Monday 5th may,2003 11176العدد الأثنين 4 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مستعجل مستعجل
القراءة الصحيحة.. والقراءة الخاطئة..!
عبدالرحمن بن سعد السماري

كثيرا ما نقرأ أو نسمع عن شيء اسمه «قراءة» ما حولك.. أو «قراءة» الأحداث.. أو قراءة كل ما يحتاج إلى قراءة.. وهي لا شك .. شيء مهم للغاية.. وجانب يترتب عليه أشياء كثيرة..
** يقولون.. صدام حسين.. سقط هذا السقوط المدوّي.. لأنه أساء قراءة الأحداث حوله.. ولأن قراءة صدام حسين.. كلها خاطئة لكل ما حولها.. فقد مُنِيَ بهزائم وخسائر ونكبات.. وقاد الشعب العراقي إلى كوارث ومصائب متلاحقة.. حتى انكوى بها شخصياً.. وانكوت معه زمرته التي ساعدته على هذه القراءة الخاطئة.
** وعندما أعلنت أمريكا حربها على العراق وقالت: إننا سنبدأ. قال الناس أو بعضهم: إن أمريكا هذه المرة قرأت الأحداث والمعطيات والحالة العراقية قراءة خاطئة.. وإن جنودها هناك.. سيموتون.. وإن العراق منزلق خطير.. ومستنقع لن تقدر أمريكا على الخلاص منه والهروب قبل أن تفقد أكثر من مائتي ألف جندي.. وأجمع الكثير من المراقبين والسياسيين على أن أمريكا هذه المرة.. وقعت وقوعاً مدوياً مشيناً.. وأن حساباتها كانت خاطئة.. وأن مخابراتها فاشلة.. وأن أمريكا خُدعت من جانبين أو أكثر.
** الجانب الأول.. المعارضة العراقية التي صورت لها أن الطريق سهل للغاية.. وأن العراقيين سيقابلون الأمريكان بالورود.
** والجانب الآخر.. هي المخابرات الأمريكية التي أساءت تقدير العواقب.. وفشلت في توفير معلومات دقيقة عن الوضع داخل العراق.. وبالتالي.. فإن الأمريكيين سيموتون هناك موت النعاج.. ثم سيعودون خاسئين فاشلين مهزومين مخذولين.
** نحن بالطبع.. صدقنا كل ذلك.. ورددنا مع هؤلاء: «غلطة الشاطر بعشرة» ونسينا أن كل العراقيين بدون استثناء.. سواء المطردوين أو الهاربين من العراق وعددهم يجاوز الخمسة ملايين.. أو المسجونين داخل العراق وعددهم «25» مليوناً كلهم يكرهون صدام حسين كرهاً شديداً.. ونسينا أيضاً.. أن صدام حسين.. لم يترك بيتاً في العراق دون أن يطوله أذاه.
** ونسينا.. أن صدام حسين.. حوَّل بلداً من أغنى بلدان العالم بالثروات.. حوَّله إلى بلد فقير متخلف لا يعرف أي شيء سوى «الحزب» وبالتالي.. عندما سقطت بغداد.. ذلك السقوط المريع.. تساءل الجميع.. أين الحرس الجمهوري؟ أين القوات العراقية؟ أين العشرة آلاف دبابة والعشرة آلاف مدفعية.. والعشرون ألف صاروخ؟
** أين الطائرات والقاذفات.. وأين الأشاوس.. وأين «الماجدات؟!!».
** أين جيش صدام وفدائيو صدام؟ وأين مليشيا حزب البعث.. وأين الجيش الشعبي؟!!
** الأمريكيون وجدوا الطريق سالكاً أو شبه سالك.. وكان الواقع يقول.. إن الأمريكيين قرأوا الأحداث والمعطيات أمامهم.. قراءة صحيحة.. وصدام.. قرأها قراءة خاطئة.
** والقراءة الخاطئة.. دوماً تقود إلى كوارث ومصائب.. ودوماً تدخل صاحبها في دوامة عنيفة قبل أن تنهيه وتفتك به.. وكذلك الكثير من الحكومات الدكتاتورية.. والحكام المتسلطين سقطوا لأنهم قرأوا الشارع قراءة خاطئة.. أو نُقل لهم إيقاع الشارع بطريقة مغلوطة.. أو أنهم.. لا يريدون فهم متطلبات الشارع.. ولا يريدون الاستجابة لصوته.. ويظنون أن ذلك.. خضوع وخنوع وتنازل.. متناسين أنهم أصلاً.. يحكمون هذا الشارع.
** أين نقولا شاوسكو ديكتاتور رومانيا.. وأين موبوتو.. وأين الجلادون والجزارون ومن سحقوا الشعوب وحاولوا إسكاتها؟
** لقد ذهبوا كلهم إلى مزبلة التاريخ.. وبقيت الشعوب.
** إن قراءة الواقع قراءة صحيحة.. متطلب مهم.. ليس على صعيد السياسة فقط.. بل حتى على الصعيد الشخصي.. فقبل أن تقدم على أي مشروع.. لابد أن تقرأه قراءة صحيحة وإلا.. خسرت خسارة محققة.. ومن هنا.. جاءت الدراسات الاقتصادية التي تسبق أي مشروع اقتصادي.. وهكذا الدراسات الاستراتيجية والاجتماعية والنفسية وهكذا.
** أمريكا.. أقوى دولة في العالم بدون منافس اليوم.. ولا يمكن أن تقدم على أي خطوة مهما كانت.. دون أن يباركها الشارع الأمريكي.. ودون أن تهيئ هذا الشارع لها أشهراً.. حتى يستجيب ويتفهم.. ثم تقوم أمريكا بدعم الشارع.
** الشارع العربي.. يشاور عادة بالدبابات والمجنزرات والسجون والمقابر الجماعية والاغتيالات والسحل.. ولهذا.. فإن إسرائيل بخمسة ملايين فقط.. أسكتت ثلاثمائة مليون عربي.
** لا تقولوا لي.. إن إسرائيل دولة ديكاتورية لا تعرف الديمقراطية والحرية حتى لا أقول لكم.. إنكم قرأتم إسرائيل خطأ.. وهذا سر الفرق بينكم وبين إسرائيل.
** كم تنفق إسرائيل على البحث العلمي؟ وكم ينفق العرب عليه.. إن كان هناك أصلاً.. بحث علمي عربي؟
** والفرق.. أن ديمقراطية إسرائيل وصوت الشارع وصوت المواطن.. أرغمت الدولة على الإنفاق على البحث العلمي.. فصارت دولة نووية عظمى.. وبقي العرب يتشاجرون حول تحديد النسل.
** والفرق.. أن المواطن الإسرائيلي.. له صوته.. والمواطن العربي.. له المعتقل والزنزانة.
** النموذج العراقي الرديء.. هو الذي أسقط العراق هكذا.. وجعلها نهباً للأمريكان والبريطانيين.. يقاولون على بترولها ومشاريعها.. ويتصرفون فيها كما لو أنها جزء من تكساس أو من «ويلز».
** والعراقيون لاهون في «الجلبي» و«باقر» و«الزبيدي» و«البرزاني» و«طلباني» والعلم.. عند «قارنر» فقط.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved