* بغداد - فيليب سماكر*
أشارت وثائق أمنية عراقية سرية للغاية تابعة للحرس الجمهوري العراقي الى أن العراق ظل يحتفظ بأسرى حرب كويتيين حتى عام 2000 أي بعد أكثر من خمس سنوات من إعلانه تسليم كل الأسرى الكويتيين الأحياء لديه إلى السلطات الكويتية من ناحيتها أعلنت اللجنة الوطنية الكويتية لشئون المفقودين وأسرى الحرب عن استيائها وقلقها بشأن هذه الوثائق السرية الجديدة التي حصلت عليها صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» من أحد كبار مسئولي نظام حكم الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين.
وقال عبد الحميد العطار المتحدث باسم اللجنة الوطنية الكويتية لشئون المفقودين وأسرى الحرب ان هذه الوثائق تؤكد أن الحكومة العراقية المخلوعة كانت تكذب فيما يتعلق بمصير أسرى الحرب الكويتيين لديها وأنه كان هناك أسرى أحياء حتى عام 2000.
يذكر أن ابن عبد الحميد العطار نفسه اختفى منذ الثالث عشر من سبتمبر عام1990 أي بعد عدة أسابيع قليلة من الاجتياح العراقي للكويت في أول أغسطس عام1990.
وتقدم هذه الوثائق التي حصلت عليها الجريدة الأمريكية إلى عائلات 605 مفقود كويتي منذ الغزو العراقي لبلادهم أول دليل ملموس على وجود عدد من هؤلاء المفقودين كأسرى حرب أحياء لدى السلطات العراقية حتى عام 2000.
وفي إحدى هذه الوثائق كتب أحد كبار الضباط في الحرس الجمهوري العراقي الخاص إلى قصي ابن الرئيس صدام حسين مذكرة يبلغه فيها أن أفراد الحرس تمكنوا من مصادرة فيلم تصوير من إحدى الكاميرات عندما كان أحد الحراس يصور عدداً غيرمحدد من الأسرى الكويتيين وهم يتجولون في الشمس.
وكانت هذه المذكرة بتوقيع العقيد شوقي عابد أحمد أحد ضباط الحرس الجمهوري العراقي.
وتقول المذكرة: علمنا من مصادرنا السرية في صفوف أفراد أمن الحرس الجمهوري بأن منصور فاضل زوين كان يقوم بتصوير مجموعة من الأسرى الكويتيين أثناء سيرهم في الشمس، ولكن أفراد الأمن تمكنوا من إفشال محاولة التصوير وصادروا الكاميرا التي كانت معه. وبعد هذا التاريخ بحوالي ثمانية أشهر أخرى تمت إضافة رسالة جديدة إلى هذاالملف بتوقيع الرائد عبد الرحمن عبد الله تتحدث عن واقعة مماثلة لتصوير الأسرى الكويتيين وإفشال المحاولة وإجراء التحقيق مع المتورط في المحاولة.
وكانت آخر وثيقة في الملف السري للغاية تعود إلى الثامن من أغسطس عام 2001.
وعلى الرغم من أن هوية منصور الزوين أو الرائد عبد الرحمن عبد الله غير معروفة فإن العقيد أحمد معروف تماما حيث كان أحد كبار فريق الأمن الرئاسي العراقي وينتمي إلى مدينة تكريت مسقط رأس صدام حسين.
ورغم ذلك فقد فشلت كل الجهود المبذولة للوصول إلى الرجل حتى الآن. ويقول الجيران المقربون من العقيد أحمد ان الرجل إما أنه اختفى في العراق أو فر إلى خارجها كما فعل أغلب كبار المسئولين في النظام المخلوع منذ دخول القوات الأمريكية بغداد.
في الوقت نفسه تجمعت عائلات ما بين ثلاثمائة وأربعمائة من المفقودين وأسرى الحرب الكويتيين في مقار الحكومة بالعاصمة الكويتية للاحتجاج على ضعف الجهود الحكومية في الكشف عن مصير أبناء هذه العائلات خاصة بعد انهيار نظام حكم الرئيس العراقي صدام حسين.
وطالب المتظاهرون الحكومة ببذل المزيد من الجهد لمساعدتهم في معرفة مصير أبنائهم المفقودين والأسرى أو فتح الحدود أمامهم للعبور إلى العراق والبحث بأنفسهم عن هؤلاء الأبناء.
وقال عبد الحميد العطار انهم أبلغوا أعضاء في البرلمان بضرورة السماح لأفراد الأسر التي لها مفقودون أو أسرى في العراق بالبحث عن ذويهم بأنفسهم ما دامت الحكومة عجزت عن توفير أي أخبار جديدة عنهم رغم انهيار نظام الحكم في العراق.
وأضاف انهم يشعرون بالغضب لأنه بعد مرور عدة أسابيع على «تحرير»العراق لم يساعدنا أحد ولكن سكرتير اللجنة الوطنية لشئون الأسرى والمفقودين عيسى الشملان يقول ان الحكومة ترفض السماح لأفراد عائلات الأسرى والمفقودين بعبور الحدود نحو العراق لآن الموقف مازال خطيرا داخل الأراضي العراقية.
وأضاف ان عائلات العديد من المفقودين مازالت مقتنعة بأن ذويهم مازالوا أحياء في السجون التي كان يحتجزهم فيها صدام حسين.
وأشار إلى أن الوثائق التي كشفت عنها صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية تبدو مهمة جدا لهذا السبب. وفي الوقت نفسه وصل وفد يمثل عائلات الأسرى والمفقودين الكويتيين وخبراء في الطب الشرعي لزيارة أحد المستشفيات النفسية في بغداد في إطار الجهود المبذولة للكشف عن مصير هؤلاء المفقودين.
ولم تكشف بصمات الأصابع التي تم الحصول عليها من المرضى عن دليل مهم ويقول العطار ان ولده جمال وقع في قبضة القوات العراقية أثناء احتلالها للكويت عندما كان يشارك مع مجموعة سرية في مقاومة الاحتلال العراقي لبلادهم. وأنه بعد سقوطه في قبضة العراقيين تم استدعاؤه هو وابنته إلى أحد أقسام الشرطة التي كان العراقيون يديرونها حيث جرى استجوابهما وأنهما تمكنا من رؤية جمال في غرف التحقيق والتعذيب بذلك القسم وذلك لآخر مرة قبل أن يختفي.
ويضيف ان جمال نادى عليه في ذلك الوقت ولكن الحراس العراقيين شعروا بالخوف وأخرجوا الأب وابنته خارج القسم بسرعة، وعندما عاد الكويتيون إلى بلادهم بعد إخراج القوات العراقية لم يعثر عبدالحميد العطار على أي أثر لابنه في أقسام الشرطة التي غادرها العراقيون.
وفي عام 1996 اعترف مسئولون عراقيون تحت ضغوط دولية مكثفة بأنهم أخذوا 126 كويتياً كأسرى حرب ولكنهم أكدوا أنه لم يعد هناك أي أسرى محتجزين لدى العراق.
وقد قال هؤلاء المسئولون ان جمال العطار كان أحد هؤلاء الذين تم القبض عليهم أثناء محاولته تفجير أحد مواقع القوات العراقية في الكويت.
ويقول الأب الحزين انه بعد أن سمع هذه الاتهامات بدأ يقينه في بقاء ولده حيا يتضاءل والحقيقة أن تسعين في المائة من عائلات المفقودين الكويتيين يعتقدون أن ذويهم لقوا مصرعهم حاليا ولكن الوثائق التي كشفت عنها الجريدة الأمريكية أنعشت الآمال من جديد في العثور على المزيد من الأحياء في صفوف المفقودين الكويتيين بالعراق.
ويقول العطار في تصريحات صحفية انه يريد محاكمة ضباط الجيش العراقي في قسم شرطة الكويت لأنهم رفضوا أن يتحدث إلى ابنه عندما رآه للمرة الأخيرة قبل أكثر من 12 عاما.
* خدمة كريستيان ساينس مونيتور - خاص بـ «الجزيرة»
|