* القاهرة أ ش أ أمير نبيل:
اعتبر عدد من المحللين المصريين في مجال تكنولوجيا المعلومات أن التصور الأمريكي لإعادة اعمار العراق ينبع من حالة الركود الاقتصادي الذي تضررت منه الشركات التكنولوجية الأمريكية العملاقة خلال المرحلة السابقة والتي أصبحت تسعى الى تصريف منتجاتها تحت مسمى إعادة إعمار العراق.ويرى هؤلاء المحللون أن التكنولوجيا الأمريكية الحديثة كما استخدمت خلال الحرب على العراق وكانت بمثابة العنصر الحاكم لسير مجرياتها ورمزا للفجوة الرقمية والتقنية بين المتحاربين فسوف تفرض نفسها من جديد بعد الحرب وستحسم النزاع على كعكة إعادة اعمار العراق أيا كانت المشروعات المطروحة هناك.
وقالوا ان النموذج الذي تسعى واشنطن الى صياغته على أرض العراق سوف يتخذ طابعا تقنيا متطورا يقوم على وضع قواعد بيانات عن كل شيء في العراق وفي المنطقة بأسرها من أجل الاستفادة منها في رسم الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة القطب الأوحد في العالم حاليا بشأن المنطقة على النحو الذي يلائم مصالحها ولا يخل بالتفوق التكنولوجي القائم بالفعل لحليفتها التقليدية اسرائيل.وفي رأي هؤلاء المحللين أيضا أن التجسس فكرة لم تعد براقة في نظر واشنطن كذريعة لوجودها العسكري بالعراق في ظل ما قدمته التكنولوجيا الحديثة من وسائل توفر عناء وتكاليف تجنيد الجواسيس التقليديين الا أن لواشنطن أسبابا أخرى تصب في صالحها أولا ثم في صالح حلفائها بعد ذلك وهو ما ستسعى الى تحقيقه من خلال شركات التكنولوجيا.ويرى الدكتور محمد سعيد عبد الوهاب عميد كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة عين شمس أن استخدام التكنولوجيا الحديثة في الحرب الأمريكية على العراق ساعد على انهاء المعارك بسرعة حيث تمت الضربات الأمريكية بناء على معلومات استخباراتية تم تجميعها باستخدام التقنيات الحديثة وهو ما جعل سقوط بغداد يأتي بالسرعة التي أدهشت بعض المراقبين.
ويعتقد أن واشنطن ستجعل الأولوية خلال الفترة المقبلة لاستخدام التكنولوجيا بالعراق في مختلف المجالات كالتعليم والزراعة والبحوث وغيرها مع الاستعانة بخرائط واحصائيات ومعلومات أكثر دقة تستخدم لاحكام السيطرة على العراق وعلى المنطقة ككل وربما تكون التكنولوجيا في هذه الحالة سببا في المزيد من التبعية للولايات المتحدة.
وأوضح أن أمريكا تراقب بالفعل رسائل البريد الاليكتروني والاتصالات الهاتفية بالمنطقة بما يجعل من المنطقي أنها ربما لم تكن بحاجة الى الوجود العسكرى للتجسس لكنه مع ذلك سيساعد في التعجيل بتحقيق تصورها واستراتيجيتها للمنطقة.هذا المعنى يؤكده الدكتور محمد فهمي طلبة نائب رئيس جامعة عين شمس والعميد السابق لكلية الحاسبات والمعلومات بالجامعة، حيث يشير الى أن شبكة الانترنت غيرت مفهوم التجسس ومن ثم لم يكن الغرض من الوجود الأمريكي بالعراق هو بالضرورة التجسس.. مضيفا أن الولايات المتحدة سوف تسعى الى اعادة بناء العراق من منظور شركات الشبكات التكنولوجية الأمريكية بما يعني ربط نقاط متباعدة المسافات بشبكة واحدة عن طريق نقطة مركزية للتحكم واتخاذ القرار.وقال ان وجود قواعد المعلومات الدقيقة ستساعد في تحقيق هذا الهدف لأن عدم الدراية بالمعلومات يجعل هناك تخبطا في اتخاذ القرارات في كل كبيرة وصغيرة.وأوضح أنه مهما كان المكسب الذي سيعود على العراق من هذه النقلة التكنولوجية فإن أكبر خسارة متوقعة هي أن يصبح العراق احدى الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن تكون الشركات التكنولوجية الأمريكية حاملة لواء البدء في تحقيق ذلك.من جهته أكد الدكتور نبيل دعبس مدير الأكاديمية الحديثة بالمعادى أن دخول أمريكا الحرب على العراق كان له هدف رئيسي هو اخراج الشركات متعددة الجنسيات بالولايات المتحدة من هوة الركود الاقتصادي الذي تعرضت له خلال الفترات السابقة والتي جاءت على غرار ما عرف باسم الأزمة الكبرى التي مرت بها أمريكا بين عامي 1929 و1932.وقال انه لهذا السبب فقد اعتبرت ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش غزوالعراق منفذا لافادة هذه الشركات العملاقة وعلى رأسها شركات التكنولوجيا لتدخل العراق تحت لافتة كبرى هي اعادة اعمار العراق.وحول السبب الذي يجعل واشنطن تسعى الى وضع قواعد بيانية جديدة حول العراق والمنطقة أوضح الدكتور نبيل دعبس أن واشنطن تسعى الى إعادة صياغة هذه القواعد لأنها تنظر بعين الريبة في مدى دقة ما ينشر من احصائيات عن حكومات وشعوب المنطقة لذا فهي تريد أن تقدم هذه القواعد البيانية الجديدة أيدي المساعدة للشركات الأمريكية القادمة باستثماراتها الى المنطقة.وأشار الى أن أسهم الشركات الأمريكية ولاسيما الشركات التكنولوجية كانت قد تعرضت لانخفاضات حادة قدرت بنحو 40 في المائة على مؤشر ناسداك لشركات التكنولوجيا خلال الفترة الماضية التي تزامنت مع الحرب على العراق ومن ثم كان كل ما يشغل بال رجال الأعمال الأمريكيين وجماعات الضغط والنفوذ بالكونجرس هو اعادة رفع أسعار هذه الأسهم من خلال ضخ استثمارات أمريكية سواء بالعراق أو الكويت وبما يساهم أيضا في تسويق المنتجات الأمريكية بعد أن سادت الاستثمارات في قطاع تكنولوجيا المعلومات خلال الفترة الماضية.
|