Thursday 8th may,2003 11179العدد الخميس 7 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بعد أربعة آلاف سنة من صدور الطبعة الأولى بعد أربعة آلاف سنة من صدور الطبعة الأولى
من يعيد كتابة ملحمة «جلجامش»

* الثقافية علي سعد القحطاني:
من المعروف عن تلك الملحمة التاريخية انها كتبت في العراق قبل أكثر من أربعة آلاف سنة وتعد من أقدم الملاحم في الأدب العالمي، إذ تحكي قصة جبروت امبراطور آشوري حكم ما بين بلاد الرافدين وعاث في العراق بطشاً ونزقاً وفساداً وكان يسوق رعيته إلى المعركة ليذيقهم خزياً وعذاباً. ويبدو ان هذا الطاغية السومري الذي كان اسمه وإليه تنسب الملحمة «جلجامش» وقد ضاعت سيرته بين الواقع والاسطورة، وتستكمل أحداث الملحمة في ان العراقيين طلبوا من الآلهة كما تقول الاسطورة ان يكسر شوكة ذلك الباغي فخرج من أصلابهم رجل يقال له «انكيدوا» وهو مخلوق جبَّار كان يعيش في الغابات، والعجب كل العجب ان اناشيد تلك الملحمة تسبح بحمد ذلك الطاغية وتهلل باسمه، شأنها شأن تلك القصائد التي هللت ب«صدام» ذات يوم ونعتته ب«سيف العرب». وعند قراءتنا لتلك اللوحات الغنائية في الملحمة الجلجامشية نكتشف مدى جناية هؤلاء الأدباء في كل العصور وأنهم مسؤولون أمام الله ثم التاريخ في تضخيم سير هؤلاء الطغاة وهذا ما نكتشفه في تلك اللوحات الغنائية الآتية:
في اليوم الأول بنيت هيكلها
أنشأت فيها ست طبقات سفلية
***
في اليوم السابع خف المطر
خفت حدّة العاصفة
هدأ البحر، سكنت الزوبعة
***
قدّمت قرباناً، سكبت زيتاً
نصبت قدوراً، سبعة، سبعة
كومت تحتها القصب، وخشب الأرز والآس..
قصائد مليئة بالتبجيل في ذلك الحاكم الآشوري الذي حكم العراق بالنار والجمر والحديد قبل أكثر من أربعة آلاف سنة..
قصائد مليئة بالكبر والاستيلاء والخلق والنشأة، حتى ان العواصف تخف حدّتها رهبة من «جلجامش» وتقدم قربانها وتنصب قدورها عند أقدام ذلك الطاغية الآشوري، ولعل تلك القصائد تحيا من جديد في الاحتفاء بجلجامش آخر انه «صدامش» الذي حكم بلاد العراق وأذاقها لباس الجوع والبأس والخوف، فها هي البلاد الغنية بثرواتها الطبيعية والزراعية تتسول وتقتات فضلات «الأمم المتحدة»، ومن العجب ان مؤلف تلك الملحمة التاريخية ظل مجهولاً، غائباً في سراديب التاريخ، ولنا ان نتساءل هل كانت هناك «رقابة» في العهد الآشوري وخصوصاً انها لم يخترع بعد «المقص» و«الأقلام الحمراء» التي عادة ما يستخدمها «الرقيب».
لن أسرد عليكم تاريخ بلاد الرافدين وحكاية العراق فأنتم أعلم مني بها، وهل أضحت «العراق» حكاية لم تروها بعد شهرزاد على مسامع شهريار وفي الليلة ما بعد الألف.. كان يا مكان قي قديم الزمان وسالف العصر والأوان، فتاة لم تزف بعد إنها «العراق».. كلما زفوها وجدوا في طريقها جنازة وتظل تبكي» والحقيقة ان الأحداث المتلاحقة وما جرى في العراق من مهازل نظامه المخلوع وخطاب رئيسه المتصابي وأنه يزبد ويرعد ويهدد وأنه سيعلق جنود المحتلين على أسوار بغداد وتصريحات وزيره الإعلامي ومدى توظيفه للمفردات في الخطاب السياسي ونعته للخصوم ب«العلوج» وسقوط بغداد بعد ثلاثة أسابيع من ضربها وسقوط ذلك الصنم في ضاحية بغداد أمام مرأى العالم، يوحي بأننا أمام أحداث تغري المبدعين والشعراء برصد تلك الأحداث وتجديد تلك الملحمة التاريخية وإعادة كتابتها من جديد، وإن تكاسل المبدعون في عمل ذلك فما لهم إلا طريقة واحدة فعليهم ان يكتفوا بقراءة تلك الملحمة فقط ولهم ان يبدلوا الطاغية «جلجامش» بالطاغية «صدامش».
***
المصادر:
الموسوعة العربية العالمية
المعجم العربي جبور عبدالنور
الحضارات، لبيب عبدالستار

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved