لن نختلف على أن رئاتنا تخلصت من ضمور بعض أجزائها بفعل القدرة على التنفس الكامل عبر تنفس عميق يعطي للرئة حجمها الطبيعي.. ويعطيها مناعة.. بإذن الله حتى مما هو أعتى من سارس!
** وهو مناخ أحسه كل من يتعاطى العمل الصحفي والمشاركة في الرأي.. وأعتقد أنه تطور طبيعي للثقافة الاجتماعية وارتفاع مستوى الوعي وتقارب مفاهيم التفكير عند مختلف الشرائح. وهذا الهامش العالي من الحرية.. ساهم بوجود الرأي والرأي الآخر.. وسيظل العقلاء يحمدون هذا الأمر طالما أنه يدور فيما هو دون الثابت أي أنه يتعلق بالمتحول من الأمور والظواهر ذات العلاقة بالمتغيرات وليس بالثوابت..
وهذا توجه المجتمع واختياره ومن دقائق خصائص الحرية في صورتها الحديثة هي احترام اختيار الشعب واحترام الرؤية الجماعية وإعطاء المجموع حقه الاعتباري في تحديد رؤاه وسحبها على معطيات حياته..
والمثقف الحقيقي هو من يدرك هذا الأمر ويقدره ويتنفسه مع سعيه الدؤوب إلى المساهمة في تعديل المفاهيم الخاطئة حتى لو اتخذت صفة العمومية فالعبرة في النهاية هو احتكامها للثابت الذي يؤمن فيه المجتمع وليس للأكثرية في محصلتها النهائية لكن لو اجتمع الأمران بمعنى أن يكون الاختيار مرتبطاً بالثابت وكذلك وقع اختيار غالب لدى فئات المجتمع فإن ذلك يعطيه قدسية مضاعفة على المثقف المناوئ أن يعتبر المساس في ذلك من المثيرات للفتن وإثارة البلبلة والانشقاقات..
** وثقافة الاختلاف هي ثقافة مؤصلة في تاريخنا الإسلامي والفقهي فالعلماء والفقهاء يتفقون في أمور ويختلفون في أمور لكن ذلك لا ينسحب عليه مسمى تيارات وأحزاب إذ يحتكمون في النهاية إلى شريعة واحدة ومصادر تشريعية واحدة ذات مرجعية واحدة..
فالحنابلة والشافعية والحنفية والمالكية اتفقوا في الأصول واختلفوا في بعض الفروع..
ولكننا لا نستطيع أن نعطيهم صفة الأحزاب المتناوئة والمتخالفة.. لأن احترامهم للثابت واضح تماماً..
** وحين نقول إن مجتمعنا السعودي يحمل مرجعية واحدة في عقيدته وثقافته وعقله الاجتماعي فنحن نعني أن الثوابت هي منهج وسياسة الدولة وهي حفظها الله ألبست كل مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والتربوية والقضائية هذا اللبوس لإيمانها التام بصلاحية الشريعة لكل زمان ومكان فهي جامعة لكل شأن من شئون الحياة وذلك لاتصالها ومرفوعيتها إلى الله سبحانه وتعالى خالق الخلق ومنشئ الحياة..
واحترام هذا الشأن.. هو احترام للعقل الاجتماعي واختياره ونهجه وهو من أبرز سمات الديمقراطية الحديثة التي يرتمي في أحضانها بعض أصحاب الرأي دون رفع هذه الديمقراطية إلى حيث منشئها الأول وهو الإسلام الذي آمن بالحوار والاختلاف.. ولكن وفق منهجية لا تمس الثوابت.
|