تحقيق : بشير الرشيدي
على بعد 70 كم من مدينة الحائط وتحديداً في الجنوب الغربي يقع (الراس الأبيض) ذاك المنتجع السياحي الفريد الذي حباه الله بالطبيعة الساحرة والجو النقي الذي يميل للبرودة في ذروة الصيف ويرتاده آلاف السياح والمصطافين من كافة المناطق وما ان بدأت درجات الحرارة في الارتفاع أصبح الرأس الأبيض حديث المجتمع الحائلي ففي نهاية عطلة الاسبوع يخرج الأهالي إلى «الرأس الأبيض» للاستمتاع بالهواء الطلق والجو العليل والضباب الذي يغطي الجبال المجاورة والمحيطة به بالاضافة إلى وجود الكهوف المثيرة التي وللأسف لم تكتشف بعد..!!
اهتمام أمير المنطقة بالسياحة
«الراس الأبيض» غاب عن أعين الكشافين والباحثين والمستثمرين ورجال الأعمال هذا المعلم السياحي الجميل الذي يتوسط منطقتي حائل والمدينة المنورة ينتظر جهود الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل لاستثماره سياحياً ولاسيما وان المنطقة حباها الله مميزات كثيرة ومتنوعة في معالمها السياحية والأثرية ومؤهلة ضمن المناطق الأولى سياحياً بفضل الله ثم بفضل الأفكار النيرة والعمل الجاد من أميرنا المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن أمير منطقة حائل وسمو نائبه اللذين يوليان المنطقة ككل جل اهتمامهما وعنايتهما ومما يؤكد ذلك قرار سموه الكريم القاضي بإنشاء هيئة محلية للسياحة بالمنطقة تتكون من مديري الإدارات الحكومية ذات العلاقة وعدد من رجال الأعمال بالمنطقة لمواكبة التطور الحضاري الذي تشهده المنطقة في كافة المجالات ولاسيما وانها مقبلة على مرحلة انتقالية سياحياً واقتصادياً باعتبارها عاصمة المدن العربية اثرياً.
الجزيرة صعدت الجبال والطرق الوعرة لتحط رحالها في أعلى قمة «الراس الأبيض» ليكون لها شرف ذاك الاكتشاف المثير.. معلومات وأسرار مطمورة تحت الأرض وكهوف لم تكتشف بعد.. ولو ان ما اكتشف منها يعد كنزاً ثميناً لابد من المحافظة عليه.
بداية الرحلة
عند الساعة السابعة والنصف صباحاً بدأت الرحلة انطلاقاً من مدينة الحائط رحلة شاقة للغاية بسبب انجراف الطريق والمنعطفات وعندما قطعنا نصف المسافة بدأ الجو يميل للبرودة مما اضطرنا إلى إقفال مصادر التهوية وأصبح الجو مغايراً وتوقفنا قليلاً للاستمتاع بالجو النقي الذي يطلق عبيره ليعانق أنفاس الزوار بنسيمه البارد الملبد بالغيوم والضباب والسحب المتفرقة، وأثناء وصولنا قمة الجبل الأبيض لم نجد أي موقع الا وبه آلاف البشر والعوائل في منظر يثير الجدل ولم نتمكن من وجود موقع لنحط رحالنا وأمتعتنا به اتجهنا جنوبا قبيل غروب الشمس وأثناء جولتنا بالمواقع المحيطة بالجبل فوجئنا بالكهوف العجيبة تقابلنا زغاريد الطيور من فوهة الكهف جنوب الأبيض بالإضافة إلى أبراج المراقبة التي شيدت في العصر الروماني واليوناني لغرف الحراسات الأمنية آنذاك وفي الناحية الشمالية من الجبل واحات خضراء غنية بأشجار الطلح والرمث والشجيرات البرية والجبال المنحوتة ذات الجمال والظل العجيبة!!
سياح الرياض والقصيم
مواقف وقصص مثيرة وذكريات جميلة يحكيها لنا عدد من السياح والزوار والأهالي أثناء تواجد الجزيرة بالموقع بداية التقينا المواطن عبدالله بن شديد المطيري الذي وصل مساء ذلك اليوم قادما من العاصمة الرياض فقال: إن السياحة في مملكتنا خطت خطوات واسعة بفضل الدعم غير المحدود من قيادتنا الرشيدة للتنشيط السياحي ومملكتنا غنية بالمقومات السياحية ونحن هنا سعداء بهذا الموقع الذي وللأسف يفتقد للخدمات ككل فقد اعتدنا زيارة الراس الأبيض لما له من أهمية في الهدوء والجو النقي وان معظم السياح من خارج منطقة حائل وأكثرهم سكان الرياض والقصيم والمدينة المنورة، فهذا الموقع فريد يصعب وصفه بحيث يختلف عن بقية الجبال المحيطة به من حيث اللون والارتفاع الذي يقدر بحوالي 3200م عن سطح البحر ولذلك يتميز بنعومة أرضه التي تميل للون الأبيض الناصع وتميزه بالهواء الطلق والجو الفريد.
الخدمات وتعبيد الطريق
المواطن محمد علي مرزوق الرشيدي قال: إن اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بالمنطقة وخاصة المناطق السياحية والأثرية أعاد لنا الأمل لنكون على حافة زمن قريب ليعود الوهج إلى تطوير الحركة ودفع عجلة التقدم إلى الأمام ولاسيما وان الراس الأبيض جدير بالاهتمام والتخطيط ضمن المشاريع القائمة التي تخضع للدراسة والبحث إلا ان الطريق إليه صعب وشاق مما يعرقل حركة الدراسة والسياحة وطالب بسرعة ايصال الطريق المسفلت للموقع وايجاد أماكن ترفيهية للسياح وخدمات عامة مثل الكهرباء والهاتف الجوال ومحطات الوقود والتموينات الغذائية والمياه.
من جانبه راهن الاستاذ عبدالله سواء الرشيدي على نجاح استثمار هذا الموقع بحكم توسطه من منطقتي المدينة المنورة وحائل وقال إن تعبيد الطريق سوف يوفر الوقت والجهد والمشقة وكل العقبات التي أمام الزوار كما طالب المجمع القروي بالحائط بسرعة تشجير بعض المواقع التي تحيط بالجبل بالإضافة إلى إنشاء مظلات من الزنك وملاعب للأطفال ومحلات تجارية ومحطات وقود وتأجيرها بمبالغ رمزية تساهم في تنمية وتغذية إيرادات المجمع لكي يتمكن من إقامة المشاريع التي تهدف إلى تنشيط المدينة سياحياً باعتبار مدينة الحائط أقرب مدينة لهذا الموقع يتوفر بها مجمع قروي يقع الرأس الأبيض داخل نطاق خدماته مشيراً إلى ان أقرب محطات وقود للموقع بقرية بدع بن خلف بمسافة 35 كم كما ان تمهيد الطريق بالوقت الحالي في غاية الأهمية حتى لايصعب على السياح الوصول إلى الرأس الأبيض والطريق الآن لايخدم السياح وذلك لعدم معرفة مسار الطريق حالياً بسبب تعدد مسارات الطرق الترابية الأخرى.
الصيد الجائر
يقول العم عبيد بن خلف بن شويلع ويبلغ من العمر 95 عاماً ويتمتع بصحة جيدة ولله الحمد ان الراس الابيض كان في السابق موطنا للذئاب والنمور وتتكاثر به الغزلان والأرانب التي انقرضت وللأسف في وقتنا الحالي بسبب الصيد الجائر وغياب الرقابة من الجهات ذات العلاقة وتابع قائلاً: ان بعض الجبال المحيطة بهذا الجبل يوجد بها ينابيع وتعتبر موارد البادية، ولكن يصعب الوصول إليها عن طريق وسائل النقل الحديثة والوسيلة الوحيدة للوصول إلى هذه الينابيع الجمال فقط وأكد على أنه مازال يعرف المواقع التي تتوفر بها المياه ضمن الكهوف التي يقدر طولها بحوالي 2كم وبارتفاع 6م تقريباً وطالب في الوقت نفسه وزارة المياه بإقامة مشروع مياه يخدم السياح وزوار المنطقة.
وأشار المواطن فرج هديبان ان المنطقة مليئة بالمواقع الأثرية التي يعود تاريخها إلى ماقبل الميلاد وذلك لوجود نقوش رسمت بخط المسند والعربي وقد سميت بالمسند لأن حروفها تكتب على شكل أعمدة مسندة مما يدل على أن هذه المنطقة شهدت حضارات أمم قد سلفت ليؤكد التاريخ قدم وحضارة هذه المنطقة وقال: إن جبال القور الواقعة بالقرب من قرية أبلة وبدع بن خلف تعتبر مادة تاريخية خصبة وبها قلاع وحصون ونقوش يعود تاريخها إلى ماقبل الميلاد وأضاف قائلا: ان في أعلى قمة الراس الأبيض مسجد عبارة عن مصلى أثري قديم مقام من الحجارة شيد في صدر الإسلام ومازال قائماً كمصلى للسياح، وتابع قائلاً: ان منطقة حائل تعتبر من أهم المناطق الأثرية بالجزيرة العربية وذلك بعد اكتشاف آثار الشويمس وآثار الحويط وآثار الحائط وآثار الشق فقد أثبتت الدراسات والبحوث ان المنطقة مقبلة على مرحلة انتقالية لم تشهد لها مثيل.
الأودية والشعاب تنتظر السدود
فيما أكد عبدالله بن راشد بن عسكر ان الأودية المحيطة بالأماكن السياحية بحاجة ماسة إلى إنشاء سدود عليها للمحافظة على مخزون المياه التي تذهب هدراً وطالب وزارة المياه بسرعة انشاء سدود على معظم الأودية وخاصة وادي القور ووادي المجصة ووادي صحة ووادي الحائط ووادي الشق لتغذية العيون والينابيع وتوفير المياه للزوار والسياح والأهالي وقال: إن المنطقة الجنوبية من منطقة حائل لم يحالفها الحظ في مشاريع السدود وانه لابد وان تنتظر الوزارة مشكورة بإنشاء سدود على هذه الأماكن لتعم الفائدة الجميع وفق ما تقدمه قيادتنا الرشيدة أيدها الله من دعم دائم ومتابعة مستمرة لمشاريع السدود والمياه بكافة المناطق.
وفي الوقت نفسه أكد لنا رئيس المجمع القروي بالحائط الاستاذ سعد بن محمد العنزي ان وضع الجبل الأبيض مازال قيد الدراسة والبحث سوف يكون بإذن الله في القريب العاجل متنفس الأهالي وزوار المنطقة ككل وقال: إن بعد المسافة عن مقرالمجمع من العوائق والعقبات التي لا نستطيع تجاوزها حاليا وفق مالدينا من برامج وخطط قائمة وأضاف قائلاً: ان موقع الراس الابيض بالقرب من القرى القابلة للنمو مثل قرية بدع ابن خلف والحويط وابله سوف يدفع عجلة التقدم للقرى المحيطة به وسيساهم بشكل كبير بسرعة تطوير القرى من حيث إقامة الشقق المفروشة والفنادق لخدمة السياح.
|