نفض ثوبه إمعاناً في التَّأكد من نظافته حتى من الهبوب،
وحين همَّ بالجِّلوس.. تأكَّد من أنَّ المقعد في كامل لمعانه وإشراقته... وحين مدَّ يده ليصافح نظر في كفِّ الآخر إمعاناً في أن تبقى يده نظيفة...
حذاؤه ينمُّ عن أناقة فائقة، إذ ينطق بالنَّظافة...
يتحرَّك وكلُّ ما فيه يصرخ بلون من ألوان النَّظافة...
حتى إنَّ الأرض التي يمشي فوقها لا تشعر بحركته السَّريعة لأنَّه يلتقط قدمه التقاطاً كي لا يعلق به شيء من التُّراب أو البقايا.
حتى حين يبتسم كأنَّ أسنانه صفٌّّ من حبَّات اللؤلؤ...
هذا النَّظيف وجه جميل من أوجه الحياة...
ذات لحظة...
فتح أحدهم الباب عليه وهو في اجتماع بمكتبه الصَّقيل الذي تفوح منه روائح عطرية تؤكَّد نظافة هذا الرَّجل...
دخل رجل عليه سيماء الرَّهق والوهن والألم والحزن...
وبمجرد أن رآه...
انتفض كمن مسَّه لمس من جنون...
وقف...
صاح وشتم...، زبد وأرعد... تفوَّه بألفاظ صكَّت أسماع الجَّالسين...
مدَّ يده وبأطراف أصابعه أمسك بتلابيب الكسير الأليم الحزين الذي لم يزد عن عبارة واحدة: كنت أعرفك جيِّداً ثم زاد: لست نظيفاً كما تبدو...
غادر.. «المسكين» الباب بعد أن زجَّه بعنوة وعاد لمقعده الوثير النَّظيف، وهو ينفض أطراف أصابعه ممَّا يتخيَّل أنَّه علق بها من ملابس الآخر...
بينما تبادل الجَّميع من حوله النَّظرات...
كان ثمَّة أسئلة تدور في الأذهان؟
أين نظافة الدَّاخل؟! كيف لا تكون؟ لماذا لا تكون؟
و...
متى؟؟؟.
تكون...
|