هل غاب عنك (الورى) والأهل والشيم
وهل تناهت لك (الويلات) والحطم!
وهل جفا الأهل والجيران موطنهم
الا ليفتك فيها (الذل) (والهرم)!!
تموت إثر شتات (ماحق) مثلت
فيه (المآسي) تدور وهي تنتقم!!
شاخت قواهم فما تنفك ذا خور
يسري بها الموت لا أيد ولا قدم!!
تملك الشلل (العاثي) أناملهم
فجاءت فيهم عرى الأخوان تنفصم!
فما ترجى حراكاً في سواعدهم
ولا انتماء دعاه الجار والرحم!!
سيان إن دنس الغازون موطنهم
أو استباحوا حماهم وهو يقتحم!
(بغدان) يا قمة الدنيا ورايتها
ترف نصراً مبيناً بيته (الشمم)!!
يا قلعة المجد والأيام شاهدة
عصر الرشيد وجيش الفتح يلتحم!
يا هالة (الفجر) في لأ لاء غرته
فجر على الحق في ليلاه والعلم!!
كأنها راية التوحيد يزجرها
نفح من الخلد يحيا يومه الكرم!!
يا موطن (الفخر) في دنياك ملحمة
تخط أسطورة التاريخ ترتسم!!
قضت على ضفتيك العاديات لظى
يمور في لجه (النيران) والحمم!!
يذيقها المارد الجبار كأس قذى
زعافة الموت تعلو ساحة الرَّمَم!!
طغاة كفر قوى العدوان تدفعهم
غزاة سلب لهم في السطو مغتنم!
جاءوا (مغولا) (تتاراً) في مطامعهم
(روما) (برابرة) تمنى بها القيم!
سود (النوايا) لهم في كل بادرة
خواطرٌ فتن كالنار تضطرم!
تدور في حلقات البطش مفرغة
لا تستقيم بها الأعراف والنظم!
جرح يسيل وأوطان ممزقة
تغزو مرابعها (الويلات) والنقم!!
مطامع ما لها في الكون من نفق
يضيء أو مسلك تحيا به الأمم!
جاءوا على كف أهواء يدور بها
هوج الرياح بها عادٍ ومقتحم!!
ضجت لها (كربلاء) الأمس في صخب
حول الحسين نماه الشرك والصنم!!
الله أكبر يا طغيان أي صدى
هذا الذي يفتريه الزيف والقزم!
بغداد يا أمة يعلو مطالعها
فجر به القرب والأبعاد تلتئم
يا سالف العهد موصول روابطه
عبر السنين له الأيام تحتكم!!
ما كنت إلا ندى للكون تمنحه
للمثقلين بهم دهره الألم!
يحيا بها الكون في سوداء محنته
صبحاً أغر أهداه السيف والقلم!!
تحميه صولة أبطال طلائعها
فيالق النصر تشفي من به سقم!
تدك عدوانهم كيما تمزقهم
شراذم ما لها حِلٌّ ولا حرم!!
(بغداد) يا حاضر الدنيا وسابقها
يا صفحة الأمس فتح زانه الحلم!!
تخرُ من حولها الدنيا ملبيةٌ
في ساحتها فلول الكفر تنهزم!
الله أكبر كم كنا غطارفة
اشاوس يرتهبها الظلم والظلم!!
ماذا ألمَّ بأرض (الرافدين) شقا
يحل أم لعنة نادى لها العدم؟!
وأي جرم لدار العلم يحرقها
في المبكيات دخيل مجرم أثم!!
ماذا جرى لشعوب في مواطنها
يموت (صبرا) بها (حبر) وملتزم!
هو (العراق) كريم في روافده
له الجراح كلوم ليس تلتئم!
تهب في دعوة الداعي طلائعه
تدور في حومة (الساحات) تزدحم!
فلملمي الجرح (يا بغداد) في زمن
تسيل فيها جراح كلها كَلَمُ!!
فما شكوت وما تبكين من شجن
وأنت (طود) وأنت (البر) (والقسم)!!
هبت رياحك في الدنيا موردة
يحيا بها (العهد) والتاريخ والذمم!!
فصابري إن في الضراء مكرمة
حيناً تجيء بها الأفراح والحكم!!
ورب سوداء قد ألقت بكلكلها
تعود صبحا جناه الغيث والديم!!