك وقتاً أكبر من الوقت الذي كان يتوقعه الاقتصاديون والسياسيون، وهذه التداعيات لاشك تحتاج الى دراسة جوانبها المختلفة حتى تتجنبها اقتصاديات المنطقة أو تقلل من تأثيراتها.
إن التداعيات السلبية الناتجة عن هذه الحرب متعددة الجوانب وقد ذهب كثير من المحللين في وسائل الاعلام المختلفة سواء المرئية أو المسموعة أو المقروءة الى ان الآثار السلبية الناتجة عن هذه الحرب كما ورد في جريدة عكاظ الشهر الماضي هي على سبيل المثال للحصر:
1- تزايد عجز الميزانيات في اقتصاديات كثير من الدول.
2- الهيمنة الاقتصادية على ثروات المنطقة والتحكم فيها.
3- تأثر الاستثمارات نتيجة لعدم استقرار المنطقة.
4- عدم ثبات الأسعار خاصة أسعار البترول مما يترتب عليه من عدم استقرار بعض الاقتصاديات.
5- عملية اعمار العراق ستمثل عبئاً واضحاً على اقتصاد المنطقة نتيجة مشاركة بعض دول المنطقة في عملية الاعمار.
وغير ذلك من التداعيات والآثار السلبية والتي بلاشك تحتاج دراسة من الاقتصاديين وغيرهم من المتخصصين لدراسة التأثيرات السلبية المختلفة المترتبة على الحرب ومحاولة ايجاد الوسائل والسبل الكفيلة بتفادي أو تقليل تلك الآثار السلبية على الاقتصاديات المختلفة.
والمتابع للوضع الدولي الحالي بامكانه ان يستنبط بعض أهداف هذه الحرب والتي تتوزع ما بين أهداف اقتصادية وسياسية وثقافية وغيرها من الأهداف فالجانب الاقتصادي يظهر واضحا في محاولة السيطرة على ثروات العراق واستنزاف موارده ومحاولة تحقيق أكبر استفادة لدعم الركود الاقتصادي الأمريكي فالعراق يمتلك أكثر من 112 تريليون برميل من النفط كاحتياطي كبير يكفي لأن يكون المخزون الاستراتيجي لأمريكا نفسها المسيطرة الآن على منابعه والمتحكمة فيه ولا أدل على ذلك من قيام الادارة الأمريكية ببيع عقود اعمار العراق لشركات أمريكية بل انها بعد ان استولت على آبار النفط أخذت تعطي عقود عمل مثل هذه الآبار أيضا لشركات أمريكية.. وغيرها من الأهداف الاقتصادية، أما الأهداف السياسية فتتمثل في اقامة قواعد عسكرية لمراقبة دول المنطقة. ناهيك عن الاستفادة الكبيرة التي ستعود على اسرائيل من وجود الحليف الأول بجواره، أما الجانب الثقافي والذي يتمثل في محاولة الولايات المتحدة فرض نموذجها على دول العالم ومنها دول المنطقة وهو ما يطلق عليه مصطلح العولمة أو الأمركة ومحاولة تحقيقه ولو بالقوة.. وغير ذلك من الأهداف التي لا تخفى على المتخصصين والمدققين في الأحداث الجارية على الساحة الدولية.
لذا فإن الآثار السلبية والايجابية لهذه الحرب سوف تظهر في مجالات عديدة سواء من ناحية الاستثمارات الصناعية أو تطور قطاع الخدمات أو تأثر قطاعات أخرى كالشحن والنقل والطيران والتأمين وغيرها من القطاعات الاقتصادية بصورة سلبية مما يتطلب وقفة من المتخصصين لمعرفة سبل تفادي مثل هذه الآثار والتي تؤثر على اقتصاديات عديدة في العالم عموماً وفي منطقة الشرق الأوسط خصوصاً.