تظل الحالة العربية، رغم مظاهر التشتت، تحتفظ ببعض الثوابت وتحافظ على الحد الأدنى من التماسك، وبهذا الشأن فإن القضية الفلسطينية تمثل بثوابتها حالة من الاجماع العربي تحرص الدول العربية من أجل تمتينه بأمل الوصول إلى تحقيق التسوية العادلة وهو ما سينعكس إيجابياً على كامل الحالة العربية.
وفي المقابل فإن الانتقاص من حجم وقيمة العناصر التي من شأنها تقوية الوضع العربي في تعاطيه مع الشأن الفلسطيني سيحدث هزة سلبية في وضع القضية تسري موجاتها إلى كامل الصف العربي..
وتنظر دولة مثل الولايات المتحدة إلى المنطقة عبر المنظار الاسرائيلي، وعندما يتعامل وزير الخارجية الأمريكي مع الدول العربية وبالتحديد مع سوريا التي زارها أمس، فإن المطالب الأمريكية تحاول القفز على الحقائق والثوابت العربية من خلال الطلب من دمشق أن تتماثل سياساتها مع الرؤية الأمريكية للشرق الأوسط بكل ما في هذه الرؤية الأمريكية من ملامح إسرائيلية.
إن الضغوط الأمريكية من خلال وصم هذه الدولة أو تلك بالإرهاب لن تفلح في تغيير المواقف التي تعتبرها الدول العربية من الثوابت.
فقد أثبتت سوريا أنها تسعى إلى السلام، وهي تؤكد دائماً التزامها بهذا الصدد، غير أن الالتزام بالسلام لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي عن المواقف الوطنية والسيادية من أجل إبعاد تهمة الارهاب أو لمجرد الانسجام مع الرؤى الأمريكية تجاه الوضع في المنطقة..
لقد بات العالم أجمع يعرف أن اسرائيل هي المعوق الأساسي والرئيسي للتسوية الشاملة والعادلة.. ولهذا فإن الضغوط ينبغي أن تتجه إلى اسرائيل وليس إلى سوريا..
ومع استحالة مثل هذا التوجه من قِبل واشنطن فإن محاولتها بدلاً عن ذلك الضغط على الدول الراغبة في السلام تعتبر عملاً غير مجدٍ ، لأن السلام لا يمكن أن يتحقق من طرف واحد.
فإسرائيل هي التي تحتل الجولان وأجزاء من لبنان فضلاً عن الأراضي الفلسطينية، وهي التي تعتدي يومياً وتقيم المستعمرات ومع ذلك فإن اسرائيل تطالب بحل كل هذه الأجهزة والمنظمات التي تحاربها بغرض تجريد العرب من كل أسلحة وأوراق الضغط.
أما إصرار الولايات المتحدة على تنفيذ الأجندةالإسرائيلية وبهذه الطريقة القسرية، وفي ظل وجودها العسكري المتعاظم الذي لا تفتأ تلوّح به فهو يعني إمكانية دفع المنطقة إلى مواجهة جديدة طالما أن التحرك الأمريكي يتجاوز القرارات الدولية التي تطالب اسرائيل بالانسحاب كما تطالب بعودة اللاجئين.
|