Monday 5th may,2003 11176العدد الأثنين 4 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في مرحلة البحث عن بدائل لموازنة الدور الأمريكي في مرحلة البحث عن بدائل لموازنة الدور الأمريكي
هل يمكن الاعتماد على الدور الياباني في منطقة الشرق الأوسط ؟

* القاهرة - مكتب الجزيرة على البلهاسي - صابر حمد:
أكدت دراسة أكاديمية حديثه على أن الفترة القادمة ستشهد تعاظما لدور اليابان العالمي وسيكون اكثر نشاطا وتزامنا مع التطورات الهامة التي شهدتها منطقة الشرق الاوسط مؤخرا. وقالت الدراسة التي نال بها الباحث بدر أحمد عبد العاطي درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة وهي بعنوان «أثر التحولات العالمية على سياسة اليابان تجاه عملية السلام العربية الإسرائيلية في الفترة ما بين أواخر الثمانينات ونهاية التسعينات» ان هناك فرصا وامكانيات كبيرة لصانع القرار العربي في الاستفادة من الدور الياباني سواء في رسم السياسات أو تحديد البدائل وفقا لتقديرات صحيحة. استعرضت الدراسة السياسة الخارجية اليابانيه ازاء تعاملها مع قضية الصراع العربي الإسرائيلي ومحاولاتها خلال الفترة بين عامي 1973 و 1990 لتهدئه الصراع خوفا من ان يؤدي استمراره إلى تهديد امدادات النفط إليها وأشار الباحث إلى أزمة النفط الاولى عام 1973 والتي كانت حسب وصفه بمثابة نقطة تحول رئيسية في سياسة اليابان تجاه منطقة الشرق الاوسط حيث بدأت اليابان تهتم بالمنطقة من خلال كثافة الاتصالات والزيارات وتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية معها.
وقد اعتمدت اليابان في سعيها لتعميق تواجدها المادي في المنطقة على عدة وسائل وادوات منها توسيع العلاقات السياسية والدبلوماسية مع دول المنطقة من خلال فتح سفارات يابانية في غالبية هذه الدول وقيام المسئولين اليابانيين بتكثيف زياراتهم لدول الشرق الاوسط وتعميق التعاون الاقتصادي مع هذه الدول من خلال تقديم برامج مساعدات تنموية كبيرة وتوجيه بعض الاستثمارات اليابانية لقطاعات النفط والبنية التحتية في الشرق الاوسط وزيادة التبادل التجاري بين اليابان ودول المنطقة فضلا عن تنشيط الروابط الثقافية والعلمية بين الجانبين.
اما من حيث مضمون السياسة اليابانية تجاه قضايا الصراع العربي الإسرائيلي فقد اتسمت خلال فترة ما قبل ازمة النفط الاولى بتأثير المواقف الأمريكية والإسرائيلية بشكل كامل في مواجهة المواقف العربية ولكن بعد حرب اكتوبر 1973 واستخدام الدول العربية ومنظمة الأوبك النفط كأداة ضغط ومساومة في مواجهة الدول الغربية واليابان الداعمة للسياسات الإسرائيلية اتجهت اليابان إلى إحداث تحول جذري في سياساتها تجاه الصراع العربي الإسرائيلي من خلال تأييد المطالب العربية والفلسطينية المشروعه على عكس المطالب الأمريكية، وأصدرت الحكومة بيان نيكايدو الشهير في نوفمبر 1973 الذي تضمن اسس السياسة اليابانية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي رغم مطالبة الولايات المتحدة لليابان بعدم اتخاذ هذه الخطوة خاصة فيما يتعلق بالاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلطسيني وحقه في اقامة دولته المستقلة ومطالبة إسرائيل بالانسحاب من جميع الاراضي التي احتلتها عام 1976 كما حرصت اليابان على عدم الانفتاح على إسرائيل حتى منتصف الثمانيات خوفا من إغضاب الدول العربية. غير أنه مع منتصف الثمانينات تحولت السياسة اليابانية تجاه قضايا الصراع العربي الإسرائيلي مرة أخرى من خلال العمل على الاقتراب من توجيهات السياسة الأمريكية تجاه قضايا الصراع والانفتاح المتزايد في العلاقات مع إسرائيل وهو ما يمكن تفسيره بتحولات داخلية واقليمية ودولية جعلت اليابان تحرص بشكل عام على توثيق علاقاتها بالولايات المتحدة وتقديم تنازلات في قضايا سياسية دولية منها الصراع العربي الإسرائيلي خاصة مع تزايد النزعه المعادية لليابان داخل الولايات المتحدة بسبب مشكلة الفائض التجاري بين البلدين يضاف إلى ذلك تراجع اهمية النفط بالنسبة لليابان مع قيامها بتنويع مصادر الطاقة وحدوث تشبع في سوق النفط العالمي.
الانفتاح على المنطقة ويشير الباحث في دراسته إلى ان اليابان وجدت في عملية السلام العربية الإسرائيلية التي بدأت بانعقاد مؤتمر مدريد عام 1991 فرصة مواتية لممارسة دور سياسي في هذه العملية يرتكز على عدة محاور من ابرزها طلب المشاركة في مؤتمر مدريد، ونظرا لرفض الجانب الإسرائيلي وعدم استحسان الجانب الأمريكي لهذا الطلب الذي جاء متأخرا اتجهت اليابان للمشاركة في المباحثات متعددة الاطراف التي بدأت في مؤتمر موسكو عام 1992 حيث تولت اليابان رئاسة مجموعة البيئه وهي احدى مجموعات العمل الخمس التي انبثقت عن المسار المتعدد الاطراف واستطاعت اليابان تحقيق عدة انجازات في المجموعة من ابرزها اتفاق اطراف التفاوض على مدونة سلوك تتعلق بالتعاون الاقليمي في مجال البيئه كما شاركت في مجموعات التنمية الاقتصادية الاقليمية والمياه واللاجئين والحد من التسلح، حيث اسهمت اليابان في اقامة عدد من المؤسسات الاقليمية الهامه كالبنك الاقليمي للشرق الاوسط وشمال افريقيا ومؤسسة السياحة والسفر للشرق الاوسط والبحر المتوسط ومركز بحوث تحلية المياه في الشرق الاوسط ومقره مسقط.
ومع جمود المسار المتعدد الاطراف سعت اليابان لمحاولة القيام بممارسة دور في المسار السياسي لعملية السلام العربية الإسرائيلية من خلال المشاركة في قوات الامم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل «الاندوف» وطرح مبادرة النقاط الاربع لتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان واستقبالها للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عدة مرات خلال عقد التسعينات وزيارة عدد من المسئولين اليابانيين للدول الاطراف في عملية السلام العربية الإسرائيلية فضلا عن مساهماتها الاقتصادية في دعم السلطة الفلسطيينة حيث قدمت حوالي 630 مليون دولار كمساعدات لها في الفترة ما بين عامي 1994 وحتى عام 2001. واستمر مضمون السياسة اليابانيه تجاه قضايا المفاوضات العربية الإسرائيليه ثابتا طوال الفترة الممتدة من عام 1973 وحتى عام 1993 الذي تم فيه توقيع اعلان المبادئ السياسية حيث اصبحت تركز فقط على تأييد مرجعيات عملية السلام في مدريد واتفاقيات المبادئ التي تضمنها اتفاق اوسلو وتشمل القرارين 242 و 338 ومبدأ الارض مقابل السلام دون التطرق لإعلان مواقفها تجاه قضايا التسوية النهائية كالقدس والمستوطنات واللاجئين وخطوط الانسحاب باعتبار انها قضايا مؤجله وسيتم الاتفاق بشأنها بين أطراف عملية التفاوض وقد ازداد تحفظ السياسة اليابانية على هذه القضايا بتجاهلها الاعلان عن مواقف محددة وقاطعة ازاءها كما حرصت اليابان على تقليص مساعداتها الاقتصادية للفلسطينيين بعد اندلاع انتفاضة الاقصى في سبتمبر 2000 وربط استئنافها بتوقف اعمال العنف الامر الذي مثل تغيرا في مضمون السياسة اليابانية تجاه عملية السلام العربية - الإسرائيلية في نهاية عقد التسعينات.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved