حوار: محمد الجبيري
تحدث الرئيس العام لنقابات عمال فلسطين الأستاذ راسم محمود البياري عن الآثار النفسية التي انعكست على العامل الفلسطيني جراء الحصار الاسرائيلي وقال: ان العمال فئة كبرى في المجتمع الفلسطيني وحيث إن معظم جوانبهم الحياتية متعلقة بالمادة الاقتصادية المجلوبة من العمل داخل الأراضي المحتلة عام 48 أو في داخل الأراضي الفلسطينية وحالياً يتعذر العمل بشكله الطبيعي في تلك المناطق بسبب الحواجز والحصار المفروض على الأراضي الفلسطينية كافة وان هؤلاء العمال عرضة دائمة للتعسف الاسرائيلي ولعل الأحداث الأخيرة والعدوان الصهيوني الذي رافق الانتفاضة التي بدأت 29/9/2000م أظهرت الصورة الحقيقية للجندي الاسرائيلي وميله وتعطشه للقتل والدمار والتخريب مسخدماً شتى الآليات الحربية بهدف تدمير البنى التحتية إضافة للحصار الجائر واستخدام سياسة التجويع وأصبح عمال فلسطين يعيشون تحت خط الفقر كل هذا ولد مشاكل نفسية لدى العمال.
ولو حاولنا ترجمة البعد النفسي لما يعانيه العامل الفلسطيني فإنه يشعر بفقدان الأمن والأمان والاستهداف الدائم وفقدان القدرة على تحقيق ذاته وهويته الاجتماعية من خلال فقد عمله وعدم قدرته على تلبية احتياجات أسرته وأطفاله على وجه الخصوص مما يدفع به الى الاكتئاب والقلق وعدم القدرة على النوم والانطوائية أو الهروب من البيت في بعض الأحيان واستخدام العنف في بعض الأحيان ضد زوجته وأطفاله أوالأشخاص في الشارع وذلك نتيجة لحالة الكبت والإحباط وقد بلغت نسبة من تأثر سلوكهم سلباً 1 ،89% من جراء الحصار وبلغت نسبة من تأثر عملهم جراء الحصار 6 ،98%.
* الآثار الاقتصادية التي انعكست على العامل الفلسطيني جراء الحصار الإسرائيلي؟
تعتبر ظاهرة البطالة من المشاكل الاقتصادية الكبرى التي يعاني منها العامل الفلسطيني ومن أخطر الأمراض الاجتماعية فقد ارتفعت من 11% عام 96م الى 49% عام 2000م بسبب الانتفاضة المباركة ومع استمرار العدوان الاسرائيلي وتشديد الحصار والإغلاق على الأراضي الفلسطينية ارتفعت نسبة البطالة الى 78% أي ما يقارب 249 ألف عاطل عن العمل وفي الربع الأخير من عام 2002م وصل عدد العاطلين ما يقارب 411 ألف عاطل وقد بلغت الخسائر الإجمالية لقطاع العمل والعمال حتى 31/12/2002م 721 ،962 ،744 ،3 دولار.
* ماذا عن دور الاتحاد في مواجهة الأزمة؟
يعمل هذا الاتحاد على التطور في كافة المجالات وإيجاد الحلول من خلال الدراسة والمعلومات، وهناك أنشطة متعددة في مقدمتها رعاية الأسرة والتوعية الأسرية وتنظيم ميزانيتها وكيفية التعرف والتعامل في حالة مرور الأسرة بظروف صعبة مثل حالات الإغلاق المتكرر والعمل على تدريب أفراد الأسرة مثل حالات الإغلاق المتكرر والعمل على تدريب أفراد الأسرة على الصناعات المحلية وتنشئة الأطفال وكيفية التعامل مع الطفل في حالة مروره بحالة نفسية غير مستقرة أو كذلك التعرف على حاجات الأسر.
وقد عمدت قوات الاحتلال منذ بداية الانتفاضة المباركة الى استخدام ورقة العمال للضغط على الشعب الفلسطيني وكسر إرادته لتقديم التنازلات ولكن عمالنا البواسل وقفوا كالسد المنيع أمام كل هذه الإجراءات ورفعوا شعار «نجوع ولا نركع».
وقد قام الاتحاد بإنشاء مركز الحاسوب وتسجيل أسماء العمال الذين تضرروا من الحصار وقصف المنشآت والورش الصناعية وتجريف الأراضي الزراعية ومنع المواد الخام من الدخول للأراضي الفلسطينية.
وكذلك قام الاتحاد بخدمة التأمين الصحي بالتنسيق مع وزارة الصحة وتشغيل البطالة المؤقتة والدائمة حيث استفاد ما يقارب من 18000 عامل وعاملة وإعفاء أبناء العمال من رسوم المدارس الحكومية بالإضافة الى المساعدات المالية التي بلغ عددها 189374 وحدة مالية، كذلك توزيع السلال الغذائية المقدمة من جامعة الدول العربية البالغ عددها 69525 وكذلك المقدمة من المملكة العربية السعودية والبالغة 200 ألف سلة.
كذلك الحملات الإعلامية عبر وسائل الإعلام لنشر البيانات والتنديد بالجرائم التي يرتكبها الاحتلال وأيضا إنشاء إذاعة صوت عمال فلسطين.
وهناك برنامج كفالة أسر العمال قامت به اللجنة السعودية لدعم انتفاضة القدس لمدة عام وهي مكرمة من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز بعد إطلاق الاتحاد حملة تبني وكفالة أسر العمال بلغ عددها 5000 آلاف عائلة.
من خلال أعمال اللجنة السعودية لدعم انتفاضة القدس قامت على تشغيل 2167 عامل عاطل عن العمل من خلال المشروعات الإنسانية التي تم تنفيذها لبناء المستشفيات والمدارس والمؤسسات الخدمية كيف تنظرون لهذه الخطوة؟.
في الحقيقة المملكة قدمت المساعدات في أكثر من مجال. المجال الأول على الصعيد الإنساني من خلال بناء المدارس والمستشفيات وبالتالي خلقت فرص عمل وخففت من معاناة العمال وأبنائهم وكان الأثر إيجابيا على مستوى العمال والأسر كذلك على سبيل المثال دفع الرواتب للعاملين في المجال الصحي من سائقي إسعاف وممرضين وأطباء وفنيين، ونحن نثمن هذا الموقف لإخواننا والمساعدات ناهيك عن ان هناك أيضا مساعدات على الصعيد الشعبي التي قدمتها المملكة في المجال الصحي من أجهزة طبية ومعدات وبناء منشآت خدمية جديدة وهذا يخلق فرص عمل إضافية.
* كيف استقبل العمال الفلسطينيون الذين تم تشغيلهم من خلال هذه البرامج هذه المبادرة وما مدى تأثيرها في أنفسهم؟
بالتأكيد عندما يكون العامل عاطلا عن العمل ولا يجد مصدر دخل ليعيل أسرته وأطفاله لأن عليه التزامات يدفعها للمياه والكهرباء وتعليم أبنائه الطلاب والتأمين الصحي وكذلك التزامات تتعلق بالحياة المعيشية أيضا فعندما يجد فرصة عمل لها انطباع ايجابي عليه وعلى أسرته وعلى سير حياته، وهذا نوع من الإنقاذ والإسعاف لهذا العامل فلو قارنا بين عامل لديه فرصة عمل وآخر لا توجد لديه هذه الفرصة فتكون لديه مشاكل صحية ونفسية وأسرية فتسبب له عدة أزمات، وكذلك هذا الشخص يصبح عبئا على المجتمع هو وعائلته، ولذلك كل نداءاتنا تصب في إيجاد فرص للعمل والتشغيل حتى يحس أنه منتج.
ونحن نيابة عن هؤلاء العمال نقدم الشكر الجزيل لكل إخواننا وأشقائنا الذين قدموا المساعدات وخاصة الإخوان في اللجنة التي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز.
* ما هي الآلية والمنهجية التي اتبعها اتحاد العمال الفلسطينيين في استيعاب هؤلاء العمال؟
في الواقع نحن نعمل دائماً كشركاء مع أصحاب العمل ومن يشرفون على العمل، فنسهل مهمة العمال وتخفيف معاناتهم فنسعى لعقد الصفقات وإبرام الاتفاقيات التي من شأنها ان تقوم بتشغيل العمال في القطاعات الخاصة أو العاملة ونحن في الاتحاد قمنا بالتعاون مع الزملاء والأشقاء بخلق آلاف الفرص للعمل في جميع المواقع المختلفة وتشغيل العمال ليست عملية سهلة فهي بحاجة الى برامج وإدارة جديدة حتى يصبح العامل منتجاً.
* في اعتقادك ما مدى أهمية هذا البرنامج من الناحية الطبية والإنسانية؟
بالتأكيد اذا نظرنا نظرة تتعلق بالنواحي المالية، فهي تصل للعمال عبر القنوات الرسمية والشعبية من أجل دعم صمودهم، فلذلك أثر جيد وذلك بفرض فرص عمل واستمراريتها واستمرار تحسين أداء المؤسسة الصحية وتم تجهيزها وتطويرها بمعدات من دعم إخواننا في المملكة العربية السعودية ولها منفعة على الشعب الفلسطيني فمنها جزء كان يعمل على مدى 24 ساعة على شفتات وجزء كان يعمل ساعات طويلة من أجل إسعاف الجرحى ومعالجة المرضى والمحتاجين، فهذه من وجهة نظرنا لمسة وفاء من إخواننا في المملكة العربية السعودية.
* ما هي المقترحات والتصورات التي ترونها لمثل هذه البرامج؟
أولاً أريد أن أعبر عن شكري وتقديري لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز على هذه الخدمات والمساعدات التي تم تقديمها للشعب الفلسطيني وإخواني في اللجنة السعودية لدعم انتفاضة القدس وأشكر الدكتور ساعد الحارثي على هذه العملية النشطة وأشكر إخواننا المتبرعين من الشعب السعودي وأقترح الآتي لم يقتصر دعم المملكة على الجانب الصحي فقط فقد قامت بإنشاء وحدات سكنية ولها عدة فوائد منها فرض فرص عمل جديدة وكذلك إسكان العديد من الأسر التي فقدت منازلها بين الهدم وأرى التركيز على هذا الجانب وإعادة إعمار ما تم قصفه وأريد أن أطمئن الإخوة المتبرعين بأن الآلية التي تم اتباعها في التبرعات وتوزيعها دقيقة، وكان الجميع يحرص على وصولها لمستحقيها سواء من إخواننا في اللجنة السعودية الذي كانوا يتابعون سير هذه المساعدات ويتأكدون من وصولها لمستحقيها ونحن نقدم لهم الشكر ونسأل الله أن يعطيهم الصحة والعافية وان يكثر من أمثالهم أو من الجمعيات الخيرية الفلسطينية..
وكذلك هنالك اقتراح تم تقديمه لسمو الأمير نايف بأن يكون هنالك إسكان للعمال الفلسطينيين الفقراء الذين لديهم 3 أبناء، فأكثر وكذلك عرضت على الأخ وزير العمل السعودي ان يكون هنالك خلق فرص عمل جديدة لأبناء الشعب الفلسطيني أو يمارس جهوده النشطة التي تعودنا عليها مع أشقائنا العرب في دول الخليج حتى يفتحوا أسواق العمل وفق المعايير التي تتفق مع امكاناتهم مع العلم اننا نعلم بأن الظروف صعبة على الجميع وإني متفائل بأن تكون نتائج هذه الزيارة إيجابية كما تعودنا.
* كلمة أخيرة؟
العامل الفلسطيني يعيش ظروفا قاسية فهنالك من باع أثاث بيته وحتى بعض ملابسه، وهنالك من باع منزله وسكن في شقة متواضعة لكي يسدد الالتزامات التي عليه وهنالك العديد من أبناء الأسر الفقيرة التي لم تستطع إكمال الدراسة نظراً لعدم مقدرتها من تسديد الرسوم وتلبية الاحتياجات.
وهذه الظروف التي سببها الحصار الاسرائيلي الذي يستمر في كثير من الأحيان ل 30 يوما متواصلا والعدوان ومنع التجوال يتحملها المجتمع الدولي..
فالأب يرى ابنه مصابا أمام عينيه لا تستطيع ان تقله سيارة الإسعاف لأنه يتم إطلاق النار عليها وكذلك اجتياح المستشفيات واعتقال جرحى ومرضى فهذه الممارسات لها أثر كبير في نفوسنا ووجهة نظرنا ان هذه الظروف وهذه الأوضاع لم تؤثر في عزيمة وإرادة الشعب الفلسطيني وفي نضاله بأن يسترد حقه والجميع متماسك على الرغم من قسوة الظروف وذلك بسبب الدعم الصادق من إخواننا وبالأخص إخواننا في المملكة العربية السعودية تجاه الشعب الفلسطيني.
|