Wednesday 7th may,2003 11178العدد الاربعاء 6 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مخاطر معاقبة فرنسا ! مخاطر معاقبة فرنسا !
دانا الين وجوناثان ستيفنسون ( * )

من الواضح أن النشوة في واشنطن بالانتصار على الفرنسيين قد ذهبت لأبعد مما ينبغي، أخذت إدارة بوش عهدا على نفسها بمعاقبة باريس على معارضتها لحرب العراق، وواجه مسؤولون أمريكيون مقترحات فرنسية من أجل تعاون واقعي بمطالب مذلة تدعو الفرنسيين للتعبير عن ندمهم تجاه موقفهم غير المناسب من الحرب.
بعيداً عن ما يتضمنه من قبح، من الواضح أن هذا الحقد الانتقامي يؤذي مصالح أمريكا على المدى الطويل، كما أنه يؤذي أيضا، بطرق أقل وضوحا، سلامة أمريكا على المدى القصير.
في الشهر الماضي، حذَّر أحد نواب مساعد وزير الخارجية، روبرت برادتك، من أن التعاون الأمريكي- الفرنسي في مجال تطبيق القانون والمشاركة الاستخباراتية قد يعاني بسبب معارضة فرنسا للحرب، سواء أكان برادتك يرسل تهديدا بذلك القول أو يذكر ببساطة بالنتائج المحتملة من البرود الحالي في العلاقة، فقد أبرز تعليقه ما تتضمنه السياسات الأمريكية التأديبية من سمة تدمير-ذاتي. إن التعاون الدولي، وبصفة خاصة التعاون الفرنسي الأمريكي، أمر حيوي في الحرب ضد الإرهاب. لقد جرى رسم خطط هجمات 11 سبتمبر ضد الولايات المتحدة في ألمانيا، وكشفت تلك الهجمات بشكل مخيف العلاقة بين وجود الإرهابيين في اوروبا وأمن أمريكا الداخلي.
منذ الهجمات، أدى التعاون في مجال تطبيق القانون عبر الأطلسي لخفض وجود الإرهابيين وتعزيز الأمن، يتبع هذا أن خفض التعاون سيجعل كلا من اوروبا والولايات المتحدة أكثر عرضة للإرهاب.
كان أحد أكثر الحجج الفرنسية أهمية وعقلانية ضد غزو العراق يتمثل في أن مثل هذا الغزو سيؤدي لزيادة الإرهاب وعدم حدوث هجمات حتى الآن لربما يكون قد أقنع بعض مسؤولي إدارة بوش بأن الغزو أخاف الإرهابيين والدول التي تسميها أمريكا بالمارقة على حد سواء، إن أية ثقة من هذا القبيل ستكون مجرد قصر نظر على أحسن تقدير.
صحيح إن ترحيب العراقيين بالقوات الأمريكية لم يساعد تنظيم القاعدة لإيجاد قضية مشتركة بين مؤيديه على امتداد العالم والشعب العراقي، غير أن هذا قد يعني فقط أن توفير الزخم المطلوب لإطلاق العمليات الإرهابية ربما يستغرق وقتا أطول.
على أية حال، هناك القليل من الشك في أن التدخل الذي قادته الولايات المتحدة في العراق قد أثار هياج المسلمين، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في اوروبا، حيث يوجد 15 مليون مسلم ، ثلثهم في فرنسا.
لدى فرنسا معرفة أكبر في التعامل مع الإرهاب مقارنة ربما بأي من شركاء الولايات المتحدة الغربيين الآخرين ، أكثر من ذلك، بخبرتها في محاربة الهجمات الإرهابية التي تشن ضد مدنها، غدت فرنسا أكثر الحكومات تيقظا وفاعلية في احباط مثل هذه العمليات الإرهابية، إن الولايات المتحدة تؤذي نفسها بوضوح بمعاقبة فرنسا، أو بالأحرى بتعريض التعاون في مجال تطبيق القانون والمشاركة الاستخباراتية للخطر.
في خلال الستينيات من القرن الماضي، شجب الرئيس شارل ديجول الحرب الأمريكية في فيتنام، وانسحب من القيادة الموحدة لحلف الناتو وقام بطرد القوات الأمريكية من فرنسا، لم تلق أي من هذه الخطوات ترحيبا من واشنطن، لكن الرئيس ليندون بي، جونسون، وهو طراز تكساسي مختلف عن الرئيس الحالي الموجود حاليا في البيت الأبيض، تبنى رد فعل عملي، كان قول جونسون لوزير دفاعه، روبرت مكنمارا، حسب ما روى ريتشارد بارنيت في كتابه الذي يحمل اسم (التحالف) هو: عندما يطلب منك أحد أن تغادر منزله ليس لك أن تجادل، ما عليك سوى أن تحمل قبعتك وترحل، تلت ذلك ثلاثة عقود من الشراكة الخشنة، وإن كانت بناءة عموما، بين فرنسا والولايات المتحدة. وهي شراكة تعتبر عنصرا هاما للوحدة الغربية والانتصار في الحرب الباردة.
الآن تتبنى فرنسا سياسة ذرائعية -وإن لم تكن نادمة- تجاه العراق ما بعد الحرب بالنسبة لعدة موضوعات، بما فيها تعليق العقوبات المفروضة من قبل الأمم المتحدة وإمكانية استخدام قوات الناتو لحفظ السلام، يوفر هذا الطرح فرصة لإعادة بناء المؤسسات الدولية والعلاقات عبر - الأطلسية التي أضيرت بشدة ولكنها ذات أهمية حيوية فيما يتعلق بالحرب ضد الإرهاب على المدى الطويل.

* متخصِّصان في مكافحة الإرهاب بالمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية بلندن - إنترناشيونال هيرالد تريبيون

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved