Wednesday 7th may,2003 11178العدد الاربعاء 6 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أسلحة الدمار الشامل الأسلحة الجرثومية أسلحة الدمار الشامل الأسلحة الجرثومية
ماهر البسيوني حسين

تفجرت أزمة حرب العراق بزعم امتلاكها لأسلحة الدمار الشامل مما يهدد السلام والأمن العالميين وبخاصة أمريكا ودول الاستعمار القديم والجديد؟! وتفجرت بؤرة الصراع بهجوم دمار شامل في 11 سبتمبر 2001 دمر في لمح البصر مباني مركز التجارة العالمي بنيويورك وكاد يفعل الشيء ذاته في البنتاجون رمز الهيئة الأمريكية.. وظلت صور هذه التفجيرات المفزعة تهز الضمير العالمي في مواجهة الارهاب المدمر والقتل الجماعي للأبرياء!!.
وتفتحت أذهان العالم على هول الارهاب الذي يمكن ان يشن هجمة همجية ساحقة تزهق أرواح ملايين البشر مستخدما في ذلك مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة للدمار الشامل والتي من بينها: «1» الأسلحة النووية والاشعاعية. «2» الأسلحة الكيماوية. «3» الأسلحة الاحيائية «البيولوجية»، أو التي يطلق على جزء كبير منها اسم «الأسلحة الجرثومية».
فما هي الأسلحة الجرثومية؟
تتضمن الأسلحة البيولوجية استخدام أنواع معينة من الكائنات الحية أو منتجاتها في حرب الدمار الشامل بحيث يكون لها القدرة على قتل وإبادة أو اعاقة هائلة ومدمرة قياسا بأسلحة الدمار النووية والكيميائية وأيضاً أسلحة الحرب التقليدية الذكية والمتطورة. وتشمل الأسلحة البيولوجية أنواعاً من الحيوانات أو الحشرات أو النباتات أو الجراثيم.
وسنقصر الحديث هنا على الأسلحة الجرثومية أي التي تستخدم فيها الجراثيم Germs والتي تضم أجناساً وانواعا وسلالات من الأحياء الدقيقة Microorganisms والتي تسمى ميكروبات Microbes، وتستخدم هذه الجراثيم «الميكروبات» أو منتجاتها كأدوات في الحرب الجرثومية، وتعتبر الفيروسات Viruses هي أشهر وأقوى أسلحة الدمار الشامل الجرثومية في الوقت الراهن، وتحتل البكتيريا Bacteria المجموعة الثانية في الأهمية كأسلحة دمار شامل جرثومية يليها الأوليات Protozoa ثم الفطريات Fungi وأخيراً الديدان الطفيلية.
ومن أمثلة الفيروسات التي استخدمت في الحروب الجرثومية والتي يمكن ان تستخدم مستقبلاً: فيروس جدري الإنسان وجدري القرود وجدري الأرانب وفيروس حمى الوادي المتصدع الذي عملت به مناورات حية على الطبيعة في مصر عام 1977 ثم في بلدان افريقية أخرى على مدى أكثر من عشرين عاما، وأخيراً تفجر في اليمن والسعودية عام 2000م تزامنيا. ومن أشهر الفيروسات الحربية أيضاً فيروس الالتهاب المخي الخيلي الشرقي والغربي والفنزويلي.. وفيروس نقص المناعة البشري المسبب لمرض الايدز وفيروس ايبولا.. وفيروس متلازمة الالتهاب الرئوي هانتان وربما فيروس الالتهاب الرئوي القاتل الذي تفجر في جنوب شرقي آسيا وكثير من دول العالم في شهري مارس وابريل من العام الحالي 2003!!؟!! ولا يزال مستمراً.
أما أنواع البكتيريا التي استخدمت في الحروب الجرثومية ولازالت على الساحة فتضم: الكوليرا والطاعون وبروسيللا والجمرة الخبيثة «الانثراكس» والتيفوس وحمى كيو ونيولاريميا وسالمونيللا وشيجيللا وبكتيريا القولون النزفية وتراكوما وغيرها.. وغيرها كثير.
ومن أشهر أمثلة الأولويات «البرتوزدا»: الملاريا وتريبانو سوما وليشمانيا وجيارديا وكربتوسبوريديام!!.
أما الأمراض الفطرية فمنها كوكسيديو مايكوزيس وهنوبلازموزيس والسموم الفطرية القاتلة.
ومن أهم مميزات الأسلحة الجرثومية التي تتفرد بها وتتفوق في قدرتها التدميرية مقارنة بالأسلحة الاشعاعية «الذرية والنووية» والكيمياية:
1 ان الكائنات الممرضة يمكنها ان تتكاثر وتتزايد وتتضخم وتسبب مزيدا من العدوى «أو الموت أو الاعاقة» في عدد كبير من البشر.
2 لا تحتاج إلا إلى ساعات أو أيام قليلة «في الغالب» كي تظهر الأعراض المرضية.
3 رخيصة التكاليف ولا تتطلب نفقات عالية مقارنة بأنواع الأسلحة الأخرى.
4 كل المواد والأدوات اللازمة لتحضيرها متعددة الاستخدامات وذات تطبيقات في الصناعات الدوائية والغذائية ومواد التجميل والمبيدات!!.
5 يمكن نشر وتوزيع الأسلحة الجرثومية بوسائل ونظم متعددة ومرنة وسهلة.
6 يمكن تدميرها والتخلص منها أو تهريبها أو اخفاؤها بطرق متنوعة.
ومن الجدير بالذكر انه بسبب مقدرة الجراثيم على التكاثر، فإنه لا يلزم إلا كمية بسيطة للبدء في إنتاج تحضيرات ضخمة منها لا نهائية.. وإلى الأبد.. أما أسلحة الدمار الشامل الأخرى فتحتاج شراء كميات ضخمة من المواد الأصلية أو المستخدمة حتى تتحقق بها القدرة القتالية، ولهذا فإن التولد الذاتي للجراثيم يعطيها ميزة فائقة عن ما عداها!!.
الأسلحة الجرثومية تتطور:
لقد استخدمت الأسلحة الجرثومية منذ 300 سنة قبل الميلاد ولكن بشكلها الخام الطبيعي كعوامل مسببة للأمراض مثلما يحدث في الطبيعة أو كسموم، لكن الحرب العالمية الأولى «1814 1918» شهدت تطويرا لاستراتيجيات الحرب الجرثومية.. فقد استخدمت الكوليرا والطاعون في ايطاليا وروسيا كما يفترض استخدام الجمرة الخبيثة لإصابة الحيوانات في رومانيا.. مما أدى إلى ظهور اتفاقية «بروتوكول» جنيف لحظر استخدام أسلحة الدمار الشامل الكيميائية والبيولوجية والتي تم تجديدها عام 1972 باتفاقية دولية لحظر هذه الأسلحة الفتاكة خاصة بعد ان قامت عدة دول بتطويرها بشكل مذهل من حيث القوة التدميرية الرهيبة!!.
وقد شهدت سنوات 1980 مناقشات ومداولات وإجراءات أكثرها سرية للغاية لاستخدام الأسلحة الجرثومية كأسلحة استراتيجية وحيث زادت أعداد الجراثيم المستخدمة كأسلحة حربية بعد الحرب العالمية الثانية ليصل عددها نحو 25 نوعاً منها: الطاعون والتيفوس والجدري وتيولاريميا والغرغرينا الغازية، والتيتانوس، والكوليرا والجمرة الخبيثة وفيروسات الالتهاب المخي، وتراكمت خبرات جهنمية في تصنيع الأسلحة الجرثومية وتطويرها ومن بين هذه الخبرات التي أخذت في الاعتبار ما حدث لليابانيين عندما نشروا البراغيث المحملة بالطاعون من الطائرات على مدينة هاربين باقليم منشوديا في الصين وقاموا باحتلالها ومن ثم اصابهم الطاعون حيث لم يكونوا قد طوروا ضده لقاحاً أو علاجاً!!.
أما التجربة الثانية فهي استخدام بريطانيا جزيرة جرينارد لإجراء تجربة بالانتراكس على الأغنام وقامت باطلاق الجرثومة في قذائف على الجزيرة فماتت الأغنام وتلوثت الجزيرة منذ عام 1945 وحتى الآن وأصبحت مهجورة وكل من يقترب منها يكون مصيره الموت بالجمرة الخبيثة!!.
وفي السنوات الأخيرة قامت دول كثيرة بتطوير أسلحة الدمار الشامل بالرغم من الحظر الدولي عليها، بل واستحدثت جراثيم جديدة لم تكن موجودة من قبل وظهرت أمراض جديدة، بناء على ذلك، لم يسجلها التاريخ أو العلم كما لم يتسبب عنها أية أمراض من قبل!! ومن بين هذه الأمراض الجديدة الايدز وجنون الأغنام وجنون البقر وجنون البشر والحميات النزفية مثل ايبولا وفيروس هانتان التنفسي وربما اخيرا فيروس سارس «متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد القاسي» البيوتيكنولوجي تسابق الخيال العلمي.
لقد أدى استخدام البيوتيكنولوجي على مدى الثلاثين عاما الماضية إلى إحداث تغييرات كمية ونوعية دراماتيكية في صناعة الأسلحة الجرثومية فائقة القدرة التدميرية مما يجعلها أسلحة حاسمة سواء قبل المعارك الحربية أو أثناءها أو بعدها وربما يكتفي بها فقط لتدمر الهدف «العدو» وعن بعد ومن غير ان يشعر أحد بما جرى مثلما هو الحال في اختفاء صدام حسين وقيادة العراق في ظروف غامضة أثناء شن هجوم على مطار بغداد من قبل القوات الأمريكية.. شيء لا يصدقه عقل!! يفوق الخيال؟! وقد أدى استخدام هذه التقنيات الحديثة إلى:
1 تطوير الأسلحة الجرثومية بزيادة شراستها وقدرتها على الأمراض والقتل فضلاً عن ترسيخ تحملها وثباتها في الطبيعة من دون أن تفقد قدرتها على إحداث العدوى أو الأثر المدمر.
2 استخدام كافة الأساليب الفعالة لوصول الجراثيم إلى التجمعات البشرية والسكان والأفراد المستهدفين.
3 وقاية الأفراد والجماعات «والدول» التي تشن الحرب الجرثومية ضد الجراثيم المستخدمة ذاتها.
4 استخدام التغييرات الوراثية لتحوير الأحياء الدقيقة «الميكروبات» التي لا تسبب أمراضاً عادة إلى كائنات ممرضة أو قاتلة.. ويكون نتيجة هذا صعوبة الكشف عن الميكروب المستخدم كسلاح جرثومي لأنه في نظر أطباء وعلماء الدولة المعتدى عليها جراثيم عادية لا تسبب أمراضاً فتزداد الكارثة تفاقما ولات حين مناص فيستشري المرض.
5 تحوير استجابة الجهاز المناعي للأفراد المستهدفين لزيادة القابلية للإصابة بالميكروب أو خفض قدرته على الإصابة.
6 إنتاج وسائل للاستشعار لتتبع الميكروب بالتعرف على المواد الموجودة على سطحه أو مادته الوراثية.
ومن الوسائل التي تحقق هذه التقنيات:
1 استخدام المزارع الخلوية أو التخمر للإنتاج بكميات ضخمة ودقيقة.
2 عن طريق انتخاب الميكروب الأمثل.
3 تغليف أو احاطة الميكروب بمواد بيولوجية أو كيميائية واقية تساعد في نشره أو استخدامه على شكل مسحوق.
4 الهندسة الوراثية والتي تعمل العجب لتحويل الميكروب إلى أقصى درجات الشراسة والقتل والتخفي والتحمل والتمويه فضلاً عن مقدرته الفائقة لمقاومة الأدوية والمضادات وأيضاً خداع الجهاز المناعي أو تثبيطه؟!.
5 التحصين الايجابي أو السلبي ضد السلاح الجرثومي أو العلاج المناعي أو بتحوير قدرات الميكروب.
6 إنتاج أجسام وحيدة الفسيلة أي متخصصة جدا لدرء الميكروب عند اصابة الأفراد أو الجنود أو المواطنين، ولا يكون لدى الأعداء أي قدرة على إنتاج هذا الدواء المناعي لأنهم لا يعرفون سر تركيبه.
7 تطوير التقنيات اللازمة للتعرف السريع على الميكروب ومادته الوراثية.
دول السلاح الجرثومي:
على الرغم من ان نحو 40 دولة يقال انها لديها بعض الإمكانيات أو مزيد من الإمكانيات لأسلحة الدمار الشامل الجرثومية إلا أن أمريكا وهي القوة الأعظم علميا وتكنولوجيا تمتلك أعلى الإمكانيات في هذا الشأن تليها بريطانيا فروسيا ففرنسا وألمانيا وكندا والصين واستراليا وإسرائيل، ويأتي ذكر بعض الدول العربية مثل مصر وليبيا وسوريا والعراق وكلها جميعا محدودة الإمكانيات ولا تعدو أن تكون عينات من بعض التجارب العملية لعلم الميكروبيولوجي التي تجرى في مختبرات المدارس الثانوية أو الجامعات أو شيء من قبيل الزينة وإن كانت بعض الدول النامية تمتلك سلاحاً جرثومياً فيكون ذلك عن طريق استيراده من دولة أخرى ويكون عديم الجدوى وعفا عليه الزمن أو مضت مدة صلاحيته أو انهم لا يعرفون طريقة استخدامه ويكون تأثيره مثل العصا والبندقية مقارنة بالقنابل العنقودية والذكية!! لقد أثبتت الحروب ان الأسلحة الجرثومية وغيرها لا تباع.. ولا تشترى إلا للاستهلاك المحلي!!.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved