Sunday 4th may,2003 11175العدد الأحد 3 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إنَّها.. (أمّ الهَزَائم).. إنَّها.. (أمّ الهَزَائم)..
حماد السالمي*

* ظل الرئيس العراقي السابق؛ يبشر العرب؛ بانتحار الغزاة على أسوار بغداد؛ ويعدهم بمعركة حاسمة ظافرة سماها (أم الحواسم)؛ على غرار سابقتها سيئة الذكر عام 1991م؛ الذي أطلق عليها من عنده اسم: (أم المعارك)، في حين أنها كانت (أم المهالك)..! وبين عامي 1991م و2003م؛ صدَّق البعض هذه الوعود؛ وانساقوا وراء هذه الشعارات؛ وتعلقوا بحبال من أحلام وأوهام؛ يجيد نسجها الطغاة؛ ويقع في حبائلها في العادة؛ البسطاء من الناس.
الذي حدث يوم 9 ابريل من عام 2003م؛ لم يكن سوى هزيمة فاضحة أمام جحافل الغزاة؛ لا تقل عن هزيمة عام 1991م، ويكفيها استحقاقاً لاسم (أم الهزائم)؛ أن القيادة العراقية كاملة؛ بقضها وقضيضها.. وبرأسها؛ وبطواقمها وعساكرها وكوادرها؛ اختفت من الميدان في طرفة عين..! فهل هذه هي (أم الحواسم) الذي وعد صدام أنصاره بها..؟!
* لو اقتصر بلاء الهزيمة ونتائجها على أركان النظام المنهزم؛ لما وجد الحزن سبيلاً إلى قلب واحد (صادق) في هذا الوطن العربي الكبير كله، ولكن الأذى والتدمير والخراب؛ تعدى قوات النظام وجنده ومؤسساته؛ إلى المؤسسات المدنية؛ والدور السكنية؛ فذهبت أرواح بشرية بريئة؛ وخربت بُنى تحتية وحضارية كثيرة. فعلى من تقع المسؤولية فيما لحق العراق وشعبه؛ من قتل وتدمير وخراب في هذه الحملة؛ أو فيما سبق من حروب عدمية افتعلها النظام الطائش..؟
* من المؤكد أن الجيوش التي غزت العراق في هذه الحملة؛ (جوية وبرية وبحرية)؛ قد دمرت وخربت وقتلت في العراق ما لا يرضى به أحد أبداً.. ولكن دعونا نتساءل:
* هل هذه الجيوش وحدها؛ هي المسؤولة عما وقع للعراق.؟
* بطبيعة الحال.. لا.. لأن أطرافاً أخرى في المنطقة؛ تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية في دمار العراق وخرابه؛ وقتل وتشريد أهله على مدى ثلث قرن.
* أول هذه الأطراف؛ هو الرئيس العراقي نفسه؛ لأنه اعتمد في إدارته لهذا البلد الكبير؛ الغني بحضارته وثقافته وعلومه وثرواته؛ حكماً شمولياً بوليسياً، وظل يقوده من نكبة الى نكسة؛ تحت ظلال شعارات وأوهام فارغة، فدخل به في متاهات وحروب، وقتل وتشريد، وسحق وسحل؛ لم تعرف مثله حتى أعتى الدكتاتوريات في هذا العالم؛ ثم زاد على ذلك؛ بأن بعثر وبدد ثروات شعبه العظيمة؛ على تكوين ترسانة من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والتدميرية؛ وصرف بالعملات الصعبة؛ على الدعاية المأجورة؛ التي تتخذ من تلفزات وفضائيات عربية معروفة؛ غرفاً لها، ومن رموز محسوبة عليها؛ أبواقاً رنانة؛ تطبل وتزمر لها.
* وهذا الطرف الذي هو النظام العراقي؛ هو الذي خلق من الذرائع والمبررات والحجج؛ ما يكفي لغزو بلاده؛ ويحرض على تدمير بناها التحتية.
* أما ثاني هذه الأطراف في الطريق نحو (أم الهزائم) هذه؛ فهم أولئك الأبواق المأجورون؛ الذين اشتراهم النظام من أوساط النخب الفكرية والثقافية والإعلامية، في هذا العالم العربي من الخليج الى المحيط. هذه الأبواق.. ظلت تنفخ في رأس الطاغية وهي تعلم؛ وتعلم أنها تعلم؛ أنه يسير بشعبه إلى التهلكة؛ فزادته بذلك عنجهية وغطرسة وضلالاً على ما هو عليه من ضلال وجهل. فهؤلاء.. هم في حقيقة الأمر؛ الجيش (الغازي) الثاني؛ الذي سبق جيش الغزو (الأنجلو أميركي)؛ فمهد السبل؛ وفتح الطرق؛ وأشرع أبواب بغداد أمام جحافل الغزاة؛ حتى إذا وقعت الواقعة؛ وحلت الهزيمة المتوقعة؛ ولى هؤلاء المأجورون أدبارهم؛ وخبت أصوات طبولهم؛ ولاذوا بالفرار إلى جحورهم؛ فطوتهم غرفهم المظلمة في الدوحة ولندن، والقاهرة، وعمان، ودمشق والأرض الفلسطينية المحتلة، وغيرها..!!
* أين قاسم (الجزيرة)؛ وأين حدادها ومنصورها..؟!
* لم يعد أمامهم سوى مقولات سامجة؛ وروايات سخيفة؛ ينسبونها إلى امرأة مسنة؛ يقولون بأنها كانت في حي بغدادي؛ وأنها قالت: بأن الحشود التي هي من (أوباش) الناس؛ والتي كانت تسرق وتنهب وتحرق؛ جاء بها الجيش الأميركي والكويت؛ وأنهم هم الذين حملوا هؤلاء السراق واللصوص على شاحنات كبيرة؛ فدفعوا بهم الى كافة المدن العراقية؛ بعد أن دفعوا لهم مبالغ كي يسرقوا وينهبوا المؤسسات العامة؛ والدور الخاصة، ويعيثوا في العراق فسادا..!
* يا لهذه السماجة التي لا تستغرب من أهلها..! لم يبق إلا أن يقولوا بأن العراقيين الحانقين الحاقدين على جلادهم؛ الذين حطموا أصنام وتماثيل وجداريات الطاغية؛ مأجورون؛ قد أتي بهم من الكويت أو من غيرها؛ وهذا ليس عليهم بغريب؛ وليس منهم ببعيد..! فجزيرة قطر؛ هي التي تشي بالفتنة بين الطوائف العراقية اليوم، وهي التي تتغافل عن جرائم النظام البائد؛ ومنها خزن الأسلحة في الأحياء السكنية، واتخاذ المدنيين الأبرياء دروعاً بشرية لحمايته.. كل هذا لا تراه جزيرة قطر، وترى وتسمع وتكتشف؛ أشياء أخرى غيره؛ من مثل روايات تثير الضحك والسخرية لا أكثر.
* ثم.. أين (عصوان) القدس العربي..؟! أين اختفى اليوم؟! وهو الذي ظل سنين عددا؛ بعد أن خرج من أراضي السعودية؛ صحافياً ممثلاً لجريدة محترمة فيها في لندن؛ ووقوعه في حبائل الاستخبارات العراقية؛ ظل يتحامل بترصد وتقصد واضحين؛ على البلد الذي استضافه هو وأسرته؛ وعلمه ورباه؛ وظل يؤذي هذه البلاد؛ التي لم تسىء اليه في يوم من الأيام؛ ويُحملها وحدها؛ وزر كل نائبة تحل بالعراق في العهد الصدامي؛ فلو أن ذبابة وقعت على أنف سيده الذي كان؛ وصنمه المفضل صدام؛ لقال بأن (السعودية) وحدها؛ هي وراء هذه المؤامرة الذبابية..؟!
* مالنا لا نرى هذا (العصوان)؛ بعد (9 أبريل) في فضائياته الصدامية المفضلة..؟! ولماذا فضل عليها فضائيات غربية؛ راح يبشر الأميركيين من خلالها؛ بقرب القبض على (ابن لادن)..؟!
* وأين الدكتور الجامعي؛ محمد المسفر؛ الذي (فتح) ذات يوم بغداد، ودخل قصور صدام من أوسع أبوابها، واكتشف أن قائداً شجاعاً هماماً هناك؛ يثق في نفسه، لا يعبأ بأحد؛ وسوف يلحق الهزيمة بكل العالم..! وقد أسفر هذا المسفر؛ من خلال لقاءات مبرمجة مع عشرات الفضائيات العربيات؛ عن اعجاب لا يوصف بزعيم العرب الأوحد، وسيفهم المسلول؛ وراح يوجه النقد تلو النقد؛ لدول الخليج عامة؛ و(السعودية) خاصة؛ لأنها لم تعرف قدر هذا الزعيم العربي العظيم..!
* وأين تلك الظاهرة الصوتية العجيبة في القاهرة؛ أعني مصطفى بكري، فهو منذ العام 1990م، وهو يستميت في سبيل خدمة نظام بغداد الذي رحل غير مأسوف عليه.. كان ذلك يوم كان هو مراسلاً إذاعيا لإذاعة (مونتي كارلو)؛ التي تسلط عليها الرفاق في تلك الفترة الكئيبة؛ فحولوها إلى غرفة بعثية صدامية لا أكثر.
* لقد كوفىء (بكري) مثل (عصوان)، فأصبح صاحب صحيفة بعثية يومية؛ تسبح بحمد صدام، وتخلص في الدفاع عنه؛ وفي ترويج شعاراته، وتهلل له، وتهول في وجه المعارضة العراقية.
* وأين الشيخ (البلوشي)؛ صاحب الفتاوى الذي يرى أن صدام حسين؛ (لا بأس فيه)، ما دام أنه ينازل دولة كافرة..؟!
* أين هؤلاء (الرفاق) كلهم في هذا اليوم؛ ماذا فعل الله بهم؛ وماذا تبقى لديهم في هذه اللحظة؛ من قول أو عذر في مواجهة الشعب العراقي؛ وهم الذين وقفوا ضده؛ واختاروا صف الطاغية؛ فنصبوا من أنفسهم أعداء له طيلة سنوات كثيرة..؟!
* ما هو الموقف الذي سيتخذه هؤلاء في المرحلة القادمة؛ هل يتحولون إلى صف عشرين مليون عراقي؛ رامين بكل ما سبق لهم من مواقف عرض الحائط؛ وهل يغفر لهم الشعب العراقي؛ مواقفهم المريبة السابقة مع جلادهم؛ ودفاعهم المستميت عنه..؟!
* كان المعارض العراقي الشاب؛ (التصادمي) وليس (الصدامي)؛ (فائق الشيخ علي)؛ يقول لمسفر المسفر في حوار مباشر من إحدى القنوات الفضائية قبل الغزو: (سوف ترى يا محمد المسفر؛ ماذا يحل بك وبأمثالك في قناة الجزيرة، وفي جريدة القدس؛ وفي غيرهما؛ من أتباع الطاغية صدام بعد زواله.. سوف لن يرحمكم شعب العراق أبداً؛ سوف نحاكمكم ونقتص منكم واحداً واحداً.. سوف نأخذ حقنا منكم جميعا؛ فأنتم.. أنتم الذين أجرمتم في حق شعبنا، واستنزفتم ثرواتنا؛ وأكلتم أموالنا؛ وكنتم وما زلتم كما كنتم؛ تبيعون وتشترون في قضية الشعب العراقي كما يحلو لكم)..!
* هؤلاء هم أعداء شعب العراق؛ الذين كرسوا وسائلهم الإعلامية؛ لخدمة الجلاد والطاغية؛ ومنعوها الرموز العراقية من المثقفين والمفكرين والمعارضين؛ فنجحوا بذلك؛ في تضليل الرأي العام العربي؛ لمصلحة إطالة عهد الظلم والطغيان على الأرض العراقية.

fax: 027361552

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved