«5»
نجد في تعليق الدكتور شكري فيصل على كلام الاستاذ العميد، في مقدمته لكتاب الأستاذ ابراهيم مصطفى «إحياء النحو»، وقد وصف الدكتور شكري حديث الأستاذ العميد بأنه - مراوحة-، بين الكاتب وكاتبه، غير أن صاحبنا أخذ يتراجع أعني الدكتور شكري، فأعلن أنه أخطأ التعبير، فلم يكن حديث الأستاذ العميد -المراوحة المعتدلة-، بل سماها -المشاركة التي يطغى فيها الحديث عن صاحب الكتاب نفسه، فأنت لا تجد من الحديث عن فكرة الكتاب ألا أقل الحديث وأوجزه-.
- يريد أن يقول الدكتور شكري فيصل، إن العميد، قد همّش الحديث عن الكتاب، ليصل إلى مؤلفه.. ومرد ذلك عندي، إعجاب طه حسين بالأستاذ ابراهيم مصطفى وحبه له، وأنا أجد الأستاذ العميد إذا تحدث عن النحو ومدارسه، يشيد بصاحبه وفهمه للنحو ودوره في درسه عنه.. لكننا نجد أن أكثر المؤلفين عن النحو، لايسعون إلى تذليله وتبسيطه، ولعلهم «يردون تفكير النحويين إلى تفكير الفلاسفة والمتكلمين من المسلمين.. ويردون تصور النحو وتقصيره إلى علته الطبيعية، وهي أن النحويين قد فلسفوا النحو فقصروا به عن أن يذوق جمال العربية ويصور ذوقها كما ينبغي أن يصوره»!
- ولعل ما أشار إليه العميد، من فلسفة النحو وتعقيده، إلى الحال التي طالما سمعناها عبر نصف قرن بالدعوة إلى تيسير النحو، لكن أحداً لم يستطع أن يصنع شيئا يذلل هذه الفلسفة، ولعل مرد ذلك، أن ثمة استحالة لتحقيق هذه الآمال، وأن النحو العربي لا يمكن الا أن يكون كما أريد له: فلسفة من الفلسفة، وأن التعقيد الذي فيه، لاسبيل إلى تيسيره ولا إلى تذليله، لأنه وجد هكذا، وينبغي أن يبقى كما هو، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها..!
- وهكذا نجد هذه الصعوبة في درس النحو أو هذه العلة التي عقدت النحو وكرهت كثيراً من الطلاب فيه إلى حد البغض، ولا سبيل إلى شيء من التقريب والتيسير، لأنه ربما كان مستحيلا، وما أثير من ضجة عبر عقود، فهي صرخة في واد، لأن النحو معقد منذ إنشائه، على يد أبي الأسود الدؤلي، من عهد أمير المؤمنين أبي الحسن والحسين رضي الله عنهم.. وربما مما يزيد صعوبة فهم النحو، أن شرائح من مدرسيه، ليسوا أهلا لذلك، من رجال ونساء، فقد أساؤوا إلى أنفهسم في دخولهم هذا المعترك، وهم ليسوا أهلا له، والنتائج والضحايا، هم الطلبة والطالبات..!
- ونحن لا نفتأ ننادي من غيرتنا على لغتنا التي أحببناها، أن على وزارة التربية والتعليم، إذا كانت تغار على هذه اللغة الغالية الجميلة، ألا تسند درسها إلا إلى متقنها من رجال ونساء، وإلا فإنها تجني على اللغة ومتلقيها، وهي المسؤولة عن الإخفاق فيها والفشل الذريع..! إنها مسؤولية عظيمة التفريط في لغة الكتاب العزيز والسنة المطهرة، وإلى الله ترجع الأمور.
|