جرت أولى انتخابات محلية في العراق في ظل الاحتلال الأمريكي البريطاني، حيث شهدتها أمس محافظة الموصل ثالث اكبر محافظة بالعراق بعد بغداد والبصروانتخابات الموصل ورغم أنها جرت تحت أسنة الاحتلال، وتحت إشراف الضباط الامريكيين وهم الذين فرزوا الاصوات الا انه يمكن اعتبارها «نموذج» للانتخابات القادمة، وما يمكن ان تكون عليه الحالة السياسية والادارية في العراق، فالموصل بما تضمه من تكوينات عرقية ومذهبية ودينية نموذج للعراق سواء عراق ما قبل الجمهورية في وقت الملكية وفي زمن الجمهورية وما بعد الاحتلال فالموصل المحافظة يتواجد فيها العرب والاكراد فالمدينة للعرب فيها اكثرية واغلبية وفي القرى تواجد كبير للاكراد وما بين القوميتين هناك تواجد للمسيحيين الآشوريين والتركمان، وطائفة اليزيدية، ولذلك فان الانتخابات ونتيجتها، ونجاح تجربتها على المدى القصير والمتوسط، تعطي مؤشراً على ما سيكون عليه عراق المستقبل، والامريكيون يعتبرون تجربة الانتخابات بأنها النموذج الذي سيسيرن عليه خاصة اذا ما نجحت التجربة فالموصل المحافظة تضم كل الاطياف السياسية العراقية والشرائح الاجتماعية والفرق الدينية والطائفية والعرقية، سوى انها لا تضم شيعة، ولذلك فقد جرى انتخاب مجلسها البلدي المكون من اربعة وعشرين عضواً، انتخبوا بدورهم رئيساً للبلدية.
انجلت وبصورة واضحة الخريطة السياسية والمذهبية والعرقية، إذ تشكل المجلس من سبعة من العرب وثلاثة اكراد واثنين من المسيحيين الآشوريين واثنين من لواءات الجيش العراقي السابقين وعضو من الشبك وتركماني من داخل مدينة الموصل، ومن خارج المدينة من عموم المحافظة ستة عرب، ويزيدي ومسيحي.
المهم في الانتخابات انها تمت بسلاسة ووفق ما اراد لها الجنرال الحاكم الامريكي لمحافظة الموصل وبعد اختيار اعضاء المجلس البلدي جرى انتخاب محافظ الموصل «المؤقت» حيث تقدم ثلاثة مرشحين جميعهم من اهل الموصل المعروفين من العرب السنة، وايضاً كشفوا عن «صورة» العراق الآن والاطياف السياسية التي ستتحمل مسئولية ادارته فالمرشحون اولهم اللواء غنام الباصو، وهو لواء سابق أحيل للتقاعد في زمن صدام حسين، بعد ان قتلت مخابرات صدام شقيقه، وكعادة النظام السابق بطرد اي عضو في عائلة يغضب على أحد أبنائها صدام طرد غانم الباصو لتكون هذه «الميزة» التي رجحت كفته ليصبح اول محافظ ينتخب في العراق.
أما منافسوه وهم الطبيب حذيفة البواتشي وهو طبيب كان يقيم خارج العراق ومن المعارضين في الخارج، والثالث لواء الشرطة طارق المتعب والذي كان يحظى بدعم احدى التشكيلات السياسية المدعومة من زعيم سياسي عربي متحالف مع مسعود البرزاني.
هؤلاء الثلاثة جسدوا الخريطة السياسية في العراق، وهم القادة العسكريون المستقلون والذين تركوا الجيش او طردوا منه في زمن صدام حسين، والفئة الثانية الساسة القادمون من الخارج، والفئة الثالثة السياسيون من الداخل المتحالفون مع الاحزاب السياسية الجديدة.
وبهذا تكون تجربة انتخابات الموصل صورة لما ستكون عليه ديمقراطية العراق القادمة.
|